ثقافة وفن

«حلم» يتحقق في صالة «ألف نون» … علي حسين لـ«الوطن»: لوحاتي ليس لها علاقة بزمان ولا مكان.. فاللوحة التي نراها اليوم لا تتغير

| سارة سلامة- تصوير: طارق السعدوني

في صالة «ألف نون» يولد الحلم متناثراً عبر لوحات حاكت الطفولة والبيت والجيران والسماء الملأى بالنجوم، ونور قمر يسطع من بعيد يرسل ضوءه بشكل خجول على الحيّ، هذا ما صوره الفنان التشكيلي علي حسين بعد غياب لسنوات، وقدم في معرض باسم «حلم» لوحات متجددة بألوان قوية ودافئة تتمازج بين الأحمر والأزرق والذهبي، يصور من خلالها المرأة والأيقونة ومدينة حلب وبورتريه لصديقه كتحية فنية، هو اليوم يعيشه حقيقة من خلال 36 لوحة زيتية بأحجام تراوحت بين الصغير والمتوسط والكبير، وعمرها بين عام 2016 حتى الآن.

ثقافتنا السورية
وفي تصريح قالت المستشارة السياسية والإعلامية في رئاسة الجمهورية الدكتورة بثينة شعبان: «سعيدة اليوم بوجود كل هذه الألوان الصاخبة وسعيدة بالحلم والحياة والأمل، هي تعبر عن ذوق الفنان ومحبته وتعبيره بأن المرأة هي جزء أساسي وجميل في هذه الحياة، ويمكن إيصال أفكار عديدة من خلالها، والحقيقة عندما أرى إعلانات المعارض الفنية في الطرقات أفكر فيما سيقوله الأجانب الزائرون في سورية، وبالتأكيد هم سيفاجؤون بعد سنوات الحرب بأننا نملك من يرسم بهذه الطريقة وبهذه الألوان وبهذه الثقافة، مستخدماً الرموز، هذه هي ثقافتنا السورية، والفنان علي يمثل حصيلة تراث ثقافي وروحي آمن بالمستقبل، ويتحدى ويتجاوز كل زمان ومكان، ويزرع للأجيال القادمة حلماً بأننا باقون ومنتجون، ولا يستطيع أحد اقتلاعنا من هذه الأرض الطيبة».

حلم الطفولة

وفي تصريح خاص لـ«الوطن» قال الفنان التشكيلي علي حسين: «إن موضوع الحلم رسمته قبل أي فنان وهو الأول في سورية والوطن العربي، وتناولت الحلم بغزارة منذ زمن طويل، هو حلم له علاقة بالطفولة وبسطح بيتنا في ليل حالك عندما كنت أتأمل السماء والنجوم، بقيت هذه الصورة في ذاكرتي لتتحول فيما بعد إلى لوحات».
وأضاف حسين: إنني «استخدمت الألوان الدافئة والمتناقضة التي تخلق عملاً فنياً جميلاً، والمرأة موجودة بقوة في أغلب لوحاتي، ارسم المرأة بعيداً من أي شيء، من الشعر إلى المنديل وكل تفاصيل المرأة الريفية وزيّها».
ويبين حسين أن: «لوحاتي ليس لها علاقة بزمان ولا مكان، فاللوحة التي نراها اليوم أو بعد سنوات لا تتغير المشاعر تجاهها، وهي بعيدة عن الأجواء المغلقة، وتكون دائماً ضمن إطار التكوين المفتوح وعناصر الهواء الطلق».
وبالنسبة للأيقونات قال حسين: «هو موضوع متعلق بتراثنا الحلبي، أما رسالة المعرض فهي: «بالتأكيد أن مقاطع الفيديو عبرت عن الحرب بطريقة أفضل من الرسم، وشاهدنا في الواقع وعلى الشاشات المأساة الحقيقية التي لا يستطيع الفنان مهما حاول التعبير خلالها بريشته بشكل دقيق، ولذلك أعتبر أن مهمتي نقل الصورة الجميلة عن الحياة، صورة فيها فرحة وألوان وحلم بأيام قادمة أجمل».

تجربة خاصة
ومن جهته قال الناقد سعد القاسم: «إن تجربة علي خاصة وفريدة ومتطورة وغير مكررة في الفن التشكيلي السوري، من خلال أشكال متعددة وغنية، فهو يعمل بواقعية يستهويها المتلقي، ويستطيع العمل على المواءمة بين الرؤية الفنية، وفي لوحاته شيء من التأمل والهدوء، وحالة تدعو للسلام والسكينة وتترجم طبيعته الحقيقية، والأيقونة هي جزء من تاريخنا التشكيلي الفني وهي مرحلة أساسية جداً، والمرأة موضوع محبب دائماً عند أي فنان تشكيلي، وهي هم أساسي للرجل وتشغل الجانب الجميل من تفكيره، وغيابها هو الذي يلفت النظر أكثر من حضورها، وأيضاً تميزت اللوحات بحضور لوني واضح، ونرى أن الفنان علي متأثر بتاريخ مدينة حلب وبالأيقونات وبالحالة الإنسانية العميقة وهي حالة موجودة عند أكثر من فنان في حلب».

التمازج والتلاقي
وبدوره قال مدير الصالة بديع جحجاح : «إنه وفي فضاء (ألف نون) استقبلنا علي حسين وهو فنان أصيل ومتجذر بالأرض، ونلاحظ هذا الشيء من ارتباطه بالمرأة وهي رمز لسورية وبهذا التجلي نحكي عن حلم الأنوثة وحلم الأرض واللون والانبعاث الجديد والخروج من هذا القبح الممارس على هذه البلاد الآمنة، والولوج إلى عالم الأنوثة من خلال اندماجها في عالم الطبيعة والحلم المسكون فيه، وفي (ألف نون) استطعنا عمل جسر من العلاقة الراقية، وهذا التمازج والتلاقي يبشر بأن الحلم يصبح حقيقة من خلال انتصارات الجيش العربي السوري والثقافة ولمسات القمر الموجودة في لوحات الفنان علي، وفي بعض الأماكن وجدنا الأنثى بشكل بروفيل جانبي أو بمواجهة مباشرة تخبرنا بسردات قصص كثيرة، وفي المحصلة هذا المحتوى يمثل سورية الجميلة والنبيلة».
وبيّن جحجاح:«أن اللون يعطي قيمة مضافة للعمل التشكيلي، والحلم عند علي حسين هو حلم ملون، وموجود من خلال المثلثات والأشكال الموشورية وكأننا داخل بنية فيها تعشيق من الزجاج الملون، وأنا بدوري لا أتحدث إلا عن الجمال وأهم ما في أعمال علي أنها تأخذك عبر الأنثى، ولأن هذا البلد عظيم ومقدس يجب أن نعمل على قيمنا الروحية وإعادة إحيائها من جديد بعيداً من الهجمة المادية في كل الأشياء ونعود إلى المشرق والدفء».

شخص متجدد
وقال الفنان التشكيلي نبيل السمان: «إن الفنان علي حسين هو من الجيل الثاني أو الثالث بالنسبة للتشكيليين في سورية، وهو إنسان مجتهد يعمل كثيراً، وتمثل المرأة والبيئة عنصرين أساسيين في لوحاته، واليوم نرى شيئاً جديداً في عمله ونعرف تاريخ تجربته، وكيف أتت وما العناصر التي يحاول أن يعتمدها بلوحته، والجديد أنه اعتمد على قياسات كبيرة إلا أن الصالة لم تخدمه كثيراً، فالأحجام الكبيرة بحاجة إلى فراغات وفضاء، إلا أن الشغل على اللون مهم والشغل على عجائن اللون كذلك، والتجربة هي بنسق واحد، نحن نعرفه ليس بعيداً كتطور للتجربة واليوم البحث عن التنويعات في اللون والبحث عن توليفات لونية جديدة وتمثل عنده شيئاً مهماً وأيضاً الضوء ولعبة الظلمة والنور في اللوحة مهمة كثيراً، وهناك شيء سعيد وهناك ألوان، ويأخذنا إلى حالة روحانية معينة وحالة تأمل تجعل الذي حدث في سورية جعل كل الفنانين يحنون إلى زمن الأيقونة».
وأضاف السمان: «هو ينتصر للإنسان الذي صبر وتحمل كل تلك الظروف لأن الذي صبر هو بمرتبة القديس، وأيضاً في بورتريه خصَّ الفنان سعد يكن بلوحة، لأن الاثنين ملونان وما يجمعهما ليس طريقة العمل إنما اللون، هي تحية من فنان إلى فنان عاصرا الزمن نفسه وكانا شهوداً على إنجازات بعضهما، وأخيراً أقول: إنه شخص متجدد وأتمنى أن يفاجئنا بأعمال تحمل الجديد دائماً».
والفنان علي حسين درس الفن دراسة خاصة وأقام 21 معرضاً فردياً داخل سورية وخارجها، وافتتح صالة سومر للفنون في حلب بين عامي 1983 و1986 ورسم الموتيفات للصحافة السورية والعربية، وصمم العديد من أغلفة الكتب وهو عضو في اتحاد التشكيليين السوريين.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن