سورية

في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الإيراني.. عبر عن تقديره لجهود طهران وطالب من «القيادة التركية» أن تمارس الإيجابية المطلقة في المحادثات لتنجح … المقداد: أي لقاءات سياسية مع الأتراك ستبنى على خلفية احترام سيادة واستقلال سورية … عبد اللهيان: العلاقات في أفضل أحوالها والتحضير لوثيقة تعاون إستراتيجي طويلة الأمد

| سيلفا رزوق

أكد وزير الخارجية والمغتربين فيصل المقداد أن الشعب الإيراني يحمل سياسات المودة والمحبة تجاه السوريين والزيارات الرسمية المتبادلة بين الجانبين، تدعونا دائماً للتفاؤل، مؤكداً أن العلاقات بين سورية وإيران إستراتيجية وستكلل خلال الأيام والأسابيع القادمة بجوانب تشهد على عمق هذه العلاقات وإيمان حكومتي البلدين بضرورة تطويرها.

وخلال مؤتمر صحفي جمعه بنظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان عقب المباحثات الرسمية التي جرت بينهما في مبنى وزارة الخارجية والمغتربين لفت المقداد إلى أن زيارة الوزير عبد اللهيان تأتي في ظل تطورات جديدة في المنطقة والبلدين والتحديات المستمرة من قبل الولايات المتحدة والكيان العنصري الصهيوني وعملاء هؤلاء في المنطقة والعالم، فهؤلاء لا يريدون أن يرى الشعب السوري يمر بمرحلة مريحة ولذلك هذه التحديات مستمرة.

وبين المقداد أنه بالنسبة لإيران ومنذ قيام الثورة الإسلامية عام 1979 فإن التحديات مستمرة منذ اللحظة الأولى وحتى الآن، وهذا يعني أننا كقوى تمارس دورها على أرضها ولمصلحة شعبيها، فإننا نواجه ما نواجهه ونتصدى لكل ما يمكن أن يؤثر على مواقف شعبينا وعلى قضايا الأمن والسلام والتقدم فيهما، وأضاف: «أتقدم بالشكر لإيران على تطوير علاقاتنا في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية، ونؤكد على أن العلاقات بين بلدينا إستراتيجية، وستكلل خلال الأيام والأسابيع القادمة بجوانب تشهد على عمق هذه العلاقات وإيمان حكومتي البلدين بضرورة تطويرها».

من جهته لفت عبد اللهيان إلى أنه وخلال اللقاء الذي جرى مع الرئيس الأسد جرى التطرق للمواضيع الثنائية المهمة والقضايا الثنائية والدولية، مشيراً إلى أن الرئيس الأسد أكد على دعوته للرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي لزيارة دمشق، وقال: «نحن سنبذل قصارى جهدنا من أجل توفير الأرضية المناسبة لإجراء هذه الزيارة، وخلال اللقاء الذي جرى مع المقداد تطرقنا للسبل والطرق من أجل توسيع العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين في القطاعين الخاص والعام وكانت وجهات نظرنا متفقة حول هذا الموضوع».

المقداد ورداً على سؤال حول المعوقات التي تقف في وجه تطوير التعاون الاقتصادي بين البلدين لفت إلى أنه وخلال اللقاء الذي جرى بين الرئيس الأسد وعبد اللهيان تم التطرق إلى كل مجالات العلاقات بين البلدين الشقيقين، وسورية تعتز بهذه العلاقات وتسعى لتطويرها في مختلف المجالات، مشيراً إلى العقوبات الغربية اللاأخلاقية المفروضة على سورية، وقال: «تصوروا حجم هذه العقوبات وتصوروا لو لم يكن هناك بلد حليف لسورية مثل إيران وبلدان شقيقة وصديقة أخرى فما الذي كان سيحدث»؟

وأضاف: «نحن نبحث في كل اللقاءات التي نجريها أهمية تعزيز العلاقات بين البلدين، وصحيح أن سورية محاطة بعقوبات قاسية ومرفوضة من قبل المجتمع الدولي، لكن إيران ومنذ قيام الثورة الإسلامية فيها مازالت تحت العقوبات وتتعرض للضغوط ذاتها، ونحن نلتقي لنعزز العلاقات لإزالة أي تأخر من قبل القطاعين العام والخاص بين البلدين، ولنضع سكة جديدة دائمة ومستمرة لتعزيز العلاقات الاقتصادية».

وأشار المقداد إلى أن إيران تمتلك الكثير من المقدرات وسورية تملك أيضاً الكثير من المقدرات رغم النهب الذي تقوم به واشنطن لمقدراتها وثرواتها، مبيناً أن الدولة كانت في موقع دائم لتلبية احتياجات الشعب السوري لولا هذا النهب الاستعماري المستمر من قبل الولايات المتحدة لإمكاناتنا النفطية والزراعية، وحتى المياه، وأضاف: «أوجه تحية إكبار لأهلنا في الجزيرة السورية على صمودهم وتحملهم لكل أنواع الأمراض والضغوط التي يتعرضون لها ونقول للذين يمنعون المياه من الوصول لأهلنا، أن نهاية سياساتهم قريبة ولن يستمر الوضع كما يشاؤون لأن شعبنا عرف من هم الأصدقاء إقليمياً ودولياً ومن هم الأعداء الذين يريدون له الهلاك بالكوليرا والأمراض الأخرى».

بدوره لفت عبد اللهيان إلى أن العلاقات بين طهران ودمشق في أفضل أحوالها، مشيراً إلى أن الرئيس الأسد أكد على أن قيادتي البلدين عازمتان على توسيع العلاقات بينهما، وقال: «في كلا البلدين يجب أن نبذل قصارى جهودنا في العلاقات الاقتصادية والتجارية لتصل لمستوى العلاقات السياسية، وهناك وثائق عديدة تم التوقيع عليها ويتم تنفيذها حالياً، وليس هناك أي خلاف في وجهات النظر تؤدي لعدم توقيع أي وثيقة بيننا، وأنا وزميلي المقداد توصلنا لاتفاق بشأن تجهيز وثيقة التعاون الإستراتيجي طويلة الأمد بين البلدين لنوقع عليه في المستقبل».

ورداً على سؤال لـ«الوطن»، بخصوص التوريدات النفطية الإيرانية والمساعدات الإيرانية لسورية فيما يخص قطاع الطاقة، بين عبد اللهيان أن التعاون بين طهران ودمشق مستمر في كل المجالات لاسيما في مجال الطاقة، وتم إجراء محادثات على مستوى وزراء الطاقة في كلا البلدين من أجل إنشاء محطات كهرباء في سورية، مشيراً إلى أن سورية لها ثروات كبيرة وكلا الطرفين لهما إمكانات وطاقات عالية لذلك فإن إحدى المجالات الجادة في تعاوننا بين بعضنا بعضاً هو في مجال الطاقة.

وبخصوص ما يجري من تصريحات حول لقاءات سياسية مرتقبة بين الجانبين السوري والتركي قال المقداد: «أثيرت خلال الأيام الماضية الكثير من التكهنات والإعلانات عن مثل هذا اللقاء وأؤكد لكم أن العلاقات بين سورية وتركيا كانت علاقات طبيعية قبل 2011 وقائمة على حسن الجوار والاهتمام بالمصالح المشتركة بين البلدين، نحن في كل تحرك لنا منذ عام 2011 وحتى اللحظة نسعى وبكل جهد ممكن من أجل إنهاء الإرهاب الذي عمل على تعكير صفو هذه العلاقات ووقف هذه العلاقات وأدى إلى ما أدى إليه من دمار للبنى التحتية والمؤسسات في سورية».

وأضاف: «لن نعيد ما كنا قلناه بخصوص مخاطر دعم الإرهاب، بأن هذا الإرهاب إذا ضرب سورية في فترة معينة فإنه سيضرب دولاً أخرى قريبة أو بعيدة من سورية، ولا يمكن استثناء دول الجوار من ذلك».

المقداد لفت إلى أن «لقاء الرئيس الأسد والقيادة التركية يعتمد على إزالة الأسباب التي أدت إلى هذا الوضع وإلى الخلافات التي حلت مكان التوافقات التي بنيت عليها العلاقات السورية-التركية سابقاً»، وقال: «في هذا الإطار انعقد لقاء وزراء دفاع سورية وروسيا وتركيا، حيث ناقشوا في لقائهم القضايا المهمة بين البلدين لكن الخطوات العملية التي يجب أن تترجم على أرض الواقع تركت للخبراء الفنيين من جيشي البلدين وبحضور ومشاركة ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية، لكي نتوصل لحل هذه المشاكل التي تراكمت بين البلدين خلال الفترة الماضية، بما في ذلك الحضور العسكري التركي للأراضي السورية والذي نعتبره احتلالاً يجب أن ينتهي».

وشدد المقداد في هذا الإطار على أنه «يجب خلق بيئة مناسبة من أجل لقاءات على مستويات أعلى إذا تطلبت الضرورات ذلك، وأي لقاءات سياسية يجب أن تبنى على خلفية محددة تحترم سيادة واستقلال الجمهورية العربية السورية، ووجود القوات المسلحة السورية كضامن حقيقي لسلامة الأراضي السورية وكذلك أراضي الجوار، وهذا هو الشيء الذي يحدد إمكانية عقد مثل هذه اللقاءات من عدمها».

وأضاف: «نتوجه للأطراف الأخرى المعنية لكي تمارس الإيجابية المطلقة في هذا المجال لأنه لا يمكن للحديث أن ينجح من دون إنهاء الاحتلال ومن دون إنهاء الإرهاب ومن دون إعادة العلاقات للمبادئ التي بنيت عليها أصلاً».

من جهته وفي تعليق له على الدور الذي تلعبه إيران بخصوص الوساطة بين دمشق وأنقرة بَيَّنَ عبد اللهيان، أن تركيا وسورية بلدان مهمان في المنطقة ولطهران علاقات مميزة وجيدة مع كلا البلدين، وعندما علمت إيران بأن هناك احتمال بشن القوات العسكرية التركية هجوماً على شمال سورية دخلت لهذه المعادلة للحيلولة من دون شن حرب عسكرية على هذه المنطقة، وأضاف: «نحن سعداء بأن الجهود الدبلوماسية التي بذلتها إيران والحوارات التي جرت بين رؤساء إيران وسورية وتركيا أدت إلى أن يأخذ الحوار مكان الحرب، ونحن نعتقد بأنه يجب احترام سيادة الدول ووحدة أراضيها ونحن سنستمر في جهودنا الدبلوماسية من أجل التقارب وحل المشاكل العالقة بين تركيا وسورية».

من جهته عبر المقداد عن تقدير سورية للجهود التي بذلتها إيران من أجل إصلاح العلاقات بين سورية وتركيا، وقال: «نؤكد دائماً على أن الوجود العسكري التركي في سورية والدعم الذي تتلقاه المجموعات الإرهابية المسلحة من قبل الجانب التركي هو الذي أعاق هذه الجهود، لكن التنسيق القائم بيننا وبين الأشقاء في طهران في إطار أستانا والمنظمات الدولية وعلى مختلف المستويات يثبت بأن إيران تقف مع الحق وتقف مع المبادئ التي رسختها في سياستها الخارجية وهي الحفاظ على وحدة أرض وشعب الدول بما في ذلك وحدة أرض وشعب الجمهورية العربية السورية، ونتمنى للجهود التي بذلتها والتي ستبذلها إيران في هذا المجال كل النجاح في المستقبل».

وحول الموقف السوري من الاعتداءات الإسرائيلية المتواصلة على البنية التحتية السورية وما تقوم به حكومة الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني، قال المقداد: «ناقشنا لوقت طويل سواء خلال اللقاء مع الرئيس الأسد أم اللقاء الثنائي الأوضاع على الساحة الفلسطينية، وكرر الرئيس الأسد موقف سورية من الاعتداءات والجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلية بحق الأبرياء وأصحاب الأرض الحقيقيين، وشلال الدماء الذي ينزف الآن في فلسطين هو شهادة على فاشية الإسرائيليين».

واعتبر المقداد أنه خلال الأيام الماضية ظهرت دموية حكومة هذا الاحتلال التي لا تختلف عن سابقتها، وسورية وإيران تقفان مع الشعب الفلسطيني، وأضاف: «نعبر عن إدانتنا الشديدة ليس فقط للقيادات الإسرائيلية الفاشية التي صعدت من هجمتها الدموية على الشعب الفلسطيني في الأيام الماضية، وأيضاً مع كل من يتعاطف مع هذا الكيان ولا يسعى إلى وقف هذه السياسات الإسرائيلية الدموية، ونؤكد على أن ما تقوم به إسرائيل على الأراضي الفلسطينية هي جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإذا كانت هناك إنسانية لدى الدول التي تقدم الدعم المستمر للكيان الإسرائيلي، فهي فشلت في الاختبار لأنها لم تجبر إسرائيل على وقف دمويتها ولا اعتداءاتها على أطفال وشبان وأصحاب الحقوق الفلسطينيين».

وفيما يتعلق بالاعتداءات الإسرائيلية على سورية، بين المقداد أن قوات الاحتلال الإسرائيلي تقوم بالاعتداءات بشكل متعمد على المطارات السورية في حلب ودمشق وعلى ميناء اللاذقية، وأضاف: «أؤكد لكم بأن الجمهورية العربية السورية لا يمكن أن تنسى شهداءها ولن تنسى خسائرها ولن تنسى هذا التطاول الصهيوني المدعوم من قبل بعض القوى الدولية، وهي حريصة على ممارسة سيادتها واستقلالها وحريصة على شعبها وحقها في تنمية العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة التي تريدها»، مشدداً على أن «هذه السياسات نضعها في ذهننا، وشعبنا لن ينسى هذه الاعتداءات وستعرف إسرائيل في وقت ما، وسورية ستقوم بدورها بالرد على هذه الاعتداءات وتكبيد قوات الاحتلال بالخسائر التي لن تنساها، وستشعر عنده بكل هذه الاعتداءات التي قامت بها على سورية».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن