قضايا وآراء

ماذا لو غاب الإنعاش الأميركي؟

| عبد المنعم علي عيسى 

كان من المقرر أن يحسم الائتلاف السوري المعارض قراره بالذهاب إلى جنيف3 (وهو ما سيكون بالتأكيد) من عدمه في الاجتماع الذي عقده الثلاثاء 26/1/2016 إلا أن القرار قد أرجئ إلى اليوم التالي في مؤشر يدل على حجم الضغوط التي يتعرض لها ليس من أجل المشاركة في جنيف3 فحسب بل لكي يبقى ذلك الكيان كتلة واحدة.
تشير حالة الارتباك الناجمة أصلاً عن عدم القدرة في التقاط اللحظة الأميركية التي انتقلت فيها واشنطن من قوة تغيير على الأرض إلى قوة تتبصر في تداعيات ذلك التغيير ومآلاته، إلى وضع مأزوم بات اليوم يواجه وضعاً صعباً للغاية وهو ما أعلنه عبد الباسط سيدا الرئيس الأسبق للائتلاف من قناة العربية 26/1/2016.
إذاً الائتلاف بات في وضع صعب والأصح أن خياراته قد ضاقت حتى باتت طريقاً ذا مسلك واحد وهو ما تبلغته دوائر القرار الائتلافية وما دفع بالمنسق العام للهيئة التفاوض العليا 12/1/2016 إلى القول: إن واشنطن قد تراجعت عن موقفها في سورية لإرضاء موسكو، مهدداً أوباما بأن التاريخ سوف يحاسبه، هذا المسار الأميركي كان قد بدأ مع زيارة جون كيري إلى موسكو 15/12/2015 لنرى فيما بعد ذلك التاريخ أن واشنطن ماضية في خلق نقاط تموضع عملياتية على الأرض فها هو الملك الأردني يقول في أعقاب خروجه من لقاء أوباما في واشنطن 13/1/2016: إنه «ينسق مع الروس لوقف إطلاق النار في الجنوب السوري» وهو تصريح يحمل بين ثناياه أمراً مهماً هو أن فكرة تهديد دمشق لم تعد قائمة بل إنها أصبحت من الماضي حتى على الورق.
من المهم اليوم أن يتساءل الائتلافيون: هل كان بالإمكان الوصول إلى الحالة التي وصلوا إليها لولا الدعم الأميركي الغربي الخليجي المطلق؟ وإذا ما كان الجواب بلا (وهو كذلك بالتأكيد) عندها يجب الإجابة عن سؤال آخر متمم: كيف سيكون وضع الائتلاف إذا ما فقد ذلك الدعم؟ ثم ما الخيارات التي يجب أن تكون نصب الأعين في هذه اللحظة السياسية من عمره؟
هناك مشكلة كبيرة في صناعة القرار السياسي الائتلافي إذا ما كان هناك يقين بأن الأصوات العالية والصراخ الذي مورس في العديد من المنابر وعلى الهواء كان يمكن له أن يكون لولا أكسير الحياة الذي كانت تضخه واشنطن في شرايين مطلقيها ولذا فإن غياب ذلك الأكسير يعني بالضرورة أن تلك التركيبة لم تعد ذات قيمة سياسية ومن المهم أن تدرك في هذه اللحظات أنه عندما تحين الظروف الموضوعية لقيام حل سياسي للأزمة السورية فإن حصيلة تلك القوى في الميزان ستكون صفراً ولن يكون من الصعب فرض أي تسوية عليها مهما كانت فمن لم تستطع أكتافه حمل مشاريعه يجب أن يتوقع تعب الآخرين منها.. ورميها لاحقاً.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن