ثقافة وفن

ربما كان «حجازي» يحدس بما سيكون لي في الشأن الثقافي العربي لا السوري وحده … نضال الصالح لـ«الوطن»: مع الحملة الانتخابية للسيد الرئيس اخترت أن يكون شعاري «سوا» وقد أخذت بذلك

عامر فؤاد عامر :

مرحلة جديدة بدأت في مسيرة اتحاد الكتاب العرب، بعد عشر سنوات كان فيها ما فيها من إيجابيات وسلبيات، تمّ اختيار الدكتور نضال الصالح ليكون رئيساً لاتحاد الكتاب العرب للدورة القادمة على أقل تقدير، وقد تمتد إلى فترة ثانية.. وعبر الإعلام والمواقع قرأنا أن استبشاراً بقدوم الدكتور الصالح، فهل ستكون المرحلة القادمة مختلفة في الجوهر؟ وهل سيكون لعضو الاتحاد دوره؟ وهل سيكون العمل المؤسساتي هو المتحكم بمسيرة الاتحاد؟ أم إن المكتب التنفيذي سيكون الآمر النهائي الذي لا يقبل رأياً؟!
أسئلة كثيرة حملتها «الوطن» في حوارها مع الدكتور الصالح لاستكشاف برنامج عمله ورؤيته لآليات عمل اتحاد الكتاب.

• في افتتاحيّة الأسبوع الأدبي ذكرت عن عبد النبي حجازي أول رئيس تحرير للموقف الأدبي، فهل ستتبع نهجه من موقعك اليوم؟
بالتأكيد لا، فللراحل عبد النبي حجازي خصوصيّته المختلفة بكل تأكيد عن منهج نضال الصالح ومشروعه ورؤيته، ولا يمكن لأحد أن يكون صورة طبق الأصل عن غيره من المثقفين، فمن الواجب أن يكون له صوته وأداؤه اللذان يخصّانه، وطريقة تعبيره المميزة، فعبد النبي حجازي شكل قيمة فيما يعني صحيفة الأسبوع الأدبيّ، في انطلاقتها وحضورها في المشهد الثقافي السوري، وكان له فضل الدعوة لي للكتابة فيها لكأنّه كان يثق، كما يبدو، بموهبتي في حقل الكتابة القصصية، وربما أنه كان يحدس بما سيكون لي من مكانة في الشأن الثقافي العربي عامة، لا السوري وحده، ولعلّي توجت ذلك الحدس بحصولي على جائزة من أعرق مؤسسة ثقافية عربية هي الهيئة العامة المصرية للكتاب، وتشرفت بأن يكون أول مولود لي من كتبي من إصداراتها، وبأن يكون رئيس لجنة التحكيم فيها هو شيخ القصة العربية «يوسف إدريس». أختزل، فأقول إنه سيكون لي ما يجب أن يميزني من سواي ممن كان له دور في هذه المؤسسة، اتحاد الكتّاب العرب، كما اعتدت في شؤون حياتي كلها، أعني أن يكون لي الحضور الذي يخصني، والذي ينتسب إليّ، ومن ثمّ في أن أعبّر عمّا كان يميزني دائماً، أي التفوّق.

• نلاحظ في مسيرة أغلبية النقاد ومن يشتغل في هذا الحقل، بأنه يبدأ في التأليف ومع مرور الزمن ينتقل للنقد، لكن لنضال الصالح ميزة مختلفة في ولادة خطّه النقدي؟
قليل من المتابعين للشأن الثقافيّ يعرف أني بدأت شاعراً، ونُشر لي غير نصّ في غير صحيفة ومجلة سورية. ولأنني قدّرت بنفسي أنه لن يكون لي، مهما أوتيت من الموهبة وفي زحمة قامات شعرية باسقة، أي موقع في صدارة المشهد الشعري السوريّ قبل عقد على الأقل من ذلك، ولأنّ الشعر بدأ يضيق برغبتي في التعبير، وأن القصة القصيرة يمكن أن تكون فضاء تعبيرياً أكثر رحابة في هذا المجال، فقد مضيت إليها، واستقبل المشهد الثقافي السوري، قراء ونقاداً، ما كنت أنشر استقبالاً مشجعاً، وكان لصفحة أدب الشباب في صحيفة «الثورة» التي كان الراحل العزيز «حيدر علي» يشرف عليها دور مهم في ذلك، ثم ما لبث حيدر أن طلب مني أن أكون ناقداً للصفحة، فكتبت زاوية شبه أسبوعية بعنوان «قراءة في عدد الأربعاء الماضي»، وشأن ما سبق تمّ استقبال ما كتبت في هذا المجال استقبالاً مشجعاً أيضاً، وكان لاختياري النقد الأدبي في دراستي في المرحلة الجامعية الثانية، أي الدراسات العليا، دور مهم في تحولي إلى النقد، بل إخلاصي له على نحو أدق فيما بعد، ولعلني كنت محظوظاً في تحولاتي الأدبية تلك، فأول مجموعة قصصية لي حصلت على جائزة عربية، وأول رواية لي حصلت على جائزة مماثلة، وأول كتاب نقدي لي حصل على جائزة عربية أيضاً، بل لعلّني كنت أستقرأ مستقبلي كما سيكون، وربّما كما يجب أن يكون.

• أين يتجه الإحساس الخاصّ بك هل نحو النقد الأدبي أم باتجاه التأليف؟ دعنا نستقرئ؟
بصوت عال أستطيع أن أقول لك: ليتني لم أكتب أول نص نقدي في حياتي، وأن أعود ذلك القاصّ الذي كنته، ففي الإبداع تسمح لدم روحك أن ينسفح على الورق كما ينهمر ضوء، أي من دون قواعد أو قوانين تحكم انهماره سوى الإبداع نفسه. أما في النقد، فثمة ممارسة محكومة بمجموعة من الضوابط، وثمة ما يمكن وصفه بالسير في حقل من الألغام، حيث المفردة غير مجانية وغير اعتباطية، ومنضبطة، ومسؤولة. ولكن! لكن أي معنى لهذا التمنّي وقد «ارتكبت» ثمانية مؤلفات في هذا المجال، أي النقد، وعشرات الدراسات في مجلات علمية محكمة، ومئات البحوث والدراسات؟! أي معنى؟! الناقد الذي صرتُ إليه صرتُ إليه وانتهى الأمر، والحنين الفادح إلى نضال الصالح قاصاً أو روائياً سيبقى متقداً في القلب والروح ما دام ثمة في هذين، القلب والروح، خفق. وعلى الرغم من أنني استعدتُ في غير مرة ذلك القاص والروائي، فكتبت ما كتبت في الزاوية الأسبوعية التي تشرفت بكتابتها لنحو ثلاث سنوات في صحيفة «تشرين»، أي «آفاق»، وعلى نحو ينصهر القاص والروائي والناقد معه في بوتقة واحدة، فإن ذلك الحنين لمّا يزل مستعراً في القصيّ من الأعماق، ولمّا يزل يطلّ برأسه بين وقت وآخر، فيغويني بالعودة إليه.

• بين لغة النقد وأدواتها وبين لغة الإدارة أين نقاط الالتقاء فيما بينها؟
الناقد الذي صرت إليه منحني قيمة عظيمة في الحياة هي التنظيم، وهي قيمة كنت أؤمن بها وأعمل بها أيضاً في شؤون حياتي كلها. والتنظيم لديّ يعني العداء لثقافة الارتجال من جهة، واحترام الزمن وتقديره من جهة ثانية. وهذا ما سيكون عليه عملي في الاتحاد، بل ما سألزم نفسي به، شأن ما ألزمت نفسي به في مجال النقد، ولاسيما ما يعني الإدارة أولاً، أي ما يضبط إيقاع العمل الإداري، وينظمه، ويطهره من رجس الفوضى والارتجال والمحسوبيات والامتيازات الشخصية، وما يجعل من الاتحاد قبل ذلك وبعده مؤسسة بحقّ، ومن ثمّ ما يستعيد إلى العمل الثقافي ما هو جدير به، وما يعلي من شأنه، وأثق بأنني سأنجز، والزملاء في المكتب التنفيذي، ما سيحقّق ذلك كله وسواه، ولاسيما أن هذه الثقة تنطلق من قناعتي، ومما سأدأب عليه طوال مهمتي رئيساً للاتحاد، ألا أكون صانعاً لأي قرار في الاتحاد، بل أن أدير صناعة هذا القرار.

• توضيحاً للقارئ ما الفرق بين الإدارة والصناعة للقرار الثقافي؟
شخصياً أؤمن بالأداء المؤسساتي، أي باتخاذ القرار من خلال إرادة المؤسسة لا من خلال إرادة مديرها أو رئيسها، لأن صناعة القرار، أي قرار، يجب أن تكون فعلاً تشاركياً بامتياز، وقد أشرت إلى ذلك في غير لقاء وحوار، وأكدت أنني لن أمنح لنفسي حقّ صناعة القرار، مهما يكن من شأنه، صغيراً أو كبيراً، وأنّ جلّ ما سأكونه هو أن أدير صناعة هذا القرار، ليقيني بضرورة الدمقرطة في أي فعل، فكيف إن كان هذا الفعل معنياً بالثقافة؟ إن الإدارة وعي، وأخلاق، وقيم، ويجب أن تكون كذلك دائماً، أعني في أي حال تكون عليها الدول والمجتمعات، فكيف أيضاً إن كانت الحال هذه الحرب المسعورة على سوريتنا؟ على قرارنا الوطنيّ، وإرثنا الحضاريّ، وهويتنا، وراهننا ومستقبلنا بآن؟!

• ما الخطة التي يضعها اتحاد الكتاب العرب اليوم للعمل؟
من الحملة الانتخابية للسيّد رئيس الجمهورية اخترت أن يكون شعاري في العمل هو «سوا»، وقد عبّرت عن ذلك في غير لقاء مع الزملاء الأعضاء، وفي غير مكان، وعنيت مشاركتنا جميعاً في العمل لننجز المأمول منا في هذه المرحلة الاستثنائية من تاريخ سورية، كما اخترتُ المحبّة مرجعاً في أدائنا وعلاقاتنا بعضنا مع بعض، مهما يكن من أمر الاختلاف في الرؤية والأداة في هذا المجال أو ذاك. أمّا القيمة الثالثة أو الرافعة الثالثة فهي تحقيق الأمرين معاً فيما يمثل جوهراً في وجود هذه المؤسسة، الاتحاد، أعني الخدميّ والثقافي، وأعني أكثر ما يعلي من شأن حقوق الأعضاء، ومن شأن الأداء الثقافيّ، بآن. وبالنسبة إليّ شخصياً فسيكون الأمر الثاني هو الشاغل المركزيّ، مع تقديري للأول وحرصي على إنجازه، وذلك من أجل أن يكون الاتحاد مؤسسة ثقافية لا مؤسسة نقابية فحسب، ولتحقيق ذلك ثمة الكثير في جعبتي من المشروعات، بل قل الطموحات التي سأسعى إلى ترجمتها على أرض الواقع بكلّ قوة، ومن ذلك رفع مستوى دوريّات الاتحاد، ونوعية الإصدارات، لكي يتطهر الاتحاد من لوثة الوظيفي على حساب الثقافيّ، ثمّ إنجاز فعاليات وأنشطة نوعية بامتياز، من مهرجانات ومؤتمرات وندوات ستتجاوز فضاءها القطريّ إلى فضائها العربيّ، لكي يسهم الاتحاد في إعادة إعمار سورية، وعلى نحو خاص في إعادة إعمار الوعي، ولاسيما ما يعني التنوير الذي سنتخذه شعاراً لهذه الدورة من تاريخ الاتحاد.
• ما شروط اختيار المنتج الثقافي لتحويله إلى كتاب؟
لكي تصنع كتاباً جيداً عليك تحقيق مجموعة من الشروط، بل قل الضوابط، أولها أن تدفع به إلى قارئ نوعيّ لتقدير قيمته قبل أن تتبنى نشره، قارئ يقدّم الحقيقة الإبداعية والثقافية على أي اعتبار آخر، لكي لا تتخم المستودعات بالمزيد من الكتب التي لا يلتفت أحد إليها، ثم أن تحسن تسويق هذا الكتاب بما يليق به، وعبر غير وسيلة، وثالثاً أن تمكّنه من الوصول إلى أيدي القرّاء من خلال المعارض ليس داخل سورية وحدها، بل خارجها أيضاً.

• هل أخذتم في الحسبان بناء علاقة جديدة مع واقع الترجمة؟ والسعي لنشر الكتاب السوري في نطاق أوسع من الجغرافية العربية؟
لدينا في الاتحاد جمعية خاصة بالترجمة، وتضم نخبة من المترجمين السوريين والعرب، وهي معنية بما ينجزه الآخر غير العربيّ من إبداع وفكر، وبما يمكّن القارئ العربيّ من التعرف. ولدينا أيضاً مجلة مختصة بهذا المجال، هي «الآداب العالمية» التي نسعى إلى أن تكون شهرية بدل نصف سنوية، كما لدينا مجلتان معنيتان بترجمة الإبداع والنقد والفكر العربيّ إلى لغتين، الإنكليزية والفرنسية، ونسعى أيضاً إلى إعادة إصدارهما لنسمع صوتنا العربي السوري من خلالهما إلى الآخر غير العربيّ، ولنحقّق للمبدع والناقد والباحث السوريّ فرصة تعريف هذا الآخر بنتاجه.

• من النقاط التي أخذت على الاتحاد سابقاً بأنه كرس خدمته فقط لأعضائه؟ وفي تعيين مديري التحرير ممن يكونون من أعضائه فقط؟
ثمة كتب صدرت عن الاتحاد لغير أعضاء الاتحاد، وهي ليست قليلة. وهناك مساهمات ومواد لغير أعضاء الاتحاد في مجمل دوريات الاتحاد، أما توسيع طيف العلاقة، فهو أحد أهم شواغلنا في هذه الدورة ليكون الاتحاد بيتاً ثقافياً جامعاً للأغلب الأعم من المبدعين والنقاد والباحثين، وضمن مصفوفة من الثوابت، أولها القيمة العالية للمنتوج الثقافيّ. أما ما قصدت إليه من أمر تعيين رؤساء تحرير الدوريات ومديريها من أعضاء المكتب التنفيذي، ثم من أعضاء المجلس، فذلك ما دأبت عليه الدورات السابقة للاتحاد، وهو خيار ليس صائباً في تقديري، ولكنني لا أملك نفياً له بنفسي، لأنه شأن تم تكريسه بالتواتر من جهة، وشأن شخصيّ من جهة ثانية، وأعني بالشخصيّ متابعة بعض الزملاء على التمسك بهذا الامتياز مهما يكن من أمر الكفاءة أو القدرة على إنجاز النوعيّ والمميز. شخصياً رفضت تسلّم رئاسة تحرير أي من دوريات الاتحاد لغير سبب، أولها لأقدم نموذجاً في وعي المسؤولية التي انتدبنا إليها جميعاً من أعضاء المكتب التنفيذي، والتي تكفي بنفسها إذا شئنا أن ننجز ما اصطلحت عليه بالنوعيّ، وثانيها أن نحقق ثقافة «سوا» التي اخترتها لتكون دليل عمل لنا في هذه الدورة، وثالثها أن نتحرر من ثقافة الاستحواذ عندما يكون المرء في موقع صناعة القرار، غير أن ما سبق كلّه لم يجد صدى لدى الزملاء أعضاء المكتب التنفيذي الذين اختار معظمهم أن يكون رئيساً أو مديراً لتحرير هذه الدورية أو تلك، ولعلّنا نتمكن فيما سيلي من السنة الأولى من هذه الدورة من أن تتجاوز هذه المهمة أعضاء المكتب التنفيذي إلى أعضاء المجلس وإلى خارجهما أيضاً.
• أين لغة التطوير التي يعتمدها اتحاد الكتاب العرب في العلاقة بين ابن هذا العصر والتكنولوجيا المنتشرة؟
من المخجل والمؤسف أن تظلّ مؤسسة عريقة ومهمة ومعنية بالثقافة، هي الاتحاد، حبيسة تقاليد تنتمي إلى النصف الأول من القرن الفائت على مستوى العمل الإداري والثقافيّ، أعني أن تكون الورقيات هي ما يميز أداءها في القرن الحادي والعشرين. لقد فوجئت أن هذا الأداء لما يزل طاغياً على الأغلب الأعمّ من علاقات العمل في الاتحاد، وسارعت، في خطوات، إلى استثمار كلّ ما هو ممكن وواقعيّ من إنجازات ما تم الاصطلاح عليه بالعصر الرقميّ، من أجل أن نكون لائقين بانتمائنا إلى هذا القرن، ومن أجل تخصيب أدائنا وتثميره حضارياً، وسيكون ذلك من خلال اختزال ثقافة الورقيات إلى الحد الذي تكاد تمحي معه، أو تتطامن، ولاسيما ما يعني شؤون النشر في الدوريات وشؤون المخطوطات، ولعلّنا نبلغ في وقت قريب الكتاب الإلكتروني الذي يمثّل أحد طموحاتي الشخصية في هذه الدورة.

• جئت من خلفيّة لها علاقة بالتدريس والتربية والتعليم، فهل تعمل على إيجاد وسيلة لتقريب الشباب أكثر من اتحاد الكتاب العرب والاستفادة من مواهب الطلاب والمبدعين من الشباب الجدد؟
سأحكي لك حكايتي أولاً، حكاية الشاب الذي كنته في نهاية السبعينيات ومطلع الثمانينيات، والذي كانت الصحف والمجلات والمهرجانات تستقبل نتاجه بكثير من الحفاوة والتقدير والجوائز أيضاً. كنت جمعت بعضاً من ذلك النتاج في مجموعة قصصية دفعت بها إلى هذا الاتحاد، فاعتذر عن نشرها، ومن ثم إلى وزارة الثقافة، فأجابت بالرد نفسه، ومن ثم أرسلتها إلى القاهرة للمشاركة في مسابقة للقصة القصيرة خاصة بالشباب العربيّ، فكان أن حصلت على الجائزة الثانية عربياً، وكان يرأس لجنة تحكيم تلك المسابقة شيخ القصة العربية الراحل د. يوسف إدريس. تلك الحكاية، بل قل الحدث الشخصيّ وضعني منذ ذلك الوقت أمام يقين هو أن ثمة ما يشبه القتل العمد في حياتنا الثقافية العربية، بل قل القتل عن سابق إرادة وتصور، وأنّ هذا القتل يمارسه من اصطلحت عليهم دائماً بالمستحاثات في المشهد الثقافي العربيّ، الذين يستبسلون عادة في حجب الضوء عن المواهب الجديرة بأن يكون لها حضورها في هذا المشهد. ولذلك، ومن اليوم الأول لمهمتي رئيساً للاتحاد وضعت نصب عينيّ تمكين كل صوت إبداعيّ جديد من الجهر بنفسه في دوريات الاتحاد وأنشطته، بل تعزيز حضوره إلى جانب القامات الإبداعية الكبرى، لأن هذه الأصوات ستكون مستقبل الثقافة في سورية، وإقصاؤها لا يعني سوى شيء واحد هو إطلاق النار على هذا المستقبل.

• وقع شرخ كبير بين أبناء الجيل الجديد، فكيف سيتمسك ببقائه في الأرض وما الذي يقع على عاتق اتحاد الكتاب العرب من مسؤولية تجاه ذلك؟
العروبة هوية وليست خياراً، والسوريّ طوال تاريخه اختار الانحياز إلى أرضه ووطنه ومجتمعه وهويته، ولم ولن يستطيع الخروج من جلده، ومهما يكن من أمر هذه الحرب المجنونة على سورية ومن نزيف التهجير الذي عصف بالشباب السوريّ بإرادات الغرب المتوحش دائماً، فإن ثمة الكثير مما يعزز الثقة لديّ بأن هذا العصف فعل طارئ في الزمان والمكان، وأنّ هؤلاء الشباب، بدرجات متفاوتة بينهم لا شك، لا بد أن تبقى سورية بالنسبة إليهم الرحم الذي لا يمكن مغادرته إلا مجازاً، وأنّ على الاتحاد غير مسؤولية في هذا المجال، ومن ذلك إنجاز ورشات بحثية تعنى بأسباب ذلك النزيف وعوامله وبدائله، وأن تتم دعوة الشباب أنفسهم إليها بالمشاركة مع الكفاءات البحثية التي ستعالج معرفياً تلك الأسباب والعوامل والبدائل. ولعله من المهم الإشارة إلى أن أي فعل ثقافي لا يضع في مقدمات مشروعاته ذلك، أي تعزيز إرادة الشباب في الانتماء إلى سورية جغرافية ووعياً، سيبقى فعلاً معلقاً في الفراغ، ليس فيما يعني الاتحاد وحده، بل، أيضاً، فيما يعني الجهات المسؤولة جميعاً.

• كلمة من نضال الصالح لصحيفة «الوطن»:
شكراً لصحيفة الوطن التي مثلت بالنسبة إليّ شخصياً حاضنة إعلامية، ورافعة ثقافية، جديرة بالتقدير، ولن أنسى ما حييت ما نشرته للعزيز حسن م يوسف، وللحسن نفسه قبل ذلك، ما اختار الحسن عنواناً متميزاً له هو «النضال الصالح الوحيد» عندما كنت أنوء تحت وطأة الحصار الجائر والقبيح والتهديد بالقتل في مدينتي حلب، ولن أنسى لـ«الوطن» أنها كانت أول صحيفة محلية تحاورني عندما تمت تسميتي معاوناً لوزير الثقافة، وها هي اليوم تجدد فروسيتها عبر هذا اللقاء، وفور تسلمي لمهمتي رئيساً لاتحاد الكتاب العرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن