قضايا وآراء

إخوان الشياطين!

| بقلم د. بسام أبو عبد الله

لم تفاجئني الرسالة المؤرخة في 6 تشرين الأول 2011 الموجهة من المراقب العام السابق لعصابة الإخوان المسلمين علي صدر الدين البيانوني، إلى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ليطمئنه فيها أن الثورجيين السوريين الجدد هم في حضن حاييم وايزمان واسحق شامير ومناحم بيغن وأرييل شارون، وفي جيبهم الصغيرة، وهم خدم لصاحب السعادة نتنياهو كما وصفه البيانوني في رسالته التي سربت ونشرت، وهي صحيحة مئة بالمئة لأن أخطر ما في هؤلاء المتأسلمين الجدد، العملاء، أنهم يكذبون وينافقون خلف ستار الدين الإسلامي الحنيف، ويطيلون ذقونهم من أجل خداع البسطاء والمؤمنين باسم اللـه والقرآن والإسلام، لكنهم مرتزقة صغار وتافهون، ومكشوفون منذ زمن بعيد، وهم ليسوا إلا قتلة ومجرمين بحق بلدهم وشعبهم.
الرسالة المذكورة أرسلت من البيانوني عبر سفير تركيا غير المقيم في كيان الاحتلال الإسرائيلي كريم أوراس وفيها يغتنم الفرصة ليهنئ ما أسماه «الشعب اليهودي« باقتراب «عيد المظلة – سوكوت» في 12 تشرين الأول، ويشكر فيها نتنياهو لإصداره تعليمات لوزرائه بأن يتجنبوا الإدلاء بأي تصريحات علنية حول ما يجري في سورية لأن ذلك سيكون أفضل خدمة يمكن تقديمها لما أسماه «الثورة السورية» خاصة أن البيانوني كما قال في رسالته كان يعتقد كما كثيرين في هذا العالم أن النظام السياسي في سورية يعيش أيامه الأخيرة!
رسالة البيانوني تكشف للرأي العام السوري أشياء كثيرة، وحقائق مهمة كنا نتحدث عنها منذ بدايات الحرب الفاشية على سورية، والتي شكل الإخوان المسلمون، أو الأصح، إخوان الشياطين كما أسماهم الرئيس بشار الأسد، المحرك الأساسي لها في التخطيط والتنفيذ والإجرام والقتل وتدمير الوطن، والرسالة تعري بشكل واضح لا لبس فيه، عمالة هذه العصابة، ونفاقها ودجلها طيلة عقود من الزمن، وسأشير في هذا المقال لبعضها بهدف المزيد من توعية شعبنا وناسنا وأهلنا ومنها:
• تأكيد البيانوني أن التنظيمات الإرهابية التي كانت تنشط في المنطقة مع الجولان السوري المحتل تتبع للإخوان المسلمين وتدار من قبلهم، وهي جماعات كما نعرف كان سلاحها موجهاً ضد الجيش العربي السوري، وضد أبناء الشعب السوري، وأما ظهرها فهو للعدو الصهيوني الذي دعم هذه التنظيمات وسلحها ونقل جرحاها لمشافيه وبإشراف نتنياهو كما كشفت عشرات الوثائق والتقارير الصحفية والدولية، وبالتالي فإن ثوار البيانوني هؤلاء، كانوا ثوار تيودور هرتزل، وأحباب نتنياهو، هكذا طمأن البيانوني صديقه نتنياهو، في الرسالة بقوله: «أرجو أن تعتبر رسالتي رسالة طمأنة لجيراننا»!
• تكشف الرسالة أن برهان غليون، العلماني المتشدد! كان الوسيط بين الحكومة الفرنسية والإخونجية عندما نقل للبيانوني رغبة أميركا وإسرائيل بأن لا تشكل أي مجموعة مسلحة في محافظتي درعا والقنيطرة بعيداً عن أنظار ورقابة عصابة الإخوان المسلمين، وأن ما سمي بالمجالس العسكرية كانت تحت إشراف جماعة الإخوان، المرتبطة بالمشروع الأميركي، الإسرائيلي ضد سورية.
• توضح الرسالة أن الإخوان المسلمين لم يعودوا ينظرون للعدو الصهيوني على أنه عدو، وإنما حسب كلام البيانوني هو شعب جار، ولذلك حرص البيانوني، وجماعة الإخوان على طمأنة الإسرائيليين من خلال مقابلة أجراها المذكور مع مراسل القناة الإسرائيلية الثانية في حزيران 2011، وأيضاً من خلال إيفاد المدعو ملهم الدروبي إلى مؤتمر نظمه الصهيوني الفرنسي برنار هنري ليفي في باريس بتموز2011 تحت شعار «أنقذوا سورية» وشارك في تنظيمه أيضاً مساعد وزير الدفاع الإسرائيلي لشؤون الصناعات الأمنية والعسكرية الكسندر غولد فارب، ولاحظوا معي أن الصهاينة هم خلف كل ترتيبات الحرب على سورية وأن البيانوني وعصابته هم أدوات رخيصة كما هو واضح من التنسيق المباشر منذ بداية هذه الحرب.
تفضح رسالة البيانوني بشكل واضح جداً أهداف الحرب على سورية من خلال إسقاط النظام السياسي فيها، واستهداف المقاومة اللبنانية، ومحاصرة إيران، وضرب كل أسس المقاومة في المنطقة، وواضح تماماً قذارة التحليل المذهبي الطائفي الذي يعكسه البيانوني في رسالته لطبيعة الصراع في المنطقة وتجاه العدو الصهيوني، فيشير إلى ما يسميه الشعب اليهودي، ويقسمنا نحن إلى مذاهب وطوائف، وكأنه لا انتماء عروبي وقومي لنا، أو كأن الصراع في المنطقة صراع مذاهب وطوائف، وهو تحليل صهيوني وأميركي وأردوغاني وسعودي روجوا له طوال سنوات الحرب على سورية لأن المخطط واحد والعقل المدبر واحد والحقيقة أن منهج تحليل نتنياهو وقادة الاحتلال يتطابق تماماً مع لغة البيانوني ومفرداته المستخدمة في رسالته!
• أما النقطة المهمة الأخيرة التي ينافق بها البيانوني فهي: أن هدف ما سماه «الثورة السورية» هو إنهاء السيطرة الإيرانية على سورية وليس فقط إسقاط النظام السياسي الدكتاتوري الطائفي، كما سماه، وهو أمر يوضح بجلاء أن البيانوني وعصابته كانوا على استعداد لبيعنا جميعاً من أجل الوصول للسلطة وأن من يتاجر بالدين وبالله في بازارات السياسة الدولية ومع أعداء بلاده بل ومستعد ليتاجر بأي شيء آخر.
خلاصة رسالة البيانوني التي أنصح القراء جميعاً أن يطلعوا عليها بقوله: «يتطلع الإخوان المسلمون السوريون إلى أن تنظر الحكومة الإسرائيلية إلى أن الثورة السورية لا تهدد مصالح إسرائيل الأمنية والإستراتيجية، ولن تفعل ذلك أبداً»!
بالطبع ما جرى في سورية طوال سنوات تسع لا يهدد أمن إسرائيل بل هو في خدمتها حتى النخاع، بل هو تهديد لأمن وحياة السوريين الذين استطاعوا بصمودهم الأسطوري وصلابة جيشهم البطل وشجاعة وحكمة الرئيس بشار الأسد أن يهزموا هذا المشروع الشيطاني الذي يظهر الآن بوضوح شديد للغاية أن الإخوان المسلمين السوريين ليسوا إلا عملاء ومرتزقة وقتلة ومأجورين ضد وطنهم وشعبهم، وأن هذه الجماعة وأدواتها يجب أن تجتث من مستقبل سورية ليس بالقوة فقط إنما بالعمل الفكري والثقافي والديني والسياسي، ومن خلال تحولنا إلى خدم لشعبنا ووطننا وأهلنا وديننا وليس خدماً لنتنياهو ورئيس المؤتمر الصهيوني الأول تيودور هيرتزل ورئيس وزراء الكيان الإسرائيلي السابق أرائيل شارون كما يريد البيانوني وعصابته إخوان الشياطين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن