ثقافة وفن

هل تزوجت «العندليب»؟ وما سر انفصالها عن «بدرخان»؟ … سعاد حسني.. رمز الأنوثة والإغراء وخفة الظل والشقاوة

| وائل العدس

ما بين الحلم والحب تسكن سعاد حسني، نسمعها تغني للحب «يا واد يا تقيل»، وللحياة «الدنيا ربيع والجو بديع قفلي على كل المواضيع»، وللغدر «بانوا بانوا على أصلكوا بانوا ولا غنى ولا صيت.. دول جنس غويط وكتاب بيبان من عنوانه»، وفى كل الحالات نغني معها ونستمع لها.
في كل مشهد تقدمه الراحلة التي مرت قبل أيام ذكرى ميلادها تسرقنا إلى عالمها حيث الحب والمرح والفرح وأحياناً الشجن.. تجري وتضحك وتلعب وتمرح وكأن ليس بها شيء، رغم أن حياتها «حدوتة» طويلة مع الأيام والدنيا مملوءة بالشجن وعذابات الحياة، وليس كما كانت تبدو في أفلامها بل كانت فراشة مجروحة تعتب على الدنيا بمفردات بسيطة ونظرة حزينة.
السندريلا نجمة استثنائية وبطلة مرحلة مهمة في تاريخ السينما، ولم تنافسها فيها إلا نادية لطفي فقط، ولكن كان لها بريق خاص ومختلف.
نجدها في شخصية «فاطمة» في «الزوجة الثانية» مختلفة عن «إحسان» في «القاهرة 30»، أيضاً «زوزو» في «خلي بالك من زوزو» هذه الشخصية الحية التي لن تتكرر في التاريخ بدليل أنه الفيلم الوحيد الذي استطاع منافسة فيلم العندليب «أبي فوق الشجرة» في أطول مدة عرض في دور السينما.
«الأنوثة والإغراء وخفة الظل والشقاوة» مقومات لم تمتلكها سوى سعاد حسني لذلك كانت ومازالت السندريلا التي يصعب تكرارها رغم محاولات بعض الفنانات في أن يسرن على الخط نفسه، ولكن لم تنجح واحدة منهن.

سيرة حياتها
ولدت في القاهرة من والد سوري هو محمد حسني البابا في 26 كانون الثاني عام 1943 وتوفيت في 21 حزيران 2001.
كان والدها يعمل خطاطاً، في حين كان جدها مغنياً معروفاً وهو حسني البابا، وكان لها ستة عشر أخاً وأختاً، وترتيبها العاشرة بين إخوتها، فلها شقيقتان فقط «كوثر» و«صباح»، وثمانية إخوة لأبيها منهم أربع ذكور وأربع إناث، وستة إخوة لأمها منهم ثلاثة ذكور وثلاث من البنات، ومن أشهر أخواتها من الأب المغنية نجاة الصغيرة، وقد انفصلت والدتها عن والدها عندما كانت في الخامسة من عمرها، واقترنت الأم بالزوج الثاني «عبد المنعم حافظ» مفتش التربية والتعليم، وفي حضانتها بناتها الثلاث «كوثر وسعاد وصباح»، لم تدخل سعاد مدارس نظامية واقتصر تعليمها على البيت.
قامت بالعديد من الأدوار، أشهرها البنت الجميلة التي يحبها الجميع، وعملت بالمجال الفني لثلاثين عاماً قدمت خلالها العديد من الأعمال كان أكثرها في السينما، في حين شكلت قضية موتها غموضاً كبيراً لم يحل إلى الآن حيث قيل إنها انتحرت وقيل إنها قتلت.
صاحب الفضل في اكتشاف موهبتها الفنية هو الشاعر عبد الرحمن الخميسي، فقد أشركها في مسرحيته «هاملت» لشكسبير في دور «أوفيليا»، ثم ضمها المخرج هنري بركات لطاقم فيلمه «حسن ونعيمة» في دور «نعيمة» عام 1959، ثم توالت بعدها تقديم الكثير من الأفلام والمسلسلات الإذاعية.
وتعد أفلام «صغيرة على الحب»، و«غروب وشروق»، و»الزوجة الثانية»، و«أين عقلي»، و«شفيقة ومتولي»، و«الكرنك»، و«أميرة حبي أنا» من أشهر أفلامها، إضافة إلى فيلمها «خلي بالك من زوزو» الذي يعده الكثيرون أشهر أفلامها على الإطلاق لدرجة أنهم أصبحوا يعرفونها باسمها في الفيلم وهو «زوزو».
وكان آخر أعمالها مع الموسيقار الكردي المشهور هلكوت زاهر وهو عبارة عن ألبوم موسيقي وشعري باسم «عجبي» من رباعيات صلاح جاهين.

الألغاز الثلاثة
في عيد ميلادها نستدعي استفسارات عديدة طالت حياة فنانة أحبتها الملايين، وعلى الرغم من مشوارها الحافل بالبطولات، ومثلما أمتعتنا بفنها وجمالها، كان الغموض والحيرة يحيطان بحياتها الفنية.
فقد أدهشت الجميع وكانت مسار حيرة حتى في خبر وفاتها المفجع، لترحل تاركة أكثر من لغز لم يتوصل الجمهور ولا المقربون منها لحله.
اللغز الأول كان حقيقة زواجها من عبد الحليم حافظ حيث تساءل الجميع: هل تزوجت بالفعل منه أم لا؟ وهذا السؤال ظل عالقاً غامضاً، وأتى إلينا بأكثر من إجابة، فقد صرحت شقيقتها نجاة وأكدت أن سعاد تزوجت العندليب «عرفياً»، واتفق مع هذا التأكيد تصريح الإعلامي مفيد فوزي، الصديق المقرب لكليهما، بل ساق شواهد مؤكدة لهذا الزواج.
ثم جاء طبيبه الخاص الدكتور هشام عيسى لينفي الخبر تماماً، بل أكد أنه كانت هناك قصة حب قوية تجمع بينهما، لكنها لم تتوج بالزواج، وأكد كلامه الإعلامي سمير صبري الذي قال إن سعاد أخبرته بنفسها قبل وفاتها بأنها أحبت حليم من دون أن تتزوجه.
أما اللغز الثاني فكان حقيقة خلافها مع زوجها علي بدرخان وانفصالهما، وقد جمع الحب بينهما أثناء تصوير فيلم «نادية» الذي كان يقوم بإخراجه المخرج أحمد بدرخان، والد «علي».
كان بدرخان يعمل مساعداً لوالده في هذا الفيلم، ما جعله يقترب منها أكثر وتنشأ بينهما علاقة عاطفية قوية انتهت بقرار مفاجئ من بدرخان بضرورة عقد القران، وبالفعل ذهب إلى منزلها فجأة وقررا ذلك، فما كان منها إلا أن وافقت فوراً من دون الاستعدادات التي تتطلبها مثل هذه المناسبات.
وفي أحد حواراته الصحفية، قال بدرخان: «لقد عشت مع سعاد 11 عاماً كانت أسعد سنوات عمرنا، لكن حدث فتور ووهن لعلاقتنا العاطفية»، موضحاً أنه تعرف على فتاة وأخبر سعاد بهذه العلاقة، وتابع: «طلبت منها أن تعطيني فرصة لأخوض التجربة علها تكون مجرد نزوة تنتهي سريعاً، إلا أنها رفضت بشدة وقررت الانفصال، وبالفعل تم انفصالنا وأصبحنا أصدقاء مقربين حتى بعد انفصالنا».
ويتعلق اللغز الثالث بخبر رحيلها الغامض، ففي صباح يوم 26 حزيران عام 2001، استيقظ العالم على خبر رحيلها، وبدأت الأقاويل تنتشر وأصابع الاتهام تشير إلى عدة جهات والعديد من الأسباب والحيثيات، فمنها من أكد أنها رحلت مقتولة، ومنها ما ذهب إلى أنها انتحرت يأساً من حياتها بعدما طالها كثير من المتغيرات، ويظل لغز رحيلها قائماً على الرغم من مرور 15 عاماً على رحيلها.

حلم الأمومة
كانت هناك حياة شخصية منكسرة خلف الأضواء لسعاد حسني حرمتها من أشياء كثيرة تتمناها أي امرأة ومن أهمها عاطفة الأمومة.
بعد ارتباطها ببدرخان، كانت مشغولة بأعمال سينمائية عديدة، حيث شهدت فترة زواجها منه حالة نشاط فني كبير في مشوارها، وكانت تخضع لريجيم قاسٍ، لتحتفظ برشاقتها، وقد سبب لها العمل المستمر، اضطراباً بجهازها العصبي وتسبب لها في مشكلات مع زوجها، وأمام كل تلك الضغوط قررت أن تأخذ إجازة لتتخلص من الإرهاق الشديد، وتحافظ على استقرار بيت الزوجية.
وذكرت مجلة «دنيا الفن» عام 1970، أن سعاد قررت أن تقضى إجازتها في مدينة الإسكندرية بعيداً عن الأضواء، وكانت في قمة السعادة، ولكنها شعرت فجأة بتغيرات غير طبيعية واستشارت طبيبها الخاص، وكانت المفاجأة تأكيده أنها حامل في شهرها الأول وشعرت بفرحة شديدة، ونصحها لكي تحافظ على سلامة الجنين بأن تلزم البيت خاصة في الشهور الأربعة الأخيرة.
كان زوجها يتمنى إنجاب صبي، أما هي فتمنت إنجاب بنت لتلعب معها وتغني لها وتمشط شعرها وتستعيد من خلالها طفولتها‏ التي لم تعشها‏، وكما حدث الحمل فجأة، سقط الجنين فجأة وحدث الإجهاض خلال الأشهر الأولى من الحمل. وأخبرها الأطباء باستحالة حدوث الحمل مرة أخرى لأسباب صحية، وعانت حتى آخر أيامها حرمانها من مشاعر الأمومة ومتعة أن يكون لها ابن يؤنس وحدتها.

تسريحات خالدة
كانت ومازالت سعاد حسني أيقونة الشياكة والأناقة والجمال على مر العصور، ولم تقتصر جاذبيتها على ملابسها وموديلات الفساتين التي ارتدتها خلال أفلامها وخلقت لنفسها خط موضة خاصاً بها وحسب، إنما كان لتسريحات شعرها سحر خاص جعلها ماركة مسجلة لبعض التسريحات التي كانت ومازالت تتصدر الموضة منذ أن أطلقتها وحتى الآن.
فتميزت بتسريحة الشعر «كاريه» التي ظهرت بها في معظم أفلامها ما جعلها ترتبط في أذهان جمهورها بها، وهذا ما حدث بالفعل، فبعد رجوع هذه الموضة مرة أخرى أطلق مصففو الشعر عليها «تسريحة شعر سعاد حسني» لأنها الفنانة المشهورة الوحيدة التي التزمت بهذه التسريحة سنوات عدة مع بعض التغيرات مثل إطالة الجزء الأمامي، أو رفع الشعر «بومبيه» من الخلف.
لكن كعادتها متجددة ومتغيرة وتميل إلى الظهور بأشكال مختلفة حتى لا يمل جمهورها، الأمر الذي دفعها لتغيير تسريحة شعرها أكثر من مرة وكانت من أوائل الممثلات اللاتي ارتدن وصلات الشعر المستعار لتكثيف وإطالة شعرها وحتى تمكنها من الحصول على عمل تسريحات شعر مختلفة. كما أضافت بعض الإكسسوارات على شعرها كالقبعات التي على الرغم من مرور الزمن إلا أنها موضة كل شتاء، لذلك تحولت السندريلا إلى أيقونة موضة تسريحات الشعر على مرِّ العصور.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن