شؤون محلية

هل ننسى زراعة القطن؟ … سورية من المرتبة الثانية عالمياً إلى 200 ألف طن إنتاجها الموسم الحالي

محمود الصالح :

تشكل زراعة القطن في سورية إحدى أهم الزراعات الإستراتيجية ويعود تاريخ زراعة القطن في بلادنا إلى الألف الرابع قبل الميلاد عندما ذكره الكنعانيون في تاريخهم حول صناعة النسيج والقطن. وتطورت زراعة القطن بدءاً من النصف الثاني من القرن الماضي حيث دخلت هذه الزراعة ضمن الخطة الزراعية في سورية وبدأت الدولة تنظم عمليات الزراعة وتدعمها من خلال أعمال البحوث واستنباط أصناف جديدة من البذور عالية الإنتاجية ومقاومة للأمراض وبمواصفات تجارية. ويشكل القطن 30% من الصادرات الوطنية السورية ويأتي بعد النفط من حيث تأمين القطع الأجنبي ويشارك في أعمال الصناعة المعتمدة على القطن نحو مليون عامل تقريباً يعملون في الصناعات التحويلية، وتصل المساحة المزروعة من القطن إلى حدود 200 ألف هكتار وتجاوز إنتاجنا من القطن في عام 2005 مليون طن وحينها سميت «رحلة المليون» أكد ذلك الخبير المهندس سليمان أحمد. وأضاف: إن القطن السوري يمتاز بميزات كثيرة أولاها طول التيلة وصافي الحليج والنعومة ما يجعله مطلوباً في الأسواق العالمية وتحتل سورية المرتبة العالمية الثانية في العالم من حيث كمية الإنتاج في وحدة المساحة، وبدأت سورية بإنتاج القطن الملون، وللأسف الشديد بعد الوصول إلى ما تحقق في رحلة المليون بدأ الإنتاج يتراجع سواء في المساحات أم الإنتاج بسبب خروج آلاف الهكتارات من الأراضي المروية من حيز الاستثمار في منطقة الإنتاج في الجزيرة وريف حلب وبشكل خاص التي كانت تعتمد على الري بوساطة الآبار بسبب ارتفاع أسعار الضخ بعد رفع سعر المازوت، ما أدى إلى تراجع الإنتاج في عام 2009 إلى 652 ألف طن والمساحة أصبحت 163 ألف هكتار، وهناك جهود كبيرة كانت تبذل لتطوير زراعة القطن من خلال البحوث الزراعية وتخصيص مديرية له في وزارة الزراعة اسمها مديرية مكتب القطن ضمت خيرة خبراء القطن في سورية وأقيم لأجله سنوياً مهرجان مركزي يقام في مدينة حلب كما نص على ذلك القانون 127 لعام 1958. ومنذ عام 1970 وحتى الآن تم استنباط أصناف جديدة من بذار القطن، بعد أن كنا نعتمد على البذار الأميركي أصبحنا نزرع الأصناف الوطنية وهي (حلب 40 و33 و90 و118 والرقة 5 ودير الزور 22 والرصافة) وهذه الأصناف أكدت موثوقيتها من خلال الإنتاج العالي ومقاومتها للجفاف وأمراض الذبول.
وفي الأعوام الأخيرة وخلال هذه الأزمة شهدت زراعة القطن تراجعاً مرعباً للأسف الشديد نتيجة عدم وجود مساحات مزروعة.
وكانت خطة الزراعة في عام 2014/192 ألف هكتار لم تتحقق إلا نسبة 40% فقط وفي العام الحالي بلغت الخطة 125 ألف هكتار ونجد تراجعاً حتى في الخطة ولم تتحقق إلا بنسبة 30% في هذا الموسم وهناك تراجع في الإنتاج تعزوه مصادر وزارة الزراعة إلى عدم تمكن الفلاحين من تسويق إنتاجهم خلال السنوات الماضية في المناطق الساخنة علماً أن الدولة قد حددت أسعار شراء القطن في العام الماضي بـ100 ل.س للكيلو الواحد وهو سعر مجز ولكن لا يمكن أن تتم عمليات التسويق بسبب عدم وجود مراكز لاستلام المحصول في محافظات الرقة وريف حلب وجزء كبير من الحسكة وهي المحافظات الأساسية في إنتاج القطن.
وإضافة إلى المسألة الأمنية هناك ارتفاع في أسعار مستلزمات زراعة القطن ابتداءً من البذور والأسمدة والعمليات الزراعية ابتداءً من الفلاحية والري والقطاف والنقل ولذلك باتت زراعة القطن في خطر كبير تحتاج إلى إعادة نظر فيها من أعلى الجهات المعنية في البلاد لأننا نخشى أن يؤدي هذا التراجع إلى تناسي هذه الزراعة الإستراتيجية على مر الزمان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن