ثقافة وفن

«سورية المدنية»، و«النادي الأدبي النسائي» تكرمان أسرة «حرائر» … كوليت الخوري: عندما تكون المرأة متقدمة يتقدم المجتمع بأكمله وتنتصر البلاد

وائل العدس – تصوير طارق السعدوني :

على مسرح مكتبة الأسد بدمشق، كرمت جمعيتا «سورية المدنية»، و«النادي الأدبي النسائي» أسرة عمل «حرائر» (تأليف عنود الخالد، وإخراج باسل الخطيب، وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج التلفزيوني والإذاعي)، الحائز ذهبيتين في مهرجاني «الغدير» و«القاهرة» كأفضل عمل تاريخي وبيئي.
وضمت قائمة المكرمين كلاً من: ديانا جبور (مدير المؤسسة المنتجة)، وميادة بسيليس (مغنية الشارة)، وسمير كويفاتي (المؤلف الموسيقي)، وتليد الخطيب (مؤلف كلمات الشارة)، وعنود الخالد (مؤلفة العمل)، والممثلين رفيق سبيعي، وأيمن زيدان، وميسون أبو أسعد، ونورا رحال، وحلا رجب، ولمى حكيم، وأمانة والي، وروبين عيسى، وتولين البكري، وغادة بشور، وصبا سبيعي، وخلود عيسى، وروعة شيخاني، ونجاح سفكوني، وأحمد رافع، ومحمود نصر، وعلاء قاسم، ومحمد قنوع، ويحيى بيازي، ونوار رافع، إضافة إلى جهاد خضور (مونتاج ومكساج)، وشامل أميرلاي (المخرج المساعد)، وباسل عبد اللـه (مدير الإنتاج)، وباسل الخطيب (المخرج).

التاريخ الحقيقي
أكدت الأديبة كوليت الخوري أن الفن والأدب هما التاريخ الحقيقي للمجتمعات، فالتاريخ يكتبه المنتصرون، والفن هو صورة التاريخ المصور للمجتمعات.
وأوضحت أن المجتمع هو المرأة، لأنها الأم والأخلاق والبيت والأسرة والوطن، وعندما تكون المرأة متقدمة يتقدم المجتمع بأكمله وتنتصر البلاد.
الظرف المناسب
وقالت ماري ورد لوقا ممثلة عن النادي الأدبي النسائي إن «حرائر» ألقى الضوء بامتياز على تاريخ ومكانة المرأة السورية، وجاء في الظرف المناسب ليلقي الضوء أيضاً على زمن الاستعمار البغيض الذي عانت منه سورية تاريخاً وحضارة وأرضاً وشعباً.
وأضافت: كانت ماري عجمي إحدى رائدات الحركة الوطنية والقومية في زمن الاستعمار في بدايات القرن الفائت، وأثبتت حضورها على ساحة المواجهة مع أعداء سورية من خلال إصدارها مجلة «العروس» عام 1910، فالتف الأدباء حولها وشاركوا في دعمها، وقد كان صدور المجلة الحدث الأبرز في تاريخ صحافة المرأة، ولم يصدر مرجعاً نقابياً في المكتبة العربية إلا وفيه حديث عن عجمي ودورها في النضال الوطني ومشاركتها في نشر الوعي السياسي والاجتماعي والثقافي بين نساء زمانها.

نضال مشبع
أما ربا ميرزا ممثلة عن جمعية سورية المدنية فقالت: انطلاقاً من ثقتنا بدور الفن وقيمة رسالته بدأت فكرة تكريم أسرة مسلسل «حرائر» الذي سلط الضوء على النضال الأخلاقي والثقافي والسياسي بالمجتمع السوري خلال حقبة من الزمن عاشتها سورية تحت الاحتلال العثماني والاستعمار الفرنسي.
وأكدت أن هذا النضال المشبع بالعزة والوطنية والانتماء الذي ترافق مع حراك مجتمعي إيجابي وقفت فيه السيدة السورية إلى جانب الرجل ضد بعض العادات البالية، وهو عمل فيه احترام للمرأة المثقفة المتعلمة وفيه تقدير للدور الفاعل للمرأة البسيطة والواعية والمتمردة على الضغوط الاجتماعية.
وأشارت إلى أن النضال العسكري لن ينجح إن بقي وحده في ميادين القتال والمعارك، بل لا بد أن يقترن بالنضال الفكري الثقافي وأن يواجه الجهل بالعلم والأخلاق.
وختمت: لأن دمشق مدينة مبدعة، وهي الأولى والأَولّى، ولأن هنا جذورنا ووطننا ولغتنا وحبنا، أعلن إطلاق يوم 29/11 من كل عام احتفالاً سنوياً باسم «أيام دمشق للإبداع الفني»، وسنبدأ من الآن للتحضير للعام القادم.

ثوابت لا تتغير
وقال باسل الخطيب إننا قدمنا عمل حرائر في عام 1915، واليوم المرأة السورية اختلفت لكن بقي عندها ثوابت لا تتغير، وهي اليوم قادرة على الحب والعطاء والتضحية وتحمل كل المآسي، لذا فإن عملنا القادم سيكون حرائر 2015 ليتحدث عن المرأة السورية اليوم.

مكانة خاصة
وأشارت ميسون أبو أسعد إلى أن تكريم اليوم له مكانة خاصة في قلوبنا لأنه آت من جمعيات أهلية ومدنية، وشيء جميل أننا مستمرون رغم هذه الظروف، والتكريم له معنى كبير، وأشعر أن المواد التي أسستها ماري عجمي مستمرة، فنحن لم نتحدث في المسلسل عن شيء كان، بل مستمر.

تاريخي شامي
«حرائر» مسلسل تاريخي وبيئي شامي مؤلف من ثلاثين حلقة مترابطة ومحبوكة بطريقة سلسة وبسيطة، ويسلط الضوء على مرحلة تاريخية مهمة من تاريخ سورية ما بين 1915-1920 التي تزامنت مع خروج الاستعمار العثماني ودخول الاستعمار الفرنسي ليضيء على شخصيات تاريخية مهمة كان لها وقعها على مسار الحياة من خلال استحضارها، ليحشد العمل نساء كثيرات، منهنّ نماذج نسائية حقيقية، ومنهنّ نماذج متخيّلة مرتبطة بالسياق التاريخي.
وواضح من العنوان أنه يتحدث عن نساء ناضلن من أجل الحرية عبر شرائح ضمت الأديبة والكاتبة والمرأة المجاهدة حتى وإن كانت بسيطة في درجة تعليمها، ليتحدث عن الشام ليس من خلال القصة والشخصيات النمطية التي تقدم الابتسامة فقط، إنما هناك مشروع معني بالتاريخ الدمشقي وإظهار الجوانب الحضارية فيه.
ويوثق للحركة الفكرية والثقافية والنسائية في دمشق مطلع القرن العشرين ودور النساء في الإعلام والصحافة دون أن تكون الحكاية الرئيسية في العمل موثقة.

قيمة معرفية
تدور الأحداث في دمشق في حين كان الفرنسيون على الأبواب، عبر حكايةٍ من شقيّن، الأول تاريخي وتوثيقي، والثاني افتراضي، يتناول الأول شخصيات نسائية دمشقية معروفة، مثل نازك العابد (1887-1959)، وماري عجمي (1888-1965) اللتين كان لهما دور رائد في النهضة الاجتماعية وحركة التنوير مطلع القرن العشرين.
وثمّة شخصيات درامية أوجدت، لتكون الحامل الرئيس للأحداث والعلاقات، والتمازج بين الخطيّن التوثيقي والافتراضي. هذا ما يشكّل قصّة «حرائر»، ليكون العمل بمثابة تحيّة للدور التنويري الذي قامت به المرأة السورية خلال تلك الفترة.
ويحمل النصّ قيمة معرفية، من خلال تناوله حقبة تاريخيّة تفاصيلها غير معروفة، أو معروفة ولكن بشكل غير دقي، والأهم من ذلك أن العمل يقول «إن الصور التي روّجت لبلاد الشام بأنها مجتمع مغلق وقاتم، كانت مغلوطة»، ليكون أشبه بالمرافعة أو الدفاع عن صورة المرأة الشاميّة التي قُدّمت في دراما البيئة كسجينة الجدران الأربعة.
ويقدم صورة متفائلة للمرأة من حيث فاعليتها في الحياة، وتقديم نماذج من إسهاماتها الحقيقية في تطوير المجتمع، ومن ضمن الحكايات التي يرصدها العمل رحلة امرأة يتوفى زوجها وتتعرض لمجموعة من الضغوط، لكنها تقاوم لتكون شاهدة على حراك اجتماعي حقيقي للمرأة، وهناك محاولة لإنصاف تاريخي موثق بتفاصيل الحياة الدمشقية.

شخصية متخيلة
تشكّل شخصيّتا ماري عجمي ونازك العابد وهما رائدتا النهضة الاجتماعية وحركة التنوير في الشام مطلع القرن الماضي مدخلاً إلى قصّة شخصيّة متخيّلة هي «بسيمة» التي تقرّر كسب رزقها وتعليم ابنتيها بعد وفاة زوجها، لتواجه وحدها انتهازيّة وذكوريّة شقيقه «صبحي»،
تؤثر الشخصيتان الحقيقيتان، في حياة «بسيمة» التي لفتها مجتمع النساء الحقوقيات، والمتعلمّات، وساعدها الاحتكاك بهن على تحقيق نقلة كبيرة جداً، كسيدة دمشقية، تحدّت ظروفها، وظروف عائلتها، ورفضت الخنوع، أو الاستكانة للمعايير الاجتماعية السائدة آنذاك، لتحقق كيانها الخاص.
ترسل الأرملة بناتها إلى مدرسة خاصة في بيروت للتعلم في محاولة لانتشالهن من واقع يُفرض من بعض الرجال المتنفذين، لكنها لم تخل من التناقضات، فقد وافقت هذه المرأة الواعية على زف ابنتها القاصر في زواج مبكر، ووافقت على الزواج من شاب يصغرها.
وبعيداً عن المثاليّة المفرطة، يظهر العمل نماذج أخرى لنساء خانعات مثل «فايزة» التي توافق على كلّ ما يقوم به زوجها، ولا تملك سوى البكاء للاعتراض على ظلمه.

وأيضاً الرجال
بالمقابل يصور المسلسل شخصيات لرجال كانت لهم وقفتهم المتنورة، كما هي الحال مع شخصية «سعيد» الذي رفض نهج والده المتخلف المزواج في حل الأمور، وشخصية «عبدو» القادم من حرب دموية ويحمل في قلبه الكثير من الحزن والشموخ، أتى ليقف مع شقيقته التي كادت كرامتها أن تُداس ممن تزوج بها في ظل سكوت الجميع، فكان هو الأخ المدافع عن المرأة وحقوقها، فوقف إلى جانبها مؤكداً على رسالة عمد المسلسل إلى إيصالها، وهي وجود رجال متنورين يدافعون عن المرأة، كما أن هناك نساء متنورات نادين بأهمية حرية واستقلال المرأة وعدم تبعيتها لأي كان.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن