قضايا وآراء

رصيد أفخاخ تحالف واشنطن… إلى أين وكيف..!؟

عبد السلام حجاب :

يبدو أن مهلة الأسبوعين التي جرى الإعلان عنها لعقد الجولة الثانية لاجتماع فيينا الموسع الذي عقد اجتماعه الأول وفقاً لمعطيات عالم متعدد الأقطاب، ستكون فرصة لاختبار قدرة تحالف واشنطن كطرف في الصراع القائم، بمدى التزامه ببنود البيان ألذي اعلن عنه الوزيران الروسي لافروف والأميركي كيري في مؤتمر صحفي مشترك شارك فيه المبعوث الأممي إلى سورية دي ميستورا.
ولم يكن مفاجئاً للمراقبين أن تسود مقر الاجتماع شكوك حول جدية الالتزام المفترض مصدرها دوائر سياسية لواشنطن وأطراف حلفها جراء الحقائق التي تكشفت ومن بينها:
1- أن عالماً متعدد الأقطاب أصبح واقعاً يفرض حضوره في حل المسائل والأزمات استناداً لمبادئ وقرارات الأمم المتحدة، وعلى خلفية الصمود السوري وتمسكه بحقوقه الوطنية السيادية.
2- تمكن القطب الروسي من انتزاع المبادرة السياسية والعسكرية وتحقيق اختراقات قلبت موازين القطب الأميركي وحلفه سواء في مسألة محاربة الإرهاب كأولوية لأي حل سياسي في سورية، لا شأن لغير السوريين وقرارهم الوطني فيه أو بحضور إيران في الاجتماع كشريك في تحقيق الأمن والاستقرار وهو أمر لم يكن ممكناً في مواقف حلف واشنطن بالحرب على سورية.
3- وضع واشنطن وحلفها مع الإرهاب كطرف في الصراع السياسي والعسكري في سورية: أمام فرصة الاختيار بين الشرعية التي يمثلها الجهد السوري والروسي والدول المساندة سياسياً في محاربة الإرهاب والقضاء عليه وبين أن تظل في خندق الإرهاب الذي لن يحقق مكسباً سياسياً بقدر ما يزرع من دمار فكري وميداني لا يمكن حصره في جغرافيا محددة، بل يتمدد داخل المنطقة وخارجها.
وما من شك أن ما أفصح عنه الوزير كيري عقب اجتماع فيينا الموسع وهو أنه سينقل الأفكار التي بحثها مع الوزير لافروف حول مكافحة الإرهاب إلى واشنطن لبحثها والإعلان عنها، موقف يثير الشبهات بعد أن أعلن الوزير لافروف في المؤتمر الصحفي المشترك «لقد اتفقنا على مكافحة الإرهاب ووضع مجموعات أخرى على لائحة الإرهاب» ما يعني بصورة مؤكدة أن السياسة الأميركية مزدوجة المعايير لديها فائض من الأفخاخ تشكل رصيداً لدعم الإرهاب والحلف الذي تقوده، وكشف عن مساره الانتهازي المناقض لبنود بيان فيينا إعلان الرئيس الأميركي أوباما، إرسال قوة عسكرية برية لمساندة المجموعات الإرهابية التي تصفها واشنطن بالمعتدلة، للعمل داخل الأراضي السورية، وذلك بدل أن ترفع واشنطن يدها عن قرارات الشرعية الدولية المتعلقة بمحاربة الإرهاب واعتبر ريابكوف نائب الوزير لافروف «أن مسألة استخدام القوة العسكرية بأي شكل من دون موافقة دمشق هو أمر غير مقبول بالنسبة لنا». وأكدت الخارجية الروسية «أن الصيغ أحادية الجانب لا يمكن أن تساعد في حل الأزمة في سورية».
لقد بات من الثابت أن الإرهاب خطر يهدد الجميع وأصبحت ضرورة محاربته مسؤولية تتطلب جهوداً دولية وفق قواعد ثابتة يتم التنسيق لإنجاحها على قاعدة القانون الدولي أكدها بيان فيينا الموسع، وعليه فإن طريق محاربة الإرهاب لا اجتهاد فيها ولا تراجع بشأنها وهو ما يؤكد في الميدان تقدم الجيش العربي السوري وضربات سلاحه الجوي بمشاركة شرعية منسقة مع القوات الجوية الروسية، ولعل النتائج التي تتحقق في سياق القضاء على الإرهاب تضع الجميع في صفوف الرابحين، وليس فقط سورية وروسيا وطهران وبغداد، الذين يمثلون حلفاً في محاربة الإرهاب ولعلها النتائج التي مكنت من التوصل إلى بنود بيان فيينا. بوضع مبادئ محاربة الإرهاب كمطلب أساسي، وأن الشعب السوري هو صاحب الحق الوحيد في تقرير مستقبله السياسي وأن أي حل يجب أن يتم بين السوريين ووفقاً لقرارهم الوطني والسيادي. وكشفت أن حكاماً في دول حلف واشنطن مثل الفرنسي هولاند والبريطاني كاميرون، يعانيان ضياعاً سياسياً وفراغاً إيديولوجياً وحكاماً آخرين مثل العثماني السفاح أردوغان وبني سعود ومشايخ قطر يعيشون على صفيح ساخن من الأزمات الداخلية والخارجية ما يجعلهم جاهزين لأداء أي دور إضافي تطلبه أميركا للقيام بتسويق الأفخاخ التي تحتفظ بها لإعادة التموضع واستعادة جزء من الأحلام والمشاريع الفاشلة ما يطرح أسئلة أمام واشنطن ودورها القادم في تأزيم الصراع وتعطيل الحلول الممكنة بجعل الإرهاب مقصلة لحقوق الشعوب وإرادتها الوطنية ما دامت خارج نفوذها ومصالحها. ومن بين الأسئلة ما يلي:
1- هل بدأ تحالف واشنطن البحث عن سبل تظهير رصيدها من الإرهاب عبر أشكال من الإجراءات مثيرة للاستغراب والاستفزاز تضع عصي حلفها الدامية في عجلة اجتماع فيينا الموسع في اجتماعه القادم!؟
2- ماذا ستفعل أميركا بشأن المدرجين على لوائح الإرهاب وما يمكن أن يظهر من لوائح بأسماء تنظيمات إرهابية أخرى يمكن إدراجها ضمن قوائم الإرهاب الدولي كما أعلن لافروف!؟
3- كيف يمكن لأميركا وحلفها تأكيد أن الإرهاب كارثة متدحرجة في حين تنام على رصيد من الأفخاخ التي يشكل الإرهاب أحد أهم أدواتها للنيل من سورية والمنطقة، وماذا إذا ضعف التحكم وانفجرت!؟
4- هل سيبقى الرئيس أوباما أسير عقدة انهيار القطبية الأحادية فلا يضم جهوده السياسية إلى جانب جهود بوتين العسكرية والسياسية في محاربة الإرهاب؟ وهل التعويض بالانخراط الصادق أقل أهمية من مخاطر الإرهاب إلا إذا كان هو من يصنعه بأجندات تفيد سياساته وإن بصورة مرحلية، ما دام لم يعد بمقدوره في ظل المتغيرات والحقائق الجديدة تغيير أنظمة أو إخضاعها، والتحكم بمصير شعوبها كما هو الحال في سورية والعراق وربما بلدان أخرى.!؟
وإذا كان من السابق لأوانه موضوعياً الحكم على مخرجات اجتماع فيينا الموسع رغم أهمية البنود المدرجة في بيانه الختامي. فإن المرجح هو أنه لم يكن مطلوباً من هذا الاجتماع أكثر مما تحقق كبداية لمسار سياسي وسط صراع محتدم.
ومن المؤكد أن السوريين جيشاً وشعباً بقيادة الرئيس بشار الأسد قد اتخذوا قرارهم الوطني بمساندة الأصدقاء والحلفاء. ويحققون في الميدان ما لن تستطيع تحقيقه المناورات السياسية وأفخاخ الإرهاب، والآمال بالنصر القريب معقودة على رجال الحق في الميدان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن