الأولى

إيران «تجهز» على مشروع بني سعود

| رئيس التحرير

إذاً ها هي نهاية العقوبات الدولية على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وها هو الانتصار الذي طال انتظاره للشعب الإيراني الذي صمد ثلاثة عقود، ليرى بلاده مجدداً في «نادي الكبار»، ليس فقط كقوة سياسية ولاعب إقليمي ودولي رئيسي، إنما أيضاً قوة اقتصادية وصناعية وثقافية يتسارع زعماء العالم لكسب ودها لما باتت عليه اعتباراً من أمس ولعقود قادمة.
صبرت إيران كثيراً وصمد شعبها صموداً استثنائياً في مواجهة الولايات المتحدة والدول الأوروبية وسياسة العقوبات التي فرضت ظلماً وبهتاناً وانتهاكاً لكل شرائع الأمم المتحدة وحقوق الإنسان، وصمدت إيران خاصة في مواجهة كل الحروب المباشرة وغير المباشرة التي شنت عليها بحجج واهية كان الهدف منها تدمير هذه الدولة لما تشكله من خطر ثقافي واقتصادي وديني على مملكة بني سعود وحكامها الذين شنوا تلك الحروب طوال العقود الثلاثة الماضية بالتعاون والتشارك مع إسرائيل الرافضة لوجود أي قوة إقليمية في المنطقة.
حاول السعوديون خلال هذه الفترة تدمير إيران، تارة من خلال الحرب مباشرة مع العراق، وتارة من خلال الحرب غير المباشرة عبر محاولة تدمير سورية، وقبلها عام 2006 عبر محاولة تدمير حزب اللـه لعزل إيران وتقليص دورها الإقليمي في المنطقة لمصلحة دور أكبر للسعودية وتركيا، وتارة من خلال دعم وتمويل سياسة العقوبات وشراء عدد من زعماء العالم «الديمقراطي» لحثهم على تعطيل الاتفاق النووي الذي وقع أخيراً.
آخر محاولات بني سعود كانت من خلال اغتيال الشيخ النمر وافتعال توتر وجر إيران إلى المواجهة المباشرة والإيعاز لعدة دول بقطع العلاقات الدبلوماسية معها عل إيران تُمارس ردة فعل تعطل عملية رفع العقوبات التي أنجزت مساء أول من أمس، فكان الإيراني أذكى، كما كان كذلك منذ بداية المواجهة مع بني سعود في الثمانينات، فلم ينجر إلى ردة الفعل، كما لم ينجر سابقاً حين اغتالت السعودية 1200 من الحجاج الإيرانيين ومن بينهم عدة شخصيات مهمة.
على الصعيد الاقتصادي، حاول السعودي استباق عودة إيران إلى نادي الأمم، فساهم مع الولايات المتحدة الأميركية بخفض سعر برميل النفط متعمداً على ما يملكه من احتياطي نقدي تجاوز الـ700 مليار دولار مودعة في عدة بلدان في العالم ولاسيما الحصة الأكبر في المصارف الأميركية، فكان أن أهلكته الحرب غير المبررة وغير الإنسانية التي يشنها على الشعب اليمني وعلى الحضارة اليمنية والإنسان اليمني، فاستمر هبوط سعر البرميل ودخول الولايات المتحدة نادي المصدرين لأول مرة منذ عام 1973 وعودة إيران اليوم لذات النادي ما يعني القضاء السريع على مدخرات واحتياطات بني سعود الذين وقعوا في شر أعمالهم حين لم يقرؤوا أن واشنطن لم تعد بحاجة إلى عمالتهم في المنطقة، وباتت أقرب إلى إيران من أي دولة خليجية اعتقدت لوهلة من الزمن أنها «اشترت» الولايات المتحدة الأميركية بمالها أو من خلال رقص زعمائها أو التقرب من إسرائيل.
اليوم دخلنا مرحلة جديدة في الشرق الأوسط، مرحلة صراع المحاور، فسياسياً محور المقاومة الذي تنتمي إليه إيران وسورية ولبنان والعراق ومعه روسيا والصين، بات أكثر صلابة من أي وقت مضى نتيجة صمود الشعب والقيادة السورية والدعم الروسي والصيني الكامل لهذا المحور الذي مصيره أن يصبح أكثر قوة وتأثيرا خلال الأشهر القليلة المقبلة بعد عزل تركيا ولجم مشاريعها العثمانية التوسعية وهزيمة بني سعود وكل مرتزقتهم وإرهابييهم في سورية والعراق.
سيعمل السعوديون على تأسيس محورهم بالتعاون مع إسرائيل لحماية عرشهم من السقوط القادم وبسرعة، وهم بدؤوا فعلاً من خلال اتصالات عالية المستوى مع العدو الصهيوني وبداية تطبيع يأخذ عدة أشكال على عدة صعد، وقد يصبح علنياً في أي وقت الآن، بعد هزيمة بني سعود في مواجهة إيران.
صراع المحاور سياسياً قد يتخذ عدة أشكال إن كان من خلال تعطيل الحوار السوري السوري في جنيف، أو من خلال افتعال أزمات جديدة في المنطقة وتنامي الإرهاب الوهابي، لكن القلق يكمن في مواجهة مباشرة قد تحصل في لبنان، وها هو فريق 14 آذار بدأ يعد العدة لمزيد من التصعيد والتوتر السياسي.
اقتصادياً بدأ سباق كبرى شركات العالم نحو إيران، وقريباً تبدأ عملية إعادة إعمار سورية، وهذا من شأنه أن يجعل من المنطقة مركزاً لاستقطاب دول العالم التي لن ترضخ بعد أمس لضغوطات السعودية الاقتصادية لمنع التعامل مع إيران.
في المحصلة يمكن أن نجزم أن إيران بصبرها ودبلوماسيتها وجيشها وشعبها ومع حلفائها السوريين ومع حزب اللـه وروسيا والصين، ساهموا جميعهم وكل بدوره، بإسقاط المشروع الوهابي، وأجهز جميعهم على بني سعود وكل أموالهم ونفطهم.
اليوم لا يمكن إلا أن نبارك لإيران ولسورية ولحزب اللـه ولكل الحلفاء، هذا الانتصار، وبانتظار الانتصار الكبير على الأرض السورية بطرد إرهاب بني سعود.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن