ثقافة وفن

في معرض دمشق الدولي … دائرة التمثيليات في إذاعة دمشق.. تظهر صوتها في أبهى صورة

| أحمد محمد السح

مطلع العام الحالي تشكلت ورشة للدراما الإذاعية بإشراف وزير الإعلام، ونتج عنها بعد يومين مقترحاتٌ أعطت دفعاً جديداً للعاملين في هذا الفن الذين لم يكلّوا يوماً ولم يتعبوا رغم كل ما أحاط هذه المهنة من متاعب. خليةُ النحل التي لا تهدأ لم تكتف أن تصنع عسلها من رحيق الأستديو العريق في إذاعة دمشق، إنما أطلت عبر منبر معرض دمشق الدولي الحادي والستين في أسلوب يصعب أن تصفهُ إلا بالشجاعة.
بعد يوم الافتتاح، أي في اليوم الثاني للمعرض، ظهرت وجوه العاملين في دائرة التمثيليات حاملين معهم تجهيزاتهم وحناجرهم الذهبية لتنضح بالنصوص الدرامية المتنوعة. الفكرة بدت سهلةً فيما لو اعتقدنا أن الأمر سيقتصر على تسجيل الحلقات خارج الأستديو، وخارج تقنيات العزل ليكون بين لغط الناس في جناح وزارة الإعلام في المعرض.
لكن الشجاعة كانت حين انبرى الممثلون والمخرجون الإذاعيون لبث حلقاتهم عبر الهواء مباشرةً، في البداية لم ينتبه الزائرون والعاملون في جناح وزارة الإعلام إلى السبب الحقيقي وراء حضور رئيس دائرة التمثيليات المخرج الإذاعي «باسل يوسف» ومعه المخرجون «فراس محمد ومازن لطفي وإياد اسمندر» وكوكبة من نجوم الدراما الإذاعية، ولكن مع بدء الممثل أحمد خليفة ومعه الممثلان نبيل جعفر وسعيد عبد السلام بأداء تمثيلية الحكواتي، بدأ الجمهور بالتحلّق حول المنصة التي وقف حولها الممثلون للتسجيل. ومع انطلاق حلقة من برنامج «محكمة الضمير» حيث ظهر بسام لطفي ورياض نحاس وأميمة ضاهر وأمانة والي وغيرهم كثيرون ليحكوا إحدى حكايات البرنامج بدأ التفاعل الحقيقي وغص جناح الوزارة بالناس الذين باتوا يلتقطون الصور أو يصورون مقاطع الفيديو ليتشاركوها مع أصدقائهم ومنهم من بدأ ببث الحلقة مباشرة عبر تقنيات البث المباشر (الفيسبوك أو الانستغرام أو سواها) فباتت هذه الوسائل هواءات بث جديدة مضافة إلى أثير الإذاعة.
تفاعل الجمهور الذي ظن يوماً أن التمثيليات توقفت وانتبه الشبان الذين أخذتهم السوشيال ميديا بعيداً أن ثمة عالماً فنياً قائماً بحدّ ذاته يخرج من وراء المايكروفون ومازج الصوت، ينقل الفن وانفعالاته ويعطي للخيال أبعاده كلها ليحلق بالمستمع بعيداً مع الحكاية كما تفعل السينما أو التلفزيون وربما أكثر بقليل.
قد يكون هدف المشاركة في المعرض لكل شركة وجناح أن تعرض منتجاتها وتعقد صفقاتها مع المستثمرين أو المستهلكين، هذا من وجهة النظر الاقتصادية، أما دائرة التمثيليات فقد قدمت منتجها الفني على مرأى الجمهور مظهرةً لهم بمرأى العين ما يحدث خلف الباب المغلق للأستديو وكيف يقوم الممثلون والمخرجون بالابتكار المتواصل لمواكبة أحداث الحياة والمجتمع بإيمانٍ قل نظيره بأهمية ما يقدمونه، متجاهلين كل التشويش الذي يحاول أن يعكر على الدراما الإذاعية حدّ التطرف والقول بضرورة إلغائها أو الترحّم عليها.
ويبدو أن المشروع مستمر مع الدراما الإذاعية حيث ستواكب دائرة التمثيليات الحدث بشكلٍ يومي على امتداد أيام المعرض بين الساعة السابعة والتاسعة مساءً لتقدّم للجمهور شيئاً من روح المعرض، حيث تنتقل عبر الحكايات التي تقدمها الحلقات الإذاعية بشكلٍ يومي، مع ممثلين مهرة قادرين على أداء شخصياتهم والاتكاء على تاريخ فني عريق وعشرة طويلة مع مايكرفون الإذاعة حتى صار صديقهم الصدوق الذي لم يتخلوا عنه وهم في معرض دمشق الدولي فرافقهم ورافقوه بين الناس، لأنه معهم في كل ما قدموه كانوا للناس مواكبين في أفراحهم وأحزانهم وتفاصيل حياتهم اليومية. وفي كلمة حق، لابد من القول إن الدراما الإذاعية قد أضافت إلى نجاحها نجاحاً وأعطت للحضور الإعلامي صوتاً مختلفاً حاملةً معها إرثها بكل ثقله ليتوجب الاعتراف علينا: أن منتجكم يا سادة قد وصل إلى الناس من منبر جديد على مستوى محلي ودولي كما كانت الدراما الإذاعية في كل زمان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن