عربي ودولي

مصادر مصرية تستبعد نجاحها … أنباء عن وساطة سعودية لإنهاء التوتر المصري التركي وشكري ينفي إمكانية لقاء مسؤولين مصريين بأردوغان

القاهرة – فارس رياض الجيرودي

تتردد في القاهرة أصداء جهود تحاول السعودية القيام بها بهدف تخفيف حدة التوتر في العلاقات المصرية التركية، وذلك إثر قيام الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بإيفاد وزير خارجيته سامح شكري لمهمة عاجلة في الرياض، وذلك رغم نفي وزير الخارجية المصري قبل سفره من القاهرة ما تردد عن الوساطة السعودية، ونفيه إمكانية عقد لقاء بين المسؤولين المصريين والرئيس التركي الموجود حالياً في السعودية، وقال شكري: «سألتقي خلال زيارتي للسعودية عدداً من كبار المسؤولين السعوديين لبحث آخر تطورات الأوضاع الإقليمية والتحضير لجولة لجنة التنسيق القادمة بين الجانبين».
وكانت معلومات تم تداولها في الوسط الإعلامي قد أشارت إلى وجود مساعٍ، يقوم بها أمين عام مُنظمة التعاون الإسلامي السعودي إياد مدني لجسر الهوة بين الطرفين، حيث لوحظت تحركاته الإقليمية في هذا الإطار، خلال الأيام القليلة الماضية، فقد استقبله الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الأحد، وعرض مدني من جانبه، ما تعتزم الأمانة العامة القيام به من مبادرات وبرامج في المرحلة المقبلة والتحضيرات الجارية للقمة الإسلامية التي ستنعقد في إسطنبول منتصف نيسان المقبل، ومن المُقرر أن تترأسها مصر، وقبيل لقاء مدني بالرئيس السيسي، كان قد التقى نهاية الأسبوع الماضي في جدة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الموجود حالياً في السعودية لأداء مناسك العمرة، اللافت للانتباه قيام السيسي بإيفاد وزير خارجيته سامح شكري لمهمة عاجلة في المملكة عقب لقاء مدني بالسيسي (الأحد) في القاهرة، وربما تكون زيارة شكري المستعجلة للرياض بحسب مراقبين مرتبطة بالجهود التي تبذلها السعودية لحل الخلافات الكبيرة والمتنامية بين الجانبين المصري والتركي، لكن الأمر برمته ﻻ يزال محاطاً بالسرية، وكان شكري قد التقى في الرياض بكل من ولي العهد وولي ولي العهد السعوديين، بينما اتصل الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز بالسيسي هاتفياً، الأمر الذي رأى فيه البعض مفاوضات واضحة بشأن العلاقة بين أنقرة والقاهرة.
ويضع محللون الجهود السعودية في إطار محاولة وضع حد للصراع بين حلفائها التي أعلنت مشاركتهم فيما سمته الحلف الإسلامي، وذلك إثر ارتفاع منسوب التوتر الأخير في العلاقات السعودية مع إيران بسبب إعدام الشيخ النمر وما تلاه من ردة فعل إيرانية شعبية ضد المقرات الدبلوماسية السعودية في إيران، وكذلك بعد الضربات التي تعرض لها الدوران السعودي والتركي الإقليميان بسبب التدخل الروسي في سورية، وأزمة السعودية المتنامية في اليمن، والمأزق الذي وجدت تركيا نفسها فيه عقب رد فعل الحكومة العراقية الحازم على تدخلها العسكري في العراق، حيث يجد الطرفان السعودي والتركي (اللذان تناسيا الخلافات بينهما) في وضع يحتاجان فيه للتقارب مع القاهرة.
وأشارت مصادر مصرية، إلى أن المملكة السعودية سعت من قبل للمصالحة المصرية التركية، فقد سبق أن زار الرئيس المصري السعودية في آذار الماضي، وبعد بدء زيارته بيومين، وصل أردوغان للمملكة السعودية في زيارة رسمية، وقبلهما كان هناك الأمير القطري تميم بن حمد آل ثاني، وهو ما يصعب أن يأتي مصادفة، وفق متابعي ملفات المنطقة.
وأكدت المصادر أن التجهيزات للقمة الإسلامية تجري على قدم وساق، وربما يكون هذا الحدث مناسبة تريد الرياض استغلالها للمضي قدما في مسار المصالحة بين الغريمين السيسي وأردوغان، إذ من المقرر أن تعقد القمة الإسلامية القادمة في إسطنبول برئاسة أردوغان، بينما رئيسها الحالي هو السيسي، حيث تبقى الأزمة قائمة فيما يتعلق بكيفية تسليم السيسي رئاسة القمة إلى غريمه في قلب تركيا وبحضور زعماء نحو 57 دولة، من دون أن تتم المصالحة بينهما.
لكن المصادر المصرية تستبعد حتى اللحظة وجود أمل في نجاح المساعي السعودية الحثيثة، مشيرة إلى أن المشكلة المصرية مع نظام أردوغان تتعلق بطموحات استعمارية لم يتخل عنها الرجل حتى اللحظة، وهي طموحات تمتطي صهوة التنظيم العالمي للإخوان المسلمين، الذي يشكل خطراً مباشراً على الأمن القومي المصري، لذلك من المستبعد أن تقدم القاهرة على أي مصالحة مع أنقرة قبل طرد قيادات التنظيم الإخواني المقيمة على الأرض التركية وقبل وقف جميع القنوات التابعة لهم التي تبث منها، وهو ما لا يبدو أن أردوغان مستعد للقبول به ما دام غارقاً في أحلامه الإمبراطورية، على حد تعبير المصدر المصري، التي ترجمها إلى خطوة التدخل العسكري في العراق مؤخراً، وفي هذا الإطار يقول مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق جمال بيومي، إن: «تركيا دولة تصر على لعب دور استعماري في العراق وسورية، وهو ما دفع الجامعة العربية لإصدار بيان يشجب نشر أنقرة لقوات عسكرية في العراق».
كما أشارت المصادر المصرية إلى ما كتبه الكاتب التركي البارز «إسماعيل ياشا» في تغريدة له على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر» حيث رأى أن: «المحللين الذين يرون أن العلاقات التركية المصرية يمكن أن تعود إلى سابق عهدها بتوسط السعودية مع وجود السيسي لا يعرفون طبيعة شخصية أردوغان على الإطلاق»، كما جاء في نص التغريدة. ويبقى أن من سيحسم الجدل حول التصالح بين (مصر وتركيا) هو خطوة إعلان الرئاسة المصرية توجه الرئيس السيسي إلى تركيا لحضور مؤتمر منظمة التعاون الإسلامي من عدمها.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن