قضايا وآراء

روسيا لأميركا : لا تلعبوا معنا في سورية

نعيم إبراهيم :

يمكن اعتبار جلجلة صوت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اللحظة المفصلية التي تمر بها الأزمة السورية رسالة حازمة للولايات المتحدة الأميركية وحلفائها في المنطقة والعالم مفادها «لا تلعبو معنا في سورية» فبعد ما يقرب من خمس سنوات على الحرب العدوانية على سورية وصمت المجتمع الدولي عن الإرهاب الذي يستهدف الأرض والإنسان السوريين وإخفاق كل المبادرات من أجل حل سياسي، كان لا بد من خطوة حاسمة تلجم هذا الإرهاب وداعميه، تتمثل في مشاركة الدولة السورية والمقاومة بالقضاء على تنظيم داعش والميليشيات المسلحة.
التطور التصاعدي في الموقف الروسي بعد تأكيد الرئيس بشار الأسد أن لا حل سياسياً يمكن تحقيقه في سورية قبل إنهاء ظاهرة الإرهاب، سيكون له حتماً أبعاد جديدة ومختلفة لأسباب واعتبارات عديدة منها:
1- صمود الدولة السورية (جيشاً وشعباً وقيادة ومعارضة وطنية) طوال سنوات الحرب الظالمة التي تقترب من عامها الخامس.
2- بروز شيء جديد يفوق تزويد سورية بالسلاح سيقلب الطاولة على من تآمر ضدها، يتمثل في مشاركة روسية في مكافحة داعش والنصرة، الأمر الذي أكده وزير الخارجية وليد المعلم في حديث لقناة روسيا اليوم.
3- ترسيخ دور محور المقاومة في المنطقة بعد فك قواعد الاشتباك، الأمر الذي خلق أبعاداً جديدة مؤثرة في موازين القوى وتحقيق سياسة ردع قادرة على لجم المخططات المعادية على المديين القريب والبعيد.
4- إخفاق المعارضات السورية في الوصول إلى أدنى القواسم المشتركة لتوحيد صفوفها وبرامجها.
5- إصرار كثير من هذه المعارضات على رهن مواقفها لسياسات دول الاعتداء العربي والغربي، وتحقيق مشروع تفكيك وتدمير الدولة السورية (إنهاء الجيش وبث الفتنة والطائفية وتخريب الاقتصاد وإسقاط النظام وصولا إلى إشعال حرب أهلية لا تبقي ولا تذر).
6- استعداد روسيا للحوار مع الولايات المتحدة بشأن جميع المسائل التي تمثل مصلحة متبادلة، بما فيها حول سورية. ولهذا تدرس السلطات الأميركية مقترح روسيا حول التعاون العسكري في سورية. وقد أعرب وزير الخارجية الأميركي جون كيري عن أمله في إجراء مفاوضات عسكرية وشيكة مع روسيا حول الأزمة السورية، معتبراً هذه المفاوضات المرحلة المهمة التالية.
7- لا يخرج إعلان السفير الروسي في بيروت ألكسندر زاسبكين، عن وجود مبادرة للرئيس فلاديمير بوتين لحل الأزمة السورية، عن الجهود الروسية المتكاملة في سورية. وسيقدم بوتين المبادرة التي تتضمن ثلاثة مستويات خلال افتتاح الجمعية العامة للأمم المتحدة أواخر سبتمبر/أيلول الجاري وتتضمن:
ـ توحيد جميع الأطراف لضرب تنظيم داعش في سورية تحضيراً للاتفاق السياسي لحل الأزمة.
ـ دعوة القوى الإقليمية والدولية المؤثرة للضغط على المجموعات المسلحة من أجل قبول الحل السياسي.
ـ توحيد الجهود الإقليمية والدولية لوقف تمويل المجموعات المسلحة ومنع عبور المسلحين عبر حدود الدول المجاورة لسورية.
لذلك ولغيره اختارت روسيا أن تكون أكثر صراحة من أي وقت مضى باعتبارها أن الحكومة السورية الحالية رأس الحربة في الحرب على تنظيم داعش وجبهة النصرة بشكل خاص والإرهاب بشكل عام. وهي بذلك تحسم أن الحل الوحيد في هذه الحرب وضع الخلافات حول مستقبل سورية جانباً، والالتفات إلى مستقبل الإقليم والعالم في مواجهة التهديد الوجودي. وهنا كان الرئيس بوتين واضحاً بقوله إن من دمر ليبيا والعراق واليمن وأفغانستان وغيرها من بلدان العالم يريد تدمير سورية، لكنه لن يسمح بذلك.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن