عربي ودولي

«عاصفة الحزم» دمرت كل شيء إلا الحوثيين و«داعش» وملايين اليمنيين يدفعون الثمن

نفذ التحالف السعودي عملية جديدة لإنزال أسلحة للمقاتلين الموالين للرئيس عبد ربه منصور هادي في جنوب تعز، على حين استمرت الغارات على مواقع الحوثيين في صنعاء والحديدة وتعز وإب وصعدة.
ودخلت عاصفة الحزم منذ يومين شهرها الثامن، لكن نتائج تلك العمليات العسكرية لم تكن بمستوى التوقعات، فالحوثيون وأتباع الرئيس السابق علي عبد اللـه صالح ما زالوا قادرين على الصمود في حين يدفع الملايين ثمناً باهظاً لهذه الحرب التي لا تلوح في الأفق مؤشرات على انتهائها.
صحيح أن العمليات العسكرية للتحالف الذي تقوده السعودية استطاعت تحرير معظم محافظات جنوب اليمن من سيطرة الحوثيين وقوات صالح، لكن الحرب في المقابل دمرت كل شيء من مدراس، وطرقات وجسور ومبان ومستشفيات ووفرت مناخاً ملائماً لازدهار الجماعات الدينية كـ«داعش» والتيارات السلفية أيضاً.
مع بدء العمليات العسكرية قيل إن الحرب لن تزيد على ثلاثة أشهر، لأن إطالة أمدها ليس من مصلحة اليمنيين في المقام الأول والذين يعانون أصلاً من مشاكل سياسية واقتصادية وأمنية متعددة، ولا من مصلحة دول التحالف لأن الإطالة ستجعل اليمن مستنقعاً للسعودية يصعب عليها الخروج منه.
اليوم والحرب تدخل شهرها الثامن بينما الحوثيون وصالح مستمرون في تحدي قوات التحالف، ويخوضون مواجهات في أكثر من منطقة، في حين يدفع أكثر من 21 مليون يمني ثمناً باهظاً.
ومنذ ثلاثة أشهر مضت وبعد إخراج الحوثيين وقوات صالح من عدن ولحج وأبين، لم يحقق التحالف أي انتصار جديد باستثناء الانتصار الوحيد في مأرب حيث تم تأمين عاصمة المحافظة على حين ما يزال القتال دائراً في 3 من المديريات يسيطر عليها الحوثيون وقوات الرئيس السابق.
الحال كذلك في تعز، إذ إن قوات التحالف اكتفت بالسيطرة على جزيرة بريم التي تتحكم بمضيق باب المندب، وجزء من الشريط الساحلي المقابل، واعتمدت على البوارج الحربية في قصف مواقع وتجمعات الحوثيين في ميناء المخا دون أن يواكب ذلك أي تقدم على الأرض، كما ترك للمسلحين المؤيدين للرئيس هادي مواجهات الكر والفر مع الحوثيين وقوات صالح وسط مدينة تعز ومناطق ريفية أخرى، واقتصر دور التحالف على الغارات الجوية.
وبقراءة سريعة لمجريات القتال سنجد أن التحالف تفوق عسكرياً وبشكل كبير في الجو والبحر على الحوثيين وتمكن من تدمير جزء كبير من ترسانة الأسلحة التي جمعها الرئيس السابق، لكن على الأرض ما يزال هناك عجز واضح في إدارة المعركة البرية إما بسبب الخشية من وقوع خسائر كبيرة في صفوف قوات التحالف في حال توغلها في المرتفعات الجبلية لليمن، أو لأن التشكيلات المسلحة المناهضة للحوثيين لم تتحول بعد إلى جيش نظامي تزول معه مخاوف تزويدهم بالأسلحة الثقيلة والعتاد العسكري، بعد التجربة المريرة للتحالف في محافظتي عدن وأبين ولحج حيث ذهب جزء من الأسلحة الثقيلة إلى جماعات غير نظامية وأخرى متطرفة.
ويخطئ التحالف إذا توجه نحو تأمين الحدود السعودية والشريط، الساحلي وراهن على إيجاد حرب أهلية طويلة داخل اليمن، لأن من شأن ذلك القضاء الفعلي على أي آمال استعادة الدولة في البلاد، وسيفتح الباب أمام الجماعات الدينية بمختلف توجهاتها لتتصدر المشهد، وتبدو في الأفق البعيد مؤشرات على إمكانية حدوثه، فتقدم القوات السعودية ومعها القوات الإماراتية والقطرية نحو تأمين المحافظات الحدودية مع المملكة والاكتفاء حتى الآن بالسيطرة على المناطق الساحلية لمحافظة تعز وتشديد العمليات العسكرية في سواحل محافظتي الحديدة وحجة لا تعكس سوى رغبة السعوديين في إبعاد خطر الحوثيين وصالح عنهم والتخلص أيضاً من عبء بقاء الحكومة اليمنية في الرياض.
وإذا ما قدر لهذا التوجه أن يتم وتعود الحكومة إلى عدن لممارسة أعمالها ومن ثم إدارة حرب داخلية مع الحوثيين وصالح، فإن اليمن مقدم على حروب طويلة الأمد، ستتوشح برداء مذهبي وجهوي، بمقدورها أن تمنع إقامة دولة مركزية، وأن تدفع بهذا البلد إلى مستنقع القتال الطائفي الذي أصاب أكثر من بلد ومزق كيانه.
روسيا اليوم

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن