سورية

دوفيلبان: علينا ألّا ننسى أننا كنا سبباً في مولد داعش … اعتداءات باريس أثبتت إخفاق سياسة هولاند إزاء سورية

بعد الاعتداءات التي تعرضت لها فرنسا وأدت لمقتل 129 شخصاً وجرح ما يقرب من 400، أصبح من الواضح بالنسبة لكثير من السياسيين الغربيين وخصوصاً الفرنسيين خطأ السياسة التي اتبعها الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إزاء الأزمة السورية، واتخاذه موقفاً متشدداً بكل المقاييس تجلى بإصراره على رحيل الرئيس بشار الأسد، ليعود ويتراجع بنفسه قبل يومين حين قال إن عدو بلاده في سورية هو تنظيم داعش. ويواجه الرئيس الفرنسي ضغوطاً لتغيير مساره في الأزمة السورية والعمل مع روسيا عن قرب أكثر بعد موجة هجمات دامية عانتها باريس، حسب وكالة «رويترز». وربما أصبحت فرنسا أكثر دول الغرب عرضة لهجمات الإرهابيين لدورها في العديد من الصراعات بالشرق الأوسط وعلمانيتها الشديدة في الوقت الذي تتخذ فيه الولايات المتحدة وبريطانيا نهجاً أكثر حذراً بعد تجربتهما المريرة في العراق.
وفي معرض ردّه على الهجمات التي شهدتها باريس يوم الجمعة، قال هولاند: إن بلاده في حرب مع تنظيم داعش الذي أعلن مسؤوليته عن المذبحة، مؤكداً أن فرنسا ستشن ضربة جوية كبيرة على أهداف التنظيم في الرقة بسورية. وكانت باريس انضمت في الآونة الأخيرة للتحالف الذي يوجه ضربات جوية ضد داعش في سورية. لكن حتى يومين فقط كانت فرنسا قد نفذت خمس ضربات وحسب معظمها لمحاولة ضمان مقعد في أي مفاوضات حسبما يقر مسؤولون فرنسيون.
وبينما كان الرئيس الفرنسي يتعهد بالوحدة الوطنية كان معارضوه المحافظون ينتقدونه لنبذه روسيا وتجنبه إيران وإصراره على رحيل الرئيس الأسد كشرط مسبق لأي تسوية سلمية في سورية. بل وواجه انتقادات من داخل حزبه نفسه.
وقال الرئيس الفرنسي السابق نيكولا ساركوزي زعيم حزب الجمهوريين الذي ينتمي ليمين الوسط بعد أن التقى هولاند الأحد الماضي: «يجب أن نستخلص عبراً من الوضع في سورية» ودعا إلى «ضبط سياستنا الخارجية». وقال ساركوزي للصحفيين: «نحتاج لمساعدة من الجميع لاستئصال داعش وبخاصة من الروس. لا يمكن أن يكون هناك تحالفان في سورية».
وداخل مؤسسة السياسة الخارجية الفرنسية يتهم بعض الدبلوماسيين المخضرمين هولاند باتباع سياسة خارجية تسير على نهج «الخط المحافظ الجديد» في وقت تنسحب فيه الولايات المتحدة وبريطانيا من المخاطرات في الخارج.
ويرى منتقدو الحكومة أن فرنسا كان ينبغي لها أن تعمل مع موسكو وطهران ودمشق للتوصل لحل سياسي وسط.
وقال رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون الذي ينتمي ليمين الوسط إن الوقت حان لأن تتغلب فرنسا «على تصوراتها إزاء روسيا وتدرك أننا بحاجة للعمل مع إيران بل وأن توافق على العمل لفترة مع النظام السوري». وهناك من المنتقدين من يصل لمدى أبعد ويتهم هولاند بتعريض فرنسا لخطر داهم بسلسلة تدخلات عسكرية منذ 2013 في مالي وإفريقيا الوسطى والعراق وسورية وبناء روابط تفضيلية في الوقت ذاته مع دول عربية خليجية يشتبه على نطاق واسع في تمويلها جماعات إرهابية.
ويرى رئيس الوزراء السابق دومينيك دو فيلبان -وهو ديجولي محافظ برز بقوة على الساحة العالمية عندما شجب الخطط الأميركية للحرب بالعراق في 2003 خلال كلمة حماسية في مجلس الأمن الدولي- أن فرنسا «وقعت في فخ إذكاء التشدد الإسلامي وإضفاء الشرعية عليه». وفي معرض اعتراضه على قرار هولاند العام الماضي بالانضمام إلى التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لتوجيه ضربات جوية ضد داعش في العراق قال دو فيلبان «التجارب علمتنا أن هذا النوع من الضربات لا يمكن أن يقود لنتيجة استئصال الإرهاب التي نرجوها».
وعانت بعدها فرنسا من قوة ارتدادية تمثلت في سلسلة من أعمال العنف قام بها مسلمون متطرفون كالهجوم على صحيفة «شارلي إبدو» الأسبوعية الساخرة وعلى متجر للأطعمة اليهودية في كانون الثاني الماضي.
وأضاف دو فيلبان: «علينا ألا ننسى أننا كنا سبباً في مولد داعش. هذه نتيجة حرب 2003، نتيجة أخطاء ارتكبت بالعراق». ومثلما فعلت قوى غربية أخرى، نأت باريس بنفسها عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشاركت في العقوبات على موسكو بسبب ضمها شبه جزيرة القرم العام الماضي. وتخلى هولاند عن عملية لبيع سفينتين حربيتين لروسيا كان ساركوزي قد بدأها أثناء جلوسه على كرسي الرئاسة.
وقبل هجمات باريس بقليل أصدر هولاند توجيهات بإرسال حاملة الطائرات شارل ديغول إلى شرق البحر المتوسط. وحين تصل أوائل كانون الأول ستزيد القوة الجوية الفرنسية بالمنطقة إلى 36 طائرة.
وفي علامة تشير إلى تحركات هولاند المحتملة في الأسابيع القادمة.. ضربت نحو عشر مقاتلات فرنسية عدة أهداف في الرقة مساء الأحد. ولا يرجح مسؤولون أن تنشر باريس قوات برية وإن كان من الممكن أن تنشر قوات خاصة مثلما فعلت الولايات المتحدة.
رويترز

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن