ما إن أنهى آلاف العراقيين إحياء الذكرى الثالثة لاستشهاد القائدين قاسم سليماني قائد فيلق القدس الإيراني وأبو مهدي المهندس نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، مساء الثاني من كانون الثاني الجاري، مُحيين ساعة استشهادهما حتى ساعات فجر اليوم التالي، حتى انطلق «عواء» صحف ومواقع إلكترونية سعودية التمويل والتوجيه، تستهزئ بالذكرى، على أنها كانت «خجولة» لم يحضرها أي مسؤول أو قيادي بارز في الإطار التنسيقي سوى رئيس الحشد الشعبي فالح الفياض والأمين العام لعصائب أهل الحق قيس الخزعلي، مُروجة أن خلافاً سبق الاحتفال، بسبب مطالبة قوى في الإطار التنسيقي بإلغاء المسيرة على طريق مطار بغداد الدولي لإقامة الاحتفال في موقع الجريمة، خشية من إغضاب الأميركيين، ما يؤثر في حالة التقارب الحاصلة مع الولايات المتحدة الأميركية، وينعكس سلباً على الزيارة المرتقبة لرئيس الحكومة إلى أميركا، خاصة أن رئيس الوزراء كان قد وافق على طلب أميركي بمنع أي تظاهرات أو حراك احتجاجي مناهض لواشنطن في بغداد كأحد شروط دعم ترشيحه لرئاسة الوزراء، حسب تلك الصحف والمواقع الإلكترونية، مشيرة إلى أن قوى الإطار التنسيقي كانت تأمل بأن يكون يوم «الحادث» عطلة رسمية، مؤكدة أن الخلافات بهذا الشأن هي سلسلة من الانقسامات المستمرة داخل الإطار التنسيقي منذ بداية تشكيل الحكومة الجديدة.
وعلى هذه الشاكلة رددت صحيفة عراقية واحدة، ممن ضلت «الطريق» وتاهت في «المدى»، «العواء» ذاته، مؤكدة أن الانقسامات داخل الإطار التنسيقي ستدفع باتجاه تفككه، وهو ما كانت تردده على مدى أكثر من عام، ولم يتحقق، لأنه ليس أكثر من أمنيات في إطار معاداتها لقوى المقاومة في العراق والمنطقة، بعد أن نقلت بندقيتها علناً وبكل صلافة من الكتف اليسار إلى اليمين.
ثلاث عشرة محافظة من أصل 18 محافظة عراقية، أعلنت تعطيل الدوام الرسمي بمناسبة الذكرى الثالثة لاستشهاد قادة النصر، مقيمة فعاليات سياسية وثقافية وعلمية بهذه المناسبة، ما زال بعضها مستمراً حتى تاريخه، إضافة إلى احتفال محافظتين بالذكرى من دون تعطيل دوامهما الرسمي، ولم يتجاهل ويتنكر لتضحيات القائدين الكبيرين سوى محافظات إقليم كردستان الثلاث.
الكذب والتشويه السعودي عبر صحفها ومحلليها المرتزقة، استمرا على مدى يومين إلى أن جاء يوم الخميس الـ5 من كانون الثاني الجاري، ليحتفل العراق في مهرجان رسمي مركزي بذكرى استشهاد قادة النصر بكلمات صريحة وشاجبة، ألقاها رؤساء الجمهورية، والوزراء، ومجلس القضاء الأعلى، والحشد الشعبي، ولم يغب عن المهرجان إلا رئيس المجلس النيابي محمد الحلبوسي!
عبد اللـه العلياوي الذي ناب عن رئيس الجمهورية، قال في كلمته: إن «جريمة اغتيال قادة النصر يجب أن تبقى موقعاً للاستنكار والرفض وتكون في أولويات التعامل السياسي العراقي حتى تحقيق العدالة».
رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، اعتبر «قيامَ الإدارة الأميركيةِ السابقةِ بهذا العملِ يُعدُ اعتداءً صارخاً على الأرض والسيادةِ العراقيةِ وهو مدانٌ بجميعِ الأعرافِ والقوانينِ الدولية، كما أنه عملٌ خطيرٌ كانَ يمكنُ أن تؤدي تداعياته إلى تهديدِ الأمن والاستقرارِ في المنطقةِ جمعاء»، مؤكداً أن «استهدافَ قيادةٍ كان لها الدورُ البارزُ في دفعِ الهجمةِ الإرهابيةِ الخطرةِ على العراقِ والمنطقةِ في أثناء المعركةِ لا يعبرُ عن احترامٍ للاتفاقياتِ الثنائيةِ وعلاقاتِ الصداقةِ بين الدولتين»، وأن «دماء شهداء قادة النصر يجبُ ألا تذهبَ سُدى».
بالمقابل، أكد رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان أن «القضاء لن يتردد في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يثبت عليه دليل اشتراكه في هذه الجريمة، ومصداق ذلك صدور مذكرة قبض بحق الرئيس السابق للولايات المتحدة الأميركية دونالد ترمب الذي اعترف علناً بأنه هو من أمر بارتكاب هذه الجريمة، لذا اعتبر القضاء هذا دليلاً كافياً لاتخاذ الإجراءات القانونية بحقه»، عاداً اغتيال المهندس وسليماني «وصمة عار في جبين كل من ارتكبها أو اشترك فيها».
في الـ7 من كانون الثاني 2021، أصدر القضاء العراقي مذكرة إلقاء القبض بحق رئيس الولايات المتحدة الأميركية السابق دونالد ترامب «وفق أحكام المادة 406 من قانون العقوبات العراقي النافذ» وعقوبتها الإعدام، في جريمة اغتيال قادة النصر ورفاقهم، وهو قرار لم يسبق لأي قضاء عربي أو دولي أن أصدر مثيلاً له.
الشخصية الثورية التاريخية الأرجنتينية آرنستو (تشي) جيفارا، كانت ولا تزال محط إعجاب واعتزاز لكل من تصدى لقوى الرأسمالية والإمبريالية الأميركية، فما الغريب أن يكون سليماني والمهندس اللذان كانا أسطورة في مواجهة الأدوات الأميركية والصهيونية الإرهابية وأذنابها في المنطقة، محل تقدير وفخر لأحرار كل العالم.
التذكير بالجريمة وببطولات القادة الشهداء في كل ذكرى وكل يوم، لن يتوقف، وحملات الكذب والتضليل والتشويه ممن ترعبهم هذه الذكرى لا قيمة لها.
موعد الحساب والقصاص آت لا محالة، ولتموتوا بغيظكم.