قضايا وآراء

لو كانت «الميادين»…!!

محمد أحمد الخبازي :

لو كانت «الميادين» قناة تافهةً، وليس لها حضور طاغ في المشهد الإعلامي العربي والعالمي، لَتُرِكَ لها الفضاء مفتوحاً، ولَضُخَّت لها الأموال الخليجية على شكل هبات أو إعلانات، ما لم تُضَخّ لغيرها!!.
ولو كانت «الميادين» من القنوات التي تُعنى بهزِّ الخصور، لا بهز العروش، وبقضايا أصحاب السمو والمعالي والكراسي، لا بقضايا المواطن العربي المصيرية، وحقوقه في الحياة والحرية والكرامة، والعدالة الاجتماعية، لاحتلت الصدارة لدى أولئك، ولكانت قناتهم المفضلة.
ولو كانت «الميادين» تعمل على تسطيح الثقافة لا تعميقها، وتجهد لاجتثاث الجذور الثقافية العريقة في الأمة العربية، وإطفاء شموسها الساطعة، من خلال تهميش كواكبها ونجومها المتلألئة في سماء العالم، وتجاهد لبث ثقافة الخنوع وتكريس أدب الذل وموسيقا الانحطاط، والرسم المبتذل، والفن الهابط، لكانت القناة الأولى في المجتمعات المظلمة، التي لا يريد لها حكامها الظلاميون سوى «الرتع» في الظلام!!.
ولو كانت «الميادين» من القنوات التي ترسخ الهزائم والانكسارات، وغير منحازة إلى المقاومة بكل أشكالها وصنوفها وأنواعها، مقاومة أعداء الشمس والحرية، ومغتصبي أرضنا العربية، لكانت خير قناة فضائية!!.
ولو كانت «الميادين» من القنوات الفتنوية، التي تبث سمومها الطائفية والمذهبية الحاقدة على مدار الساعة، وتنتهج الخطاب التحريضي في أدائها الإعلامي، وتهدف إلى نشر بذور الشقاق والاقتتال العرقي في المجتمع العربي، لكانت سيدة الفضائيات!!.
ولو كانت «الميادين» قناة إباحية، تدغدغ المشاعر وتخاطب الغرائز الجنسية، وتُسِرّ أصحاب الشماخات، لكانت أهم وأروع قناة لدى أولئك التافهين.
ولكن، ولأن «الميادين» التي أطلقت بثها منذ 11 حزيران عام 2012 من بيروت عاصمة الجَمال والحرية والحب والنور وثقافة الحياة الحقة، لا من إحدى عاصمة الجِمال والقمع والبغض والظلام الداكن البهيم، وأسست حضوراً طاغياً خلال مسيرتها في البث الفضائي العربي والعالمي، من خلال تصويرها الواقع كما هو بلا أي تجميل أو تقبيح، وانحيازها إلى قضايا المواطن العربي الكبرى، وانتهاجها خطاً وطنياً عنوانه العريض الانتصار لقضية فلسطين التي تناساها أصحاب السمو والفخامة والمعالي، ومواجهة إسرائيل بسلاح الإعلام الأشد فتكا من صنوف الأسلحة الأخرى، والانحياز لكل من يقاومها مهما يكن نوع المقاومة.
ولأن «الميادين» رفضت أن تبيع نفسها للشيطان، وأن تنزلق إلى مستوى لعبة الأمم القذرة الحاقدة على سورية أرضاً وشعباً وقيادة ، وتصوير هذه الحرب الجهنمية التي تشن عليها منذ قرابة خمس سنوات بالثورة، لا بالمؤامرة، مُنِعت من البث على عربسات وحُجبت كل مواقعها وصفحاتها الإلكترونية من السعودية!!.
وباعتقادي ليست غريبة سياسة مملكة «الرمال والشماخات» تجاه «الميادين»، بل أجزم أن ثمَّة تأخيراً في حجبها ومنعها!!.
فالإيماني مطلق أن أعداء الشمس لا يعشقون إلا الظلام، وأهل الباطل يمقتون الحق، والعبيد الأذلاء ليس بوسعهم أن يكونوا أسياداً، فمن ولد ليحبو مهما فعل لا يمكنه الطيران.
ومانعو «الميادين» -وغيرها من القنوات والوسائل الإعلامية الحرة- وحاجبوها، مذ ولدتهم أمهاتهم وهم يزحفون على بطونهم فكيف سيقدرون على المشي كسائر خلق اللـه، فما بالكم بالطيران مع المتألقين!!.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن