من دفتر الوطن

على «حافة الظلام»

| حسن م. يوسف

عقب هجمات 11 أيلول 2001 الإرهابية على برجي مركز التجارة العالمي في نيويورك، قيل أن السينما قد تنبأت بالهجمات قبل وقوعها بثلاثة أعوام، يومها اعتبرت الأمر نوعاً من المبالغة، لكنني دهشت عندما شاهدت فيلم «الحصار» الذي ساهمت FBI وكالة الأمن القومي الأميركية في إنتاجه عام 1998، فهو يصور مجموعة من العرب المسلمين وهم يقومون بمهاجمة منهاتن حيث وقعت جريمة برجي مركز التجارة العالمي! يومها ألح عليَّ التساؤل التالي: هل تنبأ كاتب السيناريو بالهجمات الإرهابية، أم إن السيناريو نال إعجاب جهة سياسية ما، فقامت بتنفيذه؟
خلال الأسبوع الماضي شاهدت فيلماً بريطانياً أميركياً من إنتاج 2010 بعنوان «حافة الظلام» من إخراج مارتن كامبل وهو مبني على نص مسلسل تلفزيوني بريطاني بالعنوان نفسه من تأليف تروي كينيدي مارتن، كانت هيئة الإذاعة البريطانية قد عرضته عام 1985 وفاز بست جوائز. ونظراً لخطورة موضوع الفيلم اسمحوا لي أن ألخصه لكم.
في محطة ساوث ستيشن للقطارات، يستقبل المحقق الجنائي توماس كرافن ابنته إيما، التي تعود إلى بوسطن لزيارة والدها، تتقيأ إيما قبل صعودها إلى السيارة، وبينما والدها يعد لها العشاء في المنزل، تنزف دماً من أنفها وتتقيأ.
يخرج الاثنان من المنزل بنية الذهاب إلى المستشفى، وعند الباب يصرخ رجل مسلح ملثم باسم «كرافن»، ويطلق رصاصة تصيب إيما في مقتل.
في مكتب الطبيب الشرعي، يتعرف كرافن على جثة ابنته ويأخذ خصلة من شعرها كتذكار، ثم يعود إلى عمله للمساعدة في العثور على من أراد قتله. يعثر كرافن في أمتعة ابنته على مسدس فيشك أنها هي التي كانت الهدف.
يتحقق كرافن من ملكية المسدس فيجد أنه يعود لصديقها ديفيد الذي يعيش في خوف من شركة نورثمور التي يعمل هو وإيما فيها.
بعد إنكار يعترف ديفيد أنه أعطى مسدسه لصديقته كي تدافع به عن نفسها، ويكتشف كرافن بالمصادفة أن الإشعاع ينبعث من الخصلة التي قصها من شعر ابنته.
بمساعدة من الناشطة صديقة ابنته يتبين لكرافن أن إيما قد اكتشفت سراً خطيراً هو أن شركة البحث والتطوير (نورثمور) التي يديرها جاك بينيت، تعمل بموجب عقد مع الحكومة الأميركية للقيام سراً بصنع أسلحة نووية تستخدم في صنعها مواد أجنبية. والمقصود من ذلك هو أن تشير آثار تلك القنابل إلى تلك الدول الأجنبية إذا ما تم استخدامها من عملاء أميركا كقنابل قذرة.
لن أتابع تلخيص الفيلم فما يهمني منه هو فكرة قيام أميركا بصناعة قنابل نووية قذرة تستخدم في صنعها مواد أجنبية، وليس صعباً على أميركا سرقة مواد نووية من أي مفاعل في العالم، وبعدها تستخدم تلك المواد في صنع قنابلها القذرة وتعطيها لعملائها من الجماعات الإرهابية، فإذا ما استخدمتها تلك الجماعات الإرهابية، طالبت أميركا بإرسال فريق دولي للتحقيق، لتبيان الجهة المسؤولة عن الجريمة، وعندها ستدل التحقيقات (النزيهة) على أن المواد الأولية قادمة من البلد الذي سرقت منه أميركا تلك المواد النووية، وستبرر بالتالي قيامها بشن حرب نووية على ذلك البلد الذي سيكون بالتأكيد من البلدان التي لا تخضع لأميركا!
أعترف لكم أن هذه الفكرة الخبيثة جعلتني أشعر أن مستقبل البشرية على كف عفريت، والحق أنني منذ أن رأيت «حافة الظلام» وقول أستاذي جورج برنارد شو لا يكف عن الرنين في رأسي كجرس إنذار:
«كلما عشت أكثر، ازددت اقتناعاً بأن كرتنا الأرضية تلعب دور مستشفى المجانين ضمن المجموعة الشمسية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن