ثقافة وفن

المرض أبعدني قبل الأزمة.. وأشعر أني انطلقت مجدداً بعد شفائي … نورا رحال لـ«الوطن»: العمل الجيد الذي يشبهني يستفزني ولن ولم أقارن نفسي بأحد

وائل العدس :

منذ سبعة أعوام، وتحديداً منذ ظهورها في مسلسل «بيت جدي»، غابت نورا رحال عن الشاشة الصغيرة بسبب مرضها وسفرها المتكرر، قبل أن تنجح بالعودة هذا العام عبر ثلاثة أعمال تنقلت فيها بين المسرح والسينما والدراما، هكذا أدت أدوار البطولة في «أهل الشمس»، و«الأم»، و«حرائر».
الفنانة اللبنانية التي ولدت في دمشق وترعرعت فيها من أب لبناني وأم سورية خطت خطوتها الأولى درامياً بمسلسل «هوى بحري» عام 1997 وغنت شارته، قبل أن تقدم لاحقاً عدة أعمال مهمة منها «أهل الغرام»، و«أحلام كبيرة»، و«كوم الحجر»، و«سفر».
غنائياً قدمت في البداية بعضاً من الأغاني الشعبية، قبل أن تنتقل إلى الأغنية الرومانسية على اعتبار أنها تتلاءم مع إمكانياتها الصوتية فالتزمت بذلك الخط في أغلب أغانيها، وأصدرت ألبوماتها «حبك ضاع»، «أشواق المغيب»، «مين هي»، «ملكة زماني» و«دنيتي.. أحلى».
نورا رحال حلت ضيفة على صفحات «الوطن» من خلال السطور التالية:

عدت بعد غياب، لكن غيابك طال؟
لم يكن غياباً بقدر ما أسميه تأنياً ودراسة للخيارات إضافة إلى قلة الأعمال المعروضة، وأنا بطبعي انتقائية في اختياراتي، لأن الفن بالنسبة لي مهنة أمارسها بشكل اعتيادي وروتيني، وخاصة في مجال التمثيل.
أما بالنسبة للغناء فقد غبت بسبب سفري خارج سورية لعدة محطات تنقلت فيها بين مصر ولبنان واليونان، وهناك أغان قدمتها بنسختين عربية ويونانية ومنها أغنية «سلملي قلبك»، كما صورت العديد من الكليبات، ولم أتوقف.

العودة كانت عبر مسلسل وفيلم للمخرج باسل الخطيب أيضاً، هل هو الباب الذي تعودين منه؟
بالتأكيد، هذان العملان كانا باباً فُتح لعودتي، أما لماذا هو ولماذا هذا التوقيت، فلأني لم أكن جاهزة قبل ذلك، ولأنه يعرف كيف يوظف موهبتي وأثق به بالمطلق وبالمكان الذي يضعني فيه.
أول تجربة تلفزيونية كانت مع باسل الخطيب في «هوى بحري» وصادفت أنني بعد كل غياب أقف أمام كاميرته كأنه يقول لي: «لا تغيبي، استمري بالحضور».
الخطيب له مكانة كبيرة عندي وله فضل عليّ وشارك معي برسم طريقي، ويعني لي الكثير، وألتقي معه على الصعيد الإنساني والقناعات، وعلى صعيد الانتماء أيضاً وتقدير كل ما هو راق وحقيقي.

بذات الوقت كانت له أعمال أخرى ولم تتواجدي معه؟
لم أتواجد معه لأنني كنتُ غائبة، وهناك اتصالات بيننا لكنها متقطعة، وكان مرضي السبب لأنه أبعدني عن الجميع قبل الأزمة، وبعد ذلك سنوات الأزمة، لكن عندما يطلبني شخص مثله ويدعوني لأستعيد فني ونشاطي فلا أتردد لأن تأثيره لن يمحى من الذاكرة.

اعتدنا عليك أن تجمعي بين التمثيل والغناء في عمل واحد بعكس أعمال هذا العام؟
أفضّل الجمع بين التمثيل والغناء في أي عمل فني، كما أن القيمين على الأعمال الفنية السورية يرون بي دائماً الشخص المناسب الذي يجمع بينهما، لكني أثق بخيارات المخرج باسل الخطيب وبالمكان الذي يراني فيه.

برعتِ كثيراً في الأغنية الرومانسية، فهل تأطرت بها؟
الجمهور يحب أن يصنفني في هذا المكان، والرومانسية جزء مهم من شخصيتي، لكني أفضل التنويع في الألوان الغنائية، لأني أعتبر كل أغنية تجربة قائمة بحد ذاتها، وبما أنها في الفترة الأخيرة اقتصرت على الأعمال الوطنية فإني سأتجه نحو التنويع.
بكل الأحوال لم أضع نفسي في إطار الأغنية الرومانسية، فأغنية «يقطعني عليك» كانت من الأغاني التي انتشرت كثيراً ولم تكن من هذا اللون، لكني الجمهور وضعني في هذا الإطار لأنه أحبني فيه ولا أعرف إذا كان الأمر يعود لشكلي أو لطبيعة صوتي، لكن في كل ألبوماتي هناك الأغاني الشعبية والإيقاعية والطربية لكن الأغنية الرومانسية الكلاسيكية يشعر الناس أنها تشبهني أكثر، لذلك أنا أعترف أنني لم أجد الأغنية التي تعبر عني بشكل كامل.
هناك مجموعة أغان تحضرين لها، هل تعطينا تفاصيل عنها؟
هناك مجموعة من الأغاني لشعراء من لبنان هم هيثم زيات ووسام الأمير ونقولا نخلة أعدت خصيصاً لي، وهناك عدة أغنيات من كلماتي وألحاني، وهناك عدد كبير من الأغاني وهي تحتاج لوقت كبير للانتقاء لتجميعها في ألبوم واحد، ولأني لا أريد أن أطيل غيابي أكثر من ذلك عن الجمهور سأجهز أغنية منفردة منها لإطلاقها.

ما لون الأغاني التي ستقدمينها؟
ما يناسبني هي اللهجتان السورية واللبنانية، مع حضور اللون المصري واللهجة البيضاء التي تجمع الألوان الغنائية العربية المختلفة.

ماذا عن المنافسة بينك وبينك المطربات؟
لم ولن أقارن نفسي بأحد، لكني أعترف أن العمل الجيد الذي يشبهني يستفزني، وعندما أستمع لأغنية تشبهني أتعلق بها، وتحفزني لتقديم أغنية تصل لقلوب الآخرين كما وصلتني الأغنية، لكني لم أدخل بمتاهة المقارنة بيني وبين أحد، بل أقارن بين ما أقدمه وما قدمته في السابق، وأتعلم ممن أحبهم لتقديم الأفضل.

برأيك، هل ظلمت الأغنية السورية على حساب نظيرتها اللبنانية؟
لا، لكن الأغنية اللبنانية سُوقت بطريقة أصح، فاللبنانيون أبدعوا في تسويق أغانيهم ووضعها في إطارها الصحيح، ويعرفون كيف يدعمون عملهم إعلامياً لإيصال الفكرة، لدرجة أنهم ناجحون في تسويق الأغنية الوطنية حتى خارج أوقات الأزمات.
أما السوريون فيعملون بشكل صحيح لكن الإعلام لم يساندهم، والأمور الآن أفضل بكثير من قبل وبدؤوا بتسويق الأغنية السورية بشكل أفضل.
سابقاً كانت هناك قناة وحيدة، واليوم هناك أكثر من خمس قنوات كما أن الكوادر العاملة في الإعلام صارت أكثر انفتاحاً وخبرة، لذلك فإن الأغنية السورية اليوم صار لها وقع ومكانة أكثر من قبل واستطاعت من خلال الأغنية الشعبية والفنانين الرائعين أن يوصلوها إلى خارج الحدود السورية بشكل مميز.

هل هذا يعني أن الفنان السوري استطاع اليوم أن يفرض نفسه وشروطه على شركات الإنتاج؟
نعم، بل استطاع بعض الفنانين بحضورهم الرائع وانتشارهم وشعبيتهم فرض الأغنية السورية كخيار مناسب لشركة الإنتاج وليس للفنان نفسه، بل بات فنانون لبنانيون وعرب يغنون الأغاني السورية، وهناك فنانون غنوها وانتشرت بقوة على الفضائيات.
اليوم انتشار الأغنية السورية لا يستهان به، بل استطاعت إيجاد لون جديد خاص بها بدأ الآن بالظهور رويداً رويداً في الأغاني التي نسمعها كنمط أغنية «يقطعني عليك» التي حظيت بشهرة سورية وعربية، لكن اللون الجديد يحتاج لمجهود من الفنانين والكتّاب لإنجاحه وانتشاره كما فعلت الأغنية الشعبية السورية.

ببداياتك بمن تأثرت من المطربين أو المطربات؟
تأثرت بفيروز والرحابنة ووديع الصافي وعازار حبيب وأسمهان، وغيرهم من الأيقونات الفنية، أما ممن عاصرتهم في بداياتي وتأثرت بهم فهم ماجدة الرومي وجوليا بطرس.

هناك من يشبهك بالفنانة جوليا بطرس من خلال الشكل والأغاني الجادة أو الملتزمة التي قدمتها؟
صحيح، لكني لم أغن اللون الوطني إلا بعد ما بدأت الأحداث في سورية، وهناك شبه بالتوجه وبتأثرنا بطبيعة بلدنا وببيئتنا، فهي كفتاة لبنانية من الجنوب غنت لمنطقتها والتزمت بقضايا بلدها، وأنا أشبهها إلى حد ما لكنني كنت متنوعة في تقديم أعمالي، ويستفزني ما تقدمه لأنني أحبها كثيراً وأحب أعمالها وأعمال شقيقها الملحن زياد، وكان هناك سابقاً تعاون بيني وبينه لكن العمل لم يبصر النور وكان هذا الأمر في بداياتي.

غنيتِ للوطن في ظل الأزمة، ما الدور الذي يمكن تقديمه من خلالها؟
الدور يبدأ من أن أحكي لهم ما يعنيه الوطن لي، لأنني أعتقد أني أرى سورية بالشكل الصحيح لأني زرت بلداناً كثيرة وعاينت واقعها عن كثب، وأعرف ما قيمة البلد.
يجب أن أكون ككل المنتمين الحقيقيين للبلد بأن أحكي وأصف جمال وقيمة سورية وشعبها وحقيقة الغنى والتنوع الذي تحتضنه، وعن الطاقة التي أكتسبها من وجودي فيها.
مسؤوليتي أن أستمر في عملي وأن أبقى في بلدي وأن أؤكد للناس أن سورية بحاجتنا ونحن بحاجتها فالمصلحة متبادلة بين الوطن وأبنائه، وأستذكر هنا أغنية لغسان صليبا تقول «وطني بيعرفني وأنا بعرف وطني» من هنا تنبع العلاقة الحقيقية بين الوطن وأبنائه، ولا يمكن لأحد أن يعيش دون الآخر، كلنا نكوّن هذا الوطن، ويجب أن تكون أيدينا متشابكة للنهوض به.

ما الذي علينا فعله؟
يجب ألا تغلبنا الظروف، بل علينا أن نتجاوزها ونتعاطى معها بطريقة إيجابية، والتجديد والتفاؤل مطلوبان لتجاوز ما نحن فيه.
لست بوارد التنظير والعودة إلى الماضي، لأن الماضي تشبعنا منه، وليكن بمقدورنا تدارك ما يحصل ولنحسّن أمورنا.

بعيداً عن الغناء والتمثيل، سمعنا عن برنامج ستشاركين به؟
هو أحد العروض والأفكار والنصوص المعروضة، لكني لم أعتمد بشكل نهائي لعدم وجود تفاصيل واضحة عن مدة البرنامج وهدفه، ولا أعرف كيف سيكون شكله النهائي، لكن بالعموم هو برنامج للمواهب وسأكون في لجنة التحكيم، لكني لم أتخذ قراري بعد.

ما سر عتبك على الإعلام؟
لست عاتبة، لكن أزعجني تناقل أخباري بشكل مغلوط، واقتباس لقاءات وتحريفها على طريقة الصحافة الصفراء، وهناك في ذات الوقت إعلاميون تابعوني شخصياً وتواصلوا معي بشكل مباشر وكانوا منصفين بحقي.
هناك محطات في حياتي سعيت إلى نشرها لأنها تفرح الغير مثل الحب والزواج والحمل والإنجاب، أما بخصوص مرضي فكنت مصرة على التأني لأن الحديث عنه يجلب الخيبة والحزن والصدمة، لذا كنت أفضل الانتظار.

وماذا بعد المرض؟
أخذت عبرة بأن كل ما يحصل معنا في الحياة له سبب لا نفهمه في خضم التجربة، بل بعد أن نجتازها وتصبح من الماضي، لكن المفيد أني تخلصت من الخوف في حياتي لأن التجارب الصعبة تجعل الإنسان أكثر قوة وبساطة في آن واحد.
الآن بعد شفائي، أشعر أني انطلقت مجدداً وأنني عدت عشرين عاماً إلى الوراء بذات الروح والأمل والهمّة.

ما الذي توجهينه لمن غادر سورية؟
أقول: «مرجوعكم لعنا»، وستعود لسورية عاجلاً أم آجلاً، وستكتشفون أن أفضل بلد في العالم هو سورية، تمسكوا وأسسوا لحياتكم في سورية لأن النتيجة تظهر بشكل أسرع وتفيدك وتفيد البلد وتفيد الآخرين من حولك وتخرجنا بشكل سريع من مآسينا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن