سورية

بعد أن كشفت الاستراتيجية الروسية فشل «التحالف» وغاراته … أوباما: إما تعاون لتحقيق «انتقال سياسي».. أو ترك بوتين يغرق في المستنقع السوري..!

أطلق الرئيس الأميركي باراك أوباما إستراتيجيته المضادة للضربات الروسية. بات الكلام الطائفي واضحاً في كلامه وكلام وزير خارجيته جون كيري. لم يعد الكلام الأميركي عن معارضة ديمقراطية، بل «معارضة سنية معتدلة». هذا الجديد في الخطاب الأميركي يشف عن نوايا الإدارة الأميركية. تصوير الحملة الروسية على أنها تستهدف مكوناً سورياً لا الإرهاب والمتطرفين، تماماً باستخدام نفس عدة الشغل التي استخدمت في مواجهة حملة الجيش السوري ضد المسلحين.
أوباما أعاد تأكيده أن الضربات الروسية على من وصفهم بـ«المعارضة المعتدلة»، «لن تكون مجدية» مؤكداً رفضه التعاون مع موسكو. وفي تناقض واضح أعلن أنه سيواصل دعمه لتلك المعارضة من دون أن يحول سورية إلى «ساحة حرب بالوكالة» بين الولايات المتحدة وروسيا!. وعرض الخيار أمام روسيا على النحو التالي: إما التعاون لتحقيق «انتقال سياسي وتغيير الحكومة» في سورية أو «الغرق في المستنقع» السوري. ولم تتأخر بريطانيا عن نجدة السيد الأميركي، فأعلن وزير دفاعها أن واحدة فقط من كل عشرين ضربة لسلاح الجو الروسي في سورية تستهدف مقاتلي تنظيم داعش.
وجاءت تصريحات أوباما في مؤتمر صحفي عقده بالبيت الأبيض، رد خلاله على أسئلة الصحفيين بشأن خطواته المقبلة في سورية بعد الضربات الروسية، وسط انتقادات من سياسيين أميركيين اعتبروا أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين تغلب على نظيره الأميركي.
وقال أوباما رداً على سؤال بهذا الخصوص: إنه يعرف أن الكثيرين في واشنطن تبنوا هذه الرؤية، واعترف بأن الرئيس «بوتين ينجح في تعزيز شعبيته في روسيا»، مشيراً إلى أن «ما تفعله روسيا يسترعي الاهتمام»، واستدرك «(لكنها) لم تزدَدْ قوة بسبب ما تفعله»، نافياً أن يكون ما فلعته في سورية عملاً «استراتيجياً ذكياً»!. ومضى قائلاً: «دعم بوتين لسورية نابع من ضعف وليس قوة، وهو أرسل طائراته وطياريه إلى سورية لعدم كفاية الدعم بالسلاح والنقود».
لكن أوباما أقر بفشل بعض عناصر إستراتيجيته في سورية، مشيراً إلى أن خطة تدريب وتسليح بعض «مقاتلي المعارضة السورية» لم تتم كما يجب.
ولتوريط روسيا مع أحد مكونات الشعب السوري، اعتبر الرئيس الأميركي أن بوتين «لا يفرق بين داعش والمعارضة (السورية) السنية المعتدلة التي تريد رحيل (الرئيس بشار) الأسد». وأضاف «من وجهة نظرهم كل هؤلاء إرهابيون. وهذا يؤدي إلى كارثة مؤكدة».
وأكدت روسيا مراراً أن مقاتلاتها تستهدف في سورية مواقع تابعة لتنظيم داعش الإرهابي و«جبهة النصرة» فرع تنظيم القاعدة الإرهابي في سورية والمجموعات المسلحة المنضوية تحتهما حصراً بضربات عالية الدقة. وفي هذا السياق، صرح وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده لا تعتبر «الجيش الحر» تنظيماً إرهابياً، داعياً إياه إلى المشاركة في العملية السياسية.
وأضاف أوباما: «ضرب المعارضة المعتدلة، وهو ما تفعله روسيا، سيكون غير بناء. فهم ينحون بنا جانباً، ولا يقودوننا إلى حل الأزمة الذي مازلنا نبحث عنه»، مشدداً على أن الغارات الجوية الروسية «على المعارضة المعتدلة لن تكون مجدية»، ولم تخدم سوى تنظيم داعش.
وأكد أن بلاده «ستواصل دعم» المعارضين المعتدلين، مشيراً إلى وجود حاجة ماسة إلى «معارضة معتدلة في حال حدوث مرحلة انتقال سياسي للسلطة في سورية». وتابع قائلاً: «بخصوص دعم جماعات المعارضة في سورية، قلت سابقاً إن الولايات المتحدة لن تفرض حلاً عسكرياً، لأن النظام السوري سيقع في نهاية المطاف، وفي هذا الإطار فإن بقاءنا على علاقة مع المعارضة المعتدلة سيعود بالفائدة علينا، فعند سقوط (الرئيس) الأسد سنحتاج إلى من يجمع الأجزاء المشتتة في سورية»، من أجل إقامة دولة متماسكة ومتجانسة.
واتهم الرئيس الأميركي، روسيا «بدعم نظام مرفوض من قبل الأغلبية الكبرى للشعب السوري»، واعتبر أن الرئيس الأسد ما زال في السلطة بفضل الدعم الروسي والإيراني فقط، ونبه إلى أنه «من المستحيل إقناع الشعب مجدداً بأن (الرئيس) الأسد ما زال قائداً».
وكشف أوباما أنه أبلغ نظيره الروسي، استعداده للعمل معاً لإبعاد سورية عن الحرب لكن إذا كانت الخطة تشمل إزاحة الرئيس الأسد عن السلطة. وقال: «قلت لبوتين، إنني جاهز للعمل معه إذا أراد أن يصبح وسيطاً للحل السياسي في سورية.. ورغب في البحث مع شريكيه (الرئيس) الأسد وإيران، في انتقال سياسي». وأضاف «يمكننا أن نجلب بقية العالم إلى حل تفاوضي، لكن حلاً عسكرياً فقط يتمثل بمحاولة روسيا وإيران دعم (الرئيس) الأسد ومحاولة تهدئة السكان ستغرقهما في مستنقع».
وتابع «سنواصل الاتصال (مع موسكو) لكن لن يكون بإمكاننا تنظيم هذه المفاوضات ما لم يكن هناك اعتراف بأنه يجب تغيير الحكومة» السورية. واعتبر أن «المشكلة» هي «الرئيس الأسد والعنف الذي يمارسه على الشعب السوري وهذا يجب أن يتوقف». وتابع أوباما: «وحتى يتوقف ذلك، نحن على استعداد للعمل مع الأطراف المعنية كافة، لكن لسنا على استعداد للتعاون مع حملة روسية تحاول ببساطة القضاء على كل من لا يعجبه أو ضاق ذرعاً بالسيد (الرئيس) الأسد»، وأضاف «نحن نرفض النظرية الروسية التي ترى أن كل من وقف ضد (الرئيس) الأسد فهو إرهابي. نعتقد أن هذه نظرية خاسرة ستؤدي (بروسيا) إلى مستنقع».
وأخيراً، أكد أوباما أن «التوتر سيستمر والاختلاف في وجهات النظر سيستمر (..) لكن لن نجعل من سورية ساحة حرب بالوكالة بين الولايات المتحدة وروسيا. هذا ليس نوعاً من التنافس بين قوى عظمى على رقعة شطرنج».
وقبل يومين ذكرت الاستخبارات العسكرية الأميركية أن الطائرات الجوية الروسية في سورية لم تقصف أي قوى معارضة تدعمها واشنطن بخلاف ما زعم البيت الأبيض.
في سياق متصل صرح وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون أن واحدة فقط من كل عشرين ضربة لسلاح الجو الروسي في سورية تستهدف مقاتلي تنظيم داعش.
وقال فالون لصحيفة «ذي صن» البريطانية: إن الاستخبارات البريطانية لاحظت أن خمساً بالمئة من الضربات الروسية استهدفت مقاتلي التنظيم وأن معظم الغارات «قتلت مدنيين» واستهدفت المعارضة المعتدلة.
وأضاف: إن التدخل الروسي أدى إلى مزيد من «تعقيد» الوضع. وتابع «نقوم بتحليل المواقع التي تجري فيها الضربات كل صباح (…) معظمها ليس إطلاقاً ضد تنظيم الدولة الإسلامية».
وقال الوزير البريطاني: إن «العناصر المتوفرة لدينا تؤكد أنهم يطلقون الذخائر غير الموجهة على قطاعات يرتادها مدنيون مما يؤدي إلى مقتل مدنيين وأنهم يطلقون ذخائر على قوات الجيش السوري الحر الذي يقاتل (الرئيس) الأسد». وأضاف إن روسيا «تدعم (الرئيس) الأسد وتطيل المعاناة».
من جهة أخرى، قال فالون: إن الحكومة ستطلب تمديد مشاركة بريطانيا في الحملة الجوية ضد تنظيم داعش، معتبراً أنه «من الخطأ أخلاقياً» عدم ضرب التنظيم في سورية. وتشارك بريطانيا حالياً في قصف تنظيم داعش في العراق فقط.
وقال فالون: إن ضرب التنظيم يسمح بالوقاية من تهديد هجمات على الأرض البريطانية. وتابع «لا يمكننا أن ندع للطائرات الفرنسية والأسترالية والأميركية مهمة إبقاء شوارع بريطانيا آمنة».
(أ. ف. ب – سي. إن. إن – روسيا اليوم – اليوم السابع – سبوتنيك – الأناضول – رويترز)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن