عربي ودولي

باريس «جريحة» والحصيلة لا تزال مؤقتة…( 128) قتيلاً و(300) جريح … فرنسا تغلق حدودها وتعلن حالة الطوارئ والحداد العام.. وتمنع التجول والتظاهر وتعبئ الجيش

بعد أن أصبح مشهد الإرهاب موحداً في العديد من الدول التي تضربها أيادي الإرهابيين، يكاد يختلط على المشاهد أي ساحة يرى، من باريس إلى بيروت، وليس ببعيد عن حال سورية والعراق، ولأن الإرهاب عابر للحدود ولا يعرف تقسيمات جغرافية، تغدو المقاطع المصورة في ساحات الإرهاب شبه متطابقة، لا يفرق بينها سوى لوحات سيارات الإسعاف الحاضرة إلى مكان الحادث.
من جديد، وبعد أقل من سنة على حادثة الصحيفة «شارلي إيبدو»، فرنسا تحت الأضواء، أضواء الدم والرصاص وبصمات الإرهاب، هجمات دامية في عدة أنحاء من باريس لم تستثنِ الأنشطة الرياضية ولا الفعاليات الثقافية ولا حتى أماكن الرفاهية والسهر، قتلى وجرحى بالمئات، حالة صدمة ورعب تعيشها عاصمة الموضة والأناقة، ليأتي الموقف الرسمي الفرنسي معبراً عن حقيقة الواقع، الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند يعلن حالة الطوارئ في البلاد وإغلاق الحدود، ومجلس الوزراء الفرنسي يعقد اجتماعاً عاجلاً إثر الاعتداءات الدامية، لتعثر السلطات الفرنسية على جواز سفر سوري قرب جثة أحد منفذي اعتداءات باريس.
وقال هولاند في بيان: «علينا ضمان عدم وصول أحد لارتكاب أي عمل كان والتأكد في الوقت نفسه من ضرورة اعتقال هؤلاء الذين ارتكبوا هذه الجرائم إذا حاولوا مغادرة البلاد».
وقرر الرئيس الفرنسي نشر 1500 جندي في باريس بعد التفجيرات الدامية. وقال في قصر الاليزيه: إن «ما حصل هو عمل من أعمال الحرب ارتكبه داعش ودبر من الخارج بتواطؤ داخلي سيسمح التحقيق بإثباتها».
وندد هولاند إثر خروجه من اجتماع لمجلس الدفاع بمشاركة الوزراء الرئيسيين في حكومته بـ«عمل وحشي مطلق».
وأكد أن «فرنسا لن ترحم»، مؤكداً «اتخاذ كل التدابير لضمان أمن المواطنين في إطار حال الطوارئ» التي أعلنت خلال ليل الجمعة السبت، مؤكداً أن «قوات الأمن الداخلي والجيش متأهبة بأقصى مستويات قدراتها» و«تم تعزيز كل أجهزة الأمن».
كما أفاد الرئيس الفرنسي أنه سيلقي كلمة غداً الاثنين أمام البرلمان الفرنسي الذي سينعقد بمجلسيه في قصر فرساي قرب باريس «للم شمل الأمة في هذا المحنة» وذلك في إجراء استثنائي في فرنسا.
وقال هولاند: «ما ندافع عنه هو وطننا، لكن الأمر يتخطى ذلك بكثير، أنها قيم الإنسانية» داعياً الفرنسيين إلى «الوحدة ولم الشمل والهدوء». وأشار هولاند إلى إعلان حالة التأهب القصوى في الجيش والأجهزة الأمنية في جميع أنحاء فرنسا، مشيراً إلى اجتماع طارئ للبرلمان الفرنسي سيعقد الاثنين على خلفية اعتداءات باريس.
في سياق متصل، قرر الرئيس الفرنسي إلغاء مشاركته في قمة مجموعة العشرين المقررة في تركيا اليوم الأحد وإيفاد وزيري الخارجية والمالية بدلاً منه.
وكان هولاند اتهم أمس تنظيم داعش الإرهابي بالوقوف خلف سلسلة الهجمات التي ضربت باريس مساء الجمعة، وأوقعت ما لا يقل عن 128 قتيلاً و250 جريحاً، حتى لحظة إعداد هذا التقرير، فيما أعلنت فرنسا حالة الطوارئ والحداد العام أمس لمدة 3 أيام بعيد الهجمات الدامية التي تبناها تنظيم داعش.
وأعلنت المستشفيات العامة في باريس أنها تلقت 300 جريح في اعتداءات مساء الجمعة بينهم 99 جريحاً في «حالة حرجة».
هذا وأفاد مصدر مقرب من الرئيس الفرنسي فجر السبت أن الأخير اتفق خلال اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي باراك أوباما على تعزيز التعاون الثنائي بين البلدين لمواجهة الإرهاب.
وقال المصدر نفسه: إن «باراك أوباما أراد أن يعبر عن دعمه للشعب الفرنسي إزاء هذه المأساة الفظيعة التي تواجهه، كما عرض له الرئيس الفرنسي مجريات ما حصل».
وأضاف: إن الرئيسين «كررا التزامهما العمل بشكل وثيق في مجال مواجهة الإرهاب، ومواصلة الاتصالات لتبادل المعلومات خلال الساعات والأيام المقبلة».
بدوره دعا وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أمس إلى «تنسيق المكافحة الدولية للإرهاب» إثر الاعتداءات التي ضربت باريس.
وقال فابيوس متحدثاً من فيينا قبل افتتاح اجتماع دولي حول الأزمة السورية: «من الضروري أكثر من أي وقت مضى في الظروف التي نعيشها تنسيق المكافحة الدولية للإرهاب». وأضاف: إن «أحد أهداف اجتماع اليوم في فيينا هو أن نرى تحديداً وبشكل ملموس كيف يمكننا تعزيز التنسيق الدولي في مجال مكافحة داعش».
وقال: إن فرنسا تتخذ خطوات لتعزيز الأمن في مواقعها في الخارج بما في ذلك السفارات والمدارس وذلك بعد الهجمات الإرهابية التي تعرضت لها باريس ليلة الجمعة.
وتابع للصحفيين في فيينا: «اتخذت الإجراءات اللازمة دولياً لتعزيز الحماية في كل مواقعنا وأقصد بذلك سفاراتنا وقنصلياتنا ومراكزنا الثقافية ومدارسنا محمية بشكل أفضل». واضطر فابيوس إلى مغادرة محادثات فيينا لحضور اجتماعات حكومية في فرنسا.
من جهته أعلن وزير الداخلية الفرنسي برنارد كازنوف، أمس منع التجمعات والتظاهرات كافة لمدة أسبوع وتعبئة الجيش والأجهزة الأمنية والطوارئ.
وقال: إنه سيتم تشديد الرقابة وتعزيز الأمن على الحدود الفرنسية وفي الموانئ البحرية والمطارات.
وأعلن أن الجيش الفرنسي في حالة تأهب قصوى حيث تم وضع القوات الأمنية الفرنسية كافة في حالة تأهب قصوى وتم نشر نحو 2000 جندي إضافي في باريس.
وفي سياق متصل، أعلنت فرنسا إغلاقها برج إيفل لأجل غير مسمى فيما تم إطفاء أنواره منذ الصباح حدادا على أرواح الضحايا.
كما أشارت وزارة الثقافة إلى أن المؤسسات الثقافية العامة والمتاحف والمسارح وغيرها، لم تفتح أبوابها أمس السبت في منطقة ايل دو فرانس.
هذا وقالت الشرطة الفرنسية إن 7 إرهابيين فجروا أنفسهم بـ6 مواقع في باريس، فيما قتل إرهابي ثامن برصاص عناصر أمنية.
بدورها ذكرت مصادر أمنية فرنسية أن الهجمات وقعت في أوقات شبه متزامنة في سبعة مواقع مختلفة من باريس إذ فجر انتحاري نفسه في استاد فرنسا الدولي شمال المدينة حيث كان هولاند يحضر مباراة بكرة القدم بين منتخبي فرنسا وألمانيا ووقعت هجمات أخرى في مواقع بوسط العاصمة تشهد ازدحاماً قرب ساحة الجمهورية.
أما الاعتداء الأخطر فقد وقع في مسرح باتاكلان بوسط باريس حيث قتل نحو مئة شخص حين احتجز مهاجمون رهائن في عملية استمرت حتى بعيد منتصف الليلة الماضية عندما اقتحمت الشرطة صالة المسرح.
هذا وعثرت السلطات الفرنسية على جواز سفر سوري قرب جثة أحد منفذي اعتداءات باريس ويجري التحقق منه، كما أعلنت مصادر الشرطة أمس.
(أ ف ب – رويترز – سانا – روسيا اليوم)

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن