اقتصادالأخبار البارزة

بتأخير أربع سنوات «الشعب» يناقش بيان الحكومة حول قطع حسابات الـ2011 … وزير المالية: سببه الظروف الاستثنائية.. نواب: «بل» غطاء لفساد مالي وتغطية على تقصير الإدارات بما يتنافى مع الغاية الدستورية

خصص مجلس الشعب جلسته التي عقدت بالأمس لمناقشة بيان الحكومة المالي حول قطع الحساب الختامي للعام 2011 الأمر الذي لاقى العديد من الانتقادات من أعضاء المجلس على أداء الحكومة، إذ اعتبرها بعض الأعضاء مقصرة في أدائها، وأن هناك تعمداً في تأخيرها بتقديم البيانات، وهذا يعتبر على حد قول بعض الأعضاء مخالفة للدستور. على حين سوغ وزير المالية إسماعيل اسماعيل تأخير قطع الحساب المالي بالظروف الاستثنائية والقاهرة التي تمر بها سورية، وصعوبة التوصل لأرقام نهائية لحسابات بعض المحافظات، التي يتعذر استدراكها بسبب الظروف الراهنة. إلا أن هذه المسوغات لم تقنع الأعضاء.
ولم يتوان أعضاء في مجلس الشعب عن التأكيد أن تأخير صدور البيانات غير مقبول بالمطلق وخاصة أن هناك أربع سنوات مرت على البيانات التي كان من المفترض أن تكون هي الدليل لمراقبة عمل الحكومة ووزارتها ووضع اليد على مكامن الخلل والتقصير ومكامن الفساد في تلك الوزارات والإدارات، مؤكدين أن تأخير قطع الحسابات هدفه التغطية على تقصير الإدارات في أداء مهامها كما أنه غطاء لفساد مالي بما يتنافى مع الغاية الدستورية لهذا البيان. على حين تساءل البعض عن أن احتمال أن يكون هذا التأخير «لفلفة» للأمور بالنسبة للقطع؟
رأى أعضاء في المجلس أن بيان الحكومة يمثل أرقاماً غير واضحة المعالم وخاصة أن هناك تدنياً في الإنفاق الاستثماري، إضافة إلى أن أرقام البيان المالي حول قطع الحساب الختامي لعام 2011 لا تمثل حيثيات الموازنة العامة للدولة للعام نفسه، كما أن أرقام البيان إجمالية بالكامل ولم تتضمن تفاصيل واضحة حول الأبواب والبنود والفقرات.
وأضاف آخرون: إن هناك مئات من المليارات تذهب هدراً ولو حصلت بشكل حقيقي وفعلي لغطت الكثير من عجز أي موازنة من الموازنات. مؤكدين ضرورة تفعيل دور مؤسسات الدولة في مجال التجارة الخارجية والتوجه نحو اقتصاد الحرب بما يضمن الحفاظ على الاحتياطي من العملة الصعبة ويعزز صمود المواطنين ويقوي الإنتاج الوطني، إضافة إلى الاهتمام بالقطاع الزراعي كأحد الأركان الأساسية لصمود الوطن.
وبالعودة إلى البيان الوزاري، بيّن وزير المالية أن إجمالي الاعتمادات النهائية للموازنة العامة للدولة لعام 2011 بلغت 835 مليار ليرة وبلغت نسبة التنفيذ الفعلي 82 بالمئة أي إن ما تم إنفاقه فعلياً بلغ 686.994 مليار ليرة.
وأشار إلى أن الاعتمادات الجارية في موازنة عام 2011 قدرت بـ455 مليار ليرة وتمت إضافة مبلغ 47.002 مليار ليرة عليها ليصبح مجموع الاعتمادات الجارية 502.002 مليار ليرة ووصلت نسبة التنفيذ الفعلي فيها إلى 95 بالمئة، على حين قدرت الاعتمادات الاستثمارية في هذه الموازنة بـ380 مليار ليرة وتم نقل 47.002 مليار ليرة منها وبذلك بقيت الاعتمادات الاستثمارية في الموازنة 332.998 مليار ليرة وبلغت نسبة التنفيذ الفعلي 63 بالمئة أي إن ما تم صرفه فعلياً على المشروعات الاستثمارية والتنموية بلغ 208.207 مليارات ليرة مبيناً أن الإيرادات المحلية الجارية كانت مقدرة بـ454.467 مليار ليرة، على حين بلغت الحصيلة الفعلية 358.679 مليار ليرة وبنسبة تنفيذ بلغت 79 بالمئة، على حين قدرت الإيرادات المحلية الاستثمارية بـ194.193 مليار ليرة على حين بلغت الحصيلة الفعلية 180.590 مليار ليرة وبنسبة تنفيذ 93 بالمئة وهو مؤشر واضح إلى أهمية ودور القطاع العام في تمويل الموازنة العامة للدولة.
ولفت إلى أن العجز المقدر في موازنة عام 2011 بلغ 167.448 مليار ليرة على حين بلغ العجز الفعلي 136.187 مليار ليرة أي بنسبة تنفيذ 81 بالمئة.
رئيس لجنة الموازنة والحسابات في المجلس حسين حسون كان له مداخلة انتقد فيها البيان الوزاري، مؤكداً وجود مخالفة دستورية وخاصة المادة 82 منه لجهة عدم وضوح النتائج الفعلية لما تم تنفيذه من الموازنة التقديرية بشقيها الاستثماري والجاري وذلك مقارنة مع مبالغ الاعتمادات التي تم إقرارها، مبيناً أنه تم تعديل الاعتمادات الأصلية للموازنة العامة للدولة عام 2011 من مبلغ 455 مليار ليرة للإنفاق الجاري ليصبح 502 مليار وذلك من خلال إجراء مناقلات الأمر الذي يفترض على السلطات التنفيذية توضيح كيفية إجراء المناقلات بين أبواب الموازنة من الناحية القانونية والدستورية. لافتاً إلى ضرورة تطابق المبالغ والأرقام الواردة في البيان المالي للحكومة مع مشروع قانون قطع الحسابات للسنة المالية 2011 وهي مسؤولية الجهاز المركزي للرقابة المالية ووزارة المالية التي أعدت البيان المالي الحكومي، داعياً إلى ضرورة توضيح مجريات تنفيذ الموازنة بكل مكوناتها وخاصة أن البيان يؤكد وجود خلل في كثير من جوانبه من التحليل والتوضيح ومؤشرات التقييم والأداء، مشيراً إلى أهمية أن يحدد البيان المالي جهات القطاع العام الاقتصادي والإداري في الموازنة العامة للدولة إذ لم يبين الأسباب التي أدت إلى تدني نسب التنفيذ والجهات والمؤسسات المتعثرة أو الخاسرة أو المتوقفة، كما لم يتضمن البيان تفصيلاً بالإيرادات الجارية ولا سيما بما يخص الضرائب والرسوم المباشرة، مطالباً بضرورة الاستعجال في إرسال قطع الحسابات الختامية لعامي 2012 و2013 وذلك انسجاماً مع الدستور.
وأوضح حسون أن العجز الحاصل في الموازنة يمثل ما نسبته 19.82 بالمئة من إجمالي حجم الإنفاق الفعلي الكلي وهي نسبة مرتفعة جداً حيث أصبحت عجوزات الموازنة بنيوية في التركيبة الهيكلية للموازنة وهو ما جعل الحكومة تلجأ مؤخراً إلى سياسة التمويل بالعجز لتغطية الفارق بين النفقات العامة والإيرادات بدلاً من التركيز على الاستثمار المباشر والحقيقي في القطاعات الاقتصادية الإنتاجية، داعياً الحكومة إلى اعتماد إجراءات جدية في مجال تطوير التشريعات المالية والضريبية وتحسين كفاءة الأداء الحكومي.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن