قضايا وآراء

الدائخون في قعر الزجاجة.. هل تنقذهم الأوهام..!؟

عبد السلام حجاب :

بدا واضحاً أن القمة السورية الروسية التي انعقدت في موسكو بين الرئيسين بشار الأسد ونظيره الروسي فلاديمير بوتين قد حسمت ما أثير من لغط وتكهنات داخل الأروقة السياسية والعسكرية لحلف واشنطن في الحرب على سورية ولاسيما ما يتعلق بمسألتين.
1- مواصلة التعاون العسكري والسياسي في محاربة الإرهاب حتى القضاء عليه، كمقدمة لابد منها للحل السياسي للأزمة في سورية.
2- أهمية توحيد الجهود الدولية الصادقة لمحاربة الإرهاب على قواعد القانون الدولي والشرعية الدولية بعد أن أصبح يشكل تهديداً خطيراً للاستقرار والأمن والسلام الدوليين.
وإذا كان في مقدمة ما تعنيه هاتان المسألتان هو أن أي كلام آخر محض هراء وأضغاث أحلام، وأن أقصى ما يستطيعه حلف واشنطن، البحث عن مخرج ينقذ الطرف الغربي في فرنسا وبريطانيا، وأنظمة حكم تابعه مثل العثماني السفاح أردوغان وحكام بني سعود ومشيخة قطر، للخروج من قعر الزجاجة حيث الدوخان والعبثية السياسية والعسكرية، فمن المؤكد أنه لم يعد من الممكن أميركياً اللعب على مفردات الوقت والحلول بعد أن أصبح الهجوم الصادم والمتمكن العنوان الأبرز لمحاربة الإرهاب في الميدان السوري. وهو ما أشار إليه الرئيس بوتين بأنه لا يجوز التلاعب بالكلمات وتصنيف الإرهابيين بين معتدلين وغير معتدلين..
وأكدت الخارجية الروسية أنه يجب وضع حد لظاهرة تزويد الإرهابيين في سورية بالأسلحة من الخارج والتي لا تزال مستمرة.
ويمكن القول إن الوزير الروسي لافروف أبلغ نظيره الأميركي كيري في لقاء فيينا الذي انضم إليه لاحقاً الوزيران التركي والسعودي، بالحقائق العسكرية الميدانية لمشاركة القوى الجوية الروسية إلى جانب القوات المسلحة السورية في محاربة الإرهاب وبالثوابت السياسية التي تمخضت عن قمة الرئيسين الأسد وبوتين، وفي المقدمة منها:
1- إن الكلمة الحاسمة فيما يتعلق بمستقبل سورية هي للشعب السوري وحده الذي يقرر الحل السياسي من دون تدخلات خارجية أو أجندات إرهابية.
2- إن النصر على الإرهاب الذي تستهدفه سورية منذ أكثر من أربع سنوات ونصف السنة، يتقدم كشرط لانطلاق عملية سياسية تتيح للسوريين تحقيق خياراتهم السياسية والاجتماعية الوطنية.
3- يجب على الأطراف الداعمة للإرهاب بقيادة الولايات المتحدة أن تتعامل مع الجهد السوري والروسي عسكرياً وسياسياً كحلفاء في محاربة الإرهاب على قواعد من النزاهة والجدية، بحيث تسقط من حساباتها الأحلام الطوباوية والأجندات السوداء التي يتم بناؤها وفقاً لمصالح الاستثمار بالإرهاب.
4- إن التزوير الإعلامي والسياسات المزدوجة المعايير الأميركية فقدت القدرة على التأثير بعد أن دمرت أميركا أحد الأسس الرئيسة للأمن الدولي بذريعة الحظر النووي الإيراني كما أكد الرئيس بوتين أمام مؤتمر فالداي الدولي في سوتشي. وإن هدف العملية العسكرية هو القضاء على الإرهاب الذي يعرقل الحل السياسي كما أكد الرئيس الأسد.
5- إن التعاون السوري الروسي عسكرياً وسياسياً في محاربة الإرهاب أحدث نقلة نوعية في هذا المجال بما يفرض نقل قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمحاربة الإرهاب من رفوف المنظمة الدولية إلى التنفيذ العملي الملزم وفق الفصل السابع، بالتوقف عن دعم الإرهاب وتصدير الإرهابيين وتجفيف منابع ومصادر التمويل، وهو الأمر الذي يتطلب البناء على هذا التعاون وفقاً لقواعد الشرعية الدولية.
وإذا كان منطقياً في ضوء ذلك أن يعرب الوزير لافروف بتصريح لاحق عن استعداد موسكو للتعاون مع واشنطن في محاربة الإرهاب داخل سورية، فإنه منطقي أيضاً لو أدرك الوزير كيري أن الأوهام المريضة وحبال أحلام اليقظة لا يمكن لها إنقاذ أحد وإخراجه من قعر الزجاجة.
ولا سيما أن الرئيس بوتين أكد للرئيس الأسد أن العمليات الجوية الروسية سوف تتواصل على وقع تقدم القوات المسلحة السورية وسلاحها الجوي على الأرض.
وعليه فإن سؤال المراقب السياسي للتطورات العسكرية في الجغرافيا السورية لمصلحة القضاء على الإرهاب بعيداً عن التصنيفات الأميركية وثم للحركة السياسية المناورة التي قام بها الوزير كيري ومعه وزيران من حلف واشنطن هما التركي والسعودي في جانب بلقاء الوزير الروسي لافروف في فيينا على الجانب المقابل، ومفاده هل يمكن لهذا اللقاء أن يفتح ثغرة لبصيص ضوء لا تغشاه نزعة تآمرية لدى أطراف هذا الحلف وحسابات الخسائر في نهاية المطاف وقد اقترب أوانه!؟ وهل يمكن أن يكون بوابة لتقليص حجم الافتراقات الروسية الأميركية بالقضاء على الإرهاب أولاً كبداية لعملية سياسية يقررها السوريون أنفسهم!؟ رغم أن الواضح هو أن اللقاء كان محطة للتشاور بحسب لافروف ومؤكداً أهمية حضور مصر وإيران في اللقاء القادم فأجرى اتصالاته اللازمة بهذا الاتجاه.
ليس جديداً القول إن تحالف واشنطن الداعم للإرهاب ويستثمر فيه لا يجد مانعاً سياسياً أو أخلاقياً من مواصلة سلوكه المناقض للشرعية الدولية لتحقيق مكاسب على حساب الحقوق الوطنية السيادية للسوريين، ولكن في المقابل يصبح ضرورياً التذكير بالمواقف الروسية حيث قال الرئيس بوتين لشبكة تلفزيونية أميركية: إن تقديم دعم عسكري لكيانات غير مشروعة يتعارض مع مبادئ القانون الحديث وميثاق الأمم المتحدة مؤكداً أن دعم بلاده لسورية والرئيس الأسد ينسجم مع ميثاق الأمم المتحدة وهو ما أكده الوزير لافروف بأن الموقف الروسي مبني وفقاً للقانون الدولي للتوصل إلى تسوية سياسية للأزمة في سورية، ومما لا شك فيه أن السوريين جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد يكتبون بصمودهم الأسطوري وتضحياتهم البطولية صفحات فارقة في تاريخ سورية والمنطقة والعالم وباتت تجلياتها على عنوان جعل 2016 عام الانتصار وهو ما تؤكده مواقف الحلفاء والأصدقاء الصلبة والمتصاعدة للقضاء على الإرهاب والتصدي لأجندات داعميه والثبات خلف الإرادة الوطنية السورية في دحر الإرهاب وبناء مستقبل سورية المشرق.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن