سورية

عرض القوة يتواصل في «المياه الدافئة» … رسائل روسية عسكرية: تدريبات على عملية لتحرير منطقة ساحلية من إرهابيين ومزيد من السفن الحربية إلى المتوسط … زاسبكين: كل من تصنفه الدولة السورية إرهابياً تعتبره موسكو كذلك

الوطن- وكالات :

على حين كانت مزيد من القطع الحربية الروسية تتقاطر إلى البحر الأبيض المتوسط بالترافق مع انطلاق أضخم مناورات لحلف شمال الأطلسي «ناتو» في هذا البحر منذ عقد، كان ألف جندي روسي يتدربون في شرق روسيا على «تحرير» منطقة ساحلية «استولت» عليها مجموعة من «الإرهابيين». وفي غضون ذلك، أكدت موسكو أن عمليتها في سورية «كانت مدروسة بشكل جيد مسبقاً»، وأن التركيز الروسي ينصب على القضاء على الإرهاب في هذه الدولة، وتحقيق تسوية سياسية تبقي الدولة العلمانية التي تضمن الحقوق لجميع مكوناتها، وشددت على أن «التنازلات يجب أن تكون متبادلة» من طرف الحكومة والمعارضة العقلانية.
كما طالبت موسكو جميع الدول الإقليمية والغربية بالاعتراف بأن الخطر الإرهابي لن يقتصر على سورية إنما هو خطر على آسيا الوسطى وروسيا وأوروبا وحتى على الولايات المتحدة. وفي التفاصيل، نقلت وكالة «إنترفاكس» الروسية للأنباء عن مصادر صحفية تركية قولها إن سفينتي إنزال روسيتين كبيرتين تابعتين لأسطول البحر الأسود، توجهتا إلى البحر الأبيض المتوسط عبر مضيق البوسفور التركي. وأشار المصدر إلى أنه على متن السفينتين الروسيتين حمولة عسكرية وهما متجهتان إلى ميناء طرطوس السوري حيث مركز الدعم اللوجستي لأسطول البحر الأبيض المتوسط الروسي. يأتي ذلك في حين انطلقت أمس مناورات «ناتو» في المتوسط، في استعراض واضح للقوة على أمواج المتوسط. وقبل أيام، نقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن مسؤول عسكري روسي كبير إشارته إلى احتمال أن تستخدم موسكو سفنها في المتوسط لإطلاق صواريخ على مواقع تنظيم داعش الإرهابي في سورية. وسبق أن أطلقت روسيا صواريخ كروز من طراز «كالبير» تجاه مواقع للتنظيمات الإرهابية من بحر قزوين، وعبرت هذه الصواريخ فوق إيران والعراق.
وفي سياق الرسائل العسكرية أيضاً، أعلنت وزارة الدفاع الروسية أن قوات الأسطول البحري الروسي أجرت تدريبات واسعة النطاق على عمليات الإنزال البحري في إقليم بريموريه بأقصى شرق البلاد.
ووفقاً لوكالة «سبوتنيك» الروسية للأنباء، شارك في التدريبات إجمالاً أكثر من 1000 جندي وضابط و80 آلية عسكرية ونحو 10 سفن حربية ومساندة ومجموعة من طائرات ومروحيات النقل إلى جانب عدة أسراب من المقاتلات من طراز «سو-25».
ونقلت «سبوتنيك» عن مصدر في قيادة أسطول المحيط الهادئ الروسي، أن قوات الإنزال تدربت بصورة خاصة على «تحرير» منطقة ساحلية «استولت» عليها مجموعة من «الإرهابيين». وأوضح المصدر أن عملية القضاء على «العدو المفترض» بدأت بتوجيه نيران مكثفة على مواقعه بواسطة عدة بطاريات من راجمات الصواريخ وقاذفات القنابل، قبل أن يبدأ الهجوم المباشر باستخدام عشرات الدبابات وناقلات الجنود المدرعة بعد إنزالها من السفن.
وأنجز مشاة البحرية، حسب المصدر، عملية «تحرير» المنطقة التي سبقتها ورافقتها طلعات استطلاع نفذتها طائرات من دون طيار تابعة لأسطول المحيط الهادئ الروسي. سياسياً، أكد مدير الديوان الرئاسي الروسي سيرغي إيفانوف أن قرار إطلاق العملية الجوية الروسية ضد الإرهابيين في الأراضي السورية يتوافق مع القوانين الدولية وهو مشروع تماماً.
وفي مقابلة مع وكالة الأنباء الروسية «تاس»، قال إيفانوف: «لقد شرحت من قبل السبب الذي أدركنا من خلاله أنه من الصحيح والمناسب التجاوب مع طلب القيادة الشرعية في سورية تقديم المساعدة في القتال ضد الإرهابيين من جميع الأصناف والفئات هناك»، مضيفاً إن «الوضع لم يعد يحتمل مع وجود خطر كبير يشكله آلاف المقاتلين في صفوف داعش القادمين من روسيا وبلدان رابطة الدول المستقلة».
وأوضح أن روسيا لا تتبع أي «طموحات سياسية خارجية» في حالة سورية بالذات، مشيراً إلى أن كل الخطوات التي اتخذت بخصوص العمليات العسكرية كانت مدروسة بشكل جيد مسبقاً ومتفقاً عليها مع القائد العام للقوات المسلحة (الرئيس فلاديمير بوتين).
وشدد المسؤول الروسي الرفيع على أن روسيا اتخذت كل الإجراءات المناسبة لحماية فريقها الجوي في سورية. واستطرد موضحاً: «لن أقول إن هناك خطراً جدياً من هجوم قد يهدد الفريق الجوي الروسي، ولكن نظرياً كل شيء ممكن وقد تم اتخاذ كل الاحتياطات» لافتا إلى أن القوات الروسية لن تشارك في عمليات برية فقد أعلنا ذلك من البداية وبعبارات واضحة جداً. ورداً على ما قيل عن الخسائر المتوقعة في صفوف الجنود الروس، قال إيفانوف «أفضل أن أكون أكثر لباقة وأتجنب تعداد الجنود من مشاة البحرية الأميركية الذين قتلوا في العراق وأفغانستان».
وحول حشود اللاجئين المتجهين من الشرق الأوسط إلى أوروبا، حذر إيفانوف من إمكانية اندساس عناصر نائمة بين اللاجئين للقيام بأعمال إرهابية في الوقت المحدد.
وتعليقاً على آفاق التسوية في سورية، أشار مدير الديوان الرئاسي الروسي إلى إمكانية «محاولة الاتفاق مع المعارضة العقلانية، والتنازلات يجب أن تكون متبادلة».
من جانبه بيّن السفير الروسي في لبنان الكسندر زاسبيكين أن الخيار السياسي لحل الأزمة في سورية، يتعلق بالجهود التي تبذل لترسيخ الحوار بين الدولة والمعارضة السورية، وأوضح في مقابلة نشرت أمس، نقلت وكالة «سانا» مقتطفات منها، أن روسيا تركز على أهمية القضاء على ظاهرة الإرهاب بكل تفرعاتها وتسمياتها ومغادرة الإرهابيين لسورية والوصول إلى تسوية سياسية تبقي سورية الدولة العلمانية التي تضمن الحقوق لجميع مكوناتها.
وأكد زاسبكين أن كل من «تصنفه الدولة السورية إرهابياً، تعتبره موسكو إرهابياً». ودعا، جميع الدول الإقليمية والغربية إلى الاعتراف بأن الخطر الإرهابي لن يقتصر على سورية إنما هو خطر على آسيا الوسطى وروسيا وأوروبا وحتى على الولايات المتحدة. وانتقد اقتصار غارات التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة على تنظيم داعش الإرهابي فقط دون المجموعات الإرهابية الأخرى، مشيراً إلى أن الدول الغربية تورطت في النزاعات في المنطقة بأشكال متنوعة من المشاركة الأميركية المباشرة في غزو العراق عام 2003 وانتهاء بعمليات ناتو في ليبيا والحرب في اليمن وسورية وتسليح وتمويل الإرهابيين في حين تطرح روسيا من البداية موضوع محاربة الإرهاب كهدف أساسي.
ولفت السفير الروسي إلى أن «الغرب فقد الأخلاقية تماماً وليس بمقدور هؤلاء أن يعلموا الناس في المنطقة كيف سيتصرفون فهم يمعنون بالكذب ويتهمون الأنظمة في المنطقة بأنها مسؤولة عن الانتفاضات والتظاهرات في حين أنهم أتوا بالإرهاب إلى الشرق وأوصلوا السلاح للإرهابيين».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن