ثقافة وفن

انقلاب القيم وانحسار مفهوم الشرف … «لستُ جارية» .. عندما تتحول الزوجة إلى جارية

| وائل العدس

قطع المخرج ناجي طعمي أكثر من نصف الطريق نحو اختتام تصوير مسلسله الجديد «لستُ جارية» عن نص للكاتب فتح اللـه عمر، وإنتاج المؤسسة العامة للإنتاج الإذاعي والتلفزيوني بالشراكة مع مؤسسة «الفارس».
وتنقلت الكاميرا بين دمشق وطرطوس، على أن يمتد التصوير حتى مطلع الشهر القادم.
ويؤدي أدوار البطولة كل من: عبد المنعم عمايري، وكندا حنا، وعبد الهادي الصباغ، وإمارات رزق، وزهير رمضان، وضحى الدبس، وسوسن ميخائيل، ورنا شميس، وتولين البكري، وهناء نصور، وعلي كريّم، ويزن خليل، ورشا بلال، ومديحة كنيفاتي، ومجد حنا، ويامن سليمان، ويوسف عساف، ومي مرهج، وأحمد رافع، ومحمد خير الجراح، وريم معروف، ووفاء بشور، وكثر آخرين.

قصة العمل
يتخذ العمل من مأساة (ميس)، وعلاقاتها متعددة المناحي بمن حولها إطاراً عاماً تتلخص بمناقشة قضية انقلاب القيم في مجتمعاتنا العربية المعاصرة، وانحسار مفهوم الشرف بحيث لم يعد يشمل إلا ما يتعلق بالمرأة التي يترصد الجميع أفعالها، ولا يفوتون الفرصة لتدوين أخطائها بـ(المعيار الاجتماعي السائد) في دفاتر عار تظل تلاحقها، في حين يتم على الأغلب تجاهل الجاني أو الشريك بالخطأ مادام أنه رجل، في حين الانحرافات الأخلاقية الأخرى كالغش والرشوة، واستغلال النفوذ، فغالباً ما ينظر إليها على أنها دلائل شطارة، الأمر الذي جعل نساء كثيرات يتمردن، ويتجاوزن الكثير من الخطوط الحمراء التي فرضتها الأعراف والتقاليد.
ويعري العمل ازدواجية هذه المجتمعات، عبر عدة محاور، منها علاقة «ميس» بـ«غالب» التي تنطوي على حب كبير، تتكلل بالزواج، إلا أن هذا الزواج يتحول لمأساة حقيقية، حينما يكتشف الزوج أن عروسه تخفي سراً كبيراً، ما يجعل من حياتها معه جحيماً حقيقياً، بعد رضوخها لشرطه تحت وطأة شعورها بالذنب بأن تبقى مدى العمر جارية له حتى لا يفضح أمرها، وأملاً منها بأن تستعيد حبه لها، بعد فوزها بغفرانه، سالكة كل السبل المؤدية لذلك حتى على حساب كرامتها، وأنوثتها.
بالمقابل يخوض المسلسل في عوالم الفساد، والصراع الطبقي عبر شخصيتي والديهما، وعلاقة كل منهما بأسرته؛ راسماً صورة بانورامية عن مجتمعٍ مختل، ينخر السوس في خليته الأساسية «الأسرة».

أولاً وأخيراً
في هذا المسلسل يقدم طمعي نفسه منتجاً إلى جانب كونه مخرج العمل، حيث يشارك المؤسسة بإنتاج المسلسل، عبر مؤسسة «الفارس» التي يمتلكها، ونفذت الموسم الفائت المسلسل اللبناني «عين الجوزة» وهو من إخراجه أيضاً.
ويؤكد طعمي أنه مخرج أولاً وأخيراً، أما خوضه تجربة الإنتاج فيأتي إيماناً منه بضرورة دعم صناعة الدراما التي تمثل أحد الأوجه الحضارية لسورية، بمواجهة الأزمات المتلاحقة التي تعانيها هذه الصناعة، وأبرزها خيار فنانين وفنيين سوريين كثر العمل خارج البلاد، وهو لا يقف ضد هذا الخيار لكنه يجد أن من واجبه كغيره من الكثيرين الوقوف إلى جانب الدراما المحلية، وقال: «الدفاع عن درامانا السورية، وإبقاؤها واقفة على قدميها بالمقام الأول، رغم المخاطر، ثم تأتي المكاسب المادية في الدرجة الثانية.

حالة مرضية
ويجسد عبد المنعم عمايري شخصيّة «غالب» الذي لا يستطيع تجاوز صدمة اكتشافه لسر أخفته عنه زوجته ليلة زفافهما، ليتحوّل حبه الكبير لها، إلى حالة مرضية من الشك، تدفعه إلى سلوك عدائي تجاهها، تقابله بصبر ومداراة، وتحاول دائماً التماس الأعذار له، تحت وطأة شعورها بالذنب، ولأنها تحبه، وتسعى للدفاع عن عائلتها بشتى الوسائل.
بالمقابل، يتمادى «غالب» في استفزازه لها، وإهماله لعائلته الصغيرة، ويخوض علاقات نسائية متعددة، سيدفع ثمنها لاحقاً.
واعتبر عمايري أن الشخصية ضحية لمجموعة تقاليد، وأعراف سائدة في مجتمعاتنا العربية، فـ(غالب) عنده عقد لا يستطيع تجاوزها كأغلبية الشباب العربي، هو يحب (ميس) كثيراً، لكنه لم يتقبل السر الذي تخفيه، فتضاعف الوهم لديه، ودخل في أزمة نفسية، إضافة إلى أن ظروف نشأته والعلاقة المتوترة بين والديه، خلقت لديه الاستعداد للذهاب باتجاه سلوك نفسي غير معتاد، مثله مثل أي شخص يعيش في هذا العالم الذكوري.
وأشار إلى أن العمل يتناول أزمات نفسية، واجتماعية، وأسرية عدة تعاني منها مجتمعاتنا العربية، ومهدت لما وصلنا إليه.

عقدة الذنب
تجسد كنا حنا شخصية «ميس» التي تشكّل مأساتها، وعلاقاتها المتشعبة بمن حولها الإطار العام لحكاية العمل.
في حديثها عن الشخصية؛ تعتبر أن (ميس) من القلائل الذين يحبون بهذا الشكل، وتتجسد فيها قوة المرأة التي يمنحها إياها الحب دفاعاً عن عائلتها، ووجودها، وشريكها، فهي تدفع ثمن حادثة جرت معها خلال مراهقتها، تعيش عقدة الذنب، وتحاول تبرير سلوك زوجها تجاهها، وتهبه كل حياتها.
ولا تعتبر «ميس» ضعيفة بل تتجسد فيها قوة المرأة التي يمنحها إياها الحب للحفاظ على وجودها، وعائلتها، وشريكها، وتتحمل لأجل ذلك الإهانات، والقسوة، والاستفزازات المتكررة من حبيب أصبح زوجها، اقتناعاً منها بأنها المسؤولة عما يحدث، وليس هو.

بين الظلم والتحمل
يؤدي عبد الهادي الصباغ شخصية «أبو نورس» والد «ميس» وهو رجل حازم، ظالم، حاد الذكاء، لا يترك ثأراً له مهما طال الزمن، ويتجاوز كل الخطوط الحمراء لتحقيق مصالحه، وإلحاق الأذى بمن يقف في وجهه، ويحرص على تلقين دروس الفساد لأولاده، ويرى أن تجاوزه لكل الاعتبارات الأخلاقية دليل شطارة.
أما هناء نصور التي تؤدي دور «أم نورس» فتقول إنها تقدم شخصية بعيدة كلياً عن شخصيتها الحقيقية، فهي المرأة التي تحمل همّ الجبال، وتتحمل الظلم والأسى وتبقى صامدة لتعطي الآخر فرصة التغيير، قبل أن تنفجر في اللحظات الأخيرة.
وأكدت أن «أم نورس» هي المرأة التقليدية التي لا تريد أن تنفصل عن زوجها كي لا يتشرد أولادها أو تتشكل عندهم صدمة، فتتحمل الذل والقهر والإهانة من زوج جبار وحقير، لكنها بالنهاية تخرج عن طورها وتقف مع أولادها ليحققوا أمانيهم.

وبين الجشع والتعنيف
كذلك يبدو رجل الأعمال «فؤاد أبو غالب» الذي يؤديه زهير رمضان انتهازياً، جشعاً، استولى على أموال زوجته السابقة «حنان» وعمّة «ميس»، التي ذاقت على يده الأمرّين، وانعكس ظلمه لها على ولديه «غالب»، و«منى» الذين تحولا إلى شخصين مأزومين، كما يسعى الأب بعد تخليه عن أسرته، لتحقيق مصالحه، عبر العديد من العلاقات النسائية القائمة على الاستغلال.
ضحى الدبس التي تؤدي دور «حنان» تسعى لأداء هذه الشخصية بعيداً عن الصورة النمطية للمرأة المعنّفة، فرغم ملامح الانكسار في عينيها، إلا أنها كأمّ تتنزع لحظات القوة كي تبقى واقفةً إلى جانب ولديها، وتوجههما، رغم إمعان أفعالهما في تحطيمها.
وتوضح بأن العمل يركز على نقطة في غاية الأهمية هي أن العنف يتحول إلى دوامة تنتقل من جيل إلى جيل، ما لم يكن هناك وعي لذلك.

أسرة صالحة
بالمقابل تظهر عائلة «بشير مهران» (أحمد رافع) كمن تقاوم الطوفان، حيث يحاول الرجل بكل ما أوتي من حكمة وجهد أن يكوّن أسرة صالحة، ليواجه خلال ذلك عقباتٍ كثيرة، أهمها تحكم قانون الشارع في تربية الأولاد.
وفي هذا السياق سيتطرق المسلسل إلى تجربة صعبة عاشها حين قام أحد أبنائه «رائد» برشوة أحد موظفي الامتحانات في الجامعة لتسهيل نجاحه، لكن التحدي الأكبر الذي يواجهه هو عداء «أبو نورس» له.
مجد هو من سيقدم شخصية «رائد» وهو متخرج حديثاً في كلية الهندسة، ويواجه مشكلة تتعلق بظروف تخرجه، وهو شاب جريء يناصر الحق دائماً، وانفعالي بحيث تقوده خشيته على سمعة أسرته الطيبة لردود أفعال متسرعة أحياناً، ويعيش قصة حب مع «منى».

عقدة متحركة
تؤدي رنا شميس دور «منى» وتدير صالون تجميل. تعيش آثار الظلم الممارس بحق والدتها من قبل والدها، ما يتسبب لها بعقدة في علاقتها بالرجال. وبغية تعويض النقص، تتحول إلى فتاة شرسة وغير متوازنة.
وكشفت أن «منى» تتعرف على عدة رجال وتخطب لأحدهم، فتنتزع منه سيارته ومنزله، لكنها بالوقت نفسه لا تتصرف بتصرفات غير أخلاقية وإنما «فشة خلق» فقط، فهي إنسان طيب وبالنهاية تنتصر فيها بذرة الخير.
تتحول إلى عقدة نفسية متحركة، لكنها طيبة، وبقدر ما تبدو أفعالها قاسية، إلا أنها خارجة عن إرادتها، ومبررات قسوتها واضحة للمشاهدين، حيث تسيطر عليها المخاوف من خوض تجربة الحياة الزوجية، بسبب إخفاق زواج أمها.

فتاة جميلة
بدورها تؤدي مديحة كنيفاتي دور فتاة جميلة تقع في حب رجل متزوج فتسبب له الكثير من المشاكل مع زوجته وفي حياته العائلية.
وتقول: إن المسلسل يتناول تفاصيل عن انهيار القيم في المجتمع، وعن حصر الشرف في المرأة فقط في الوقت الذي يكون فيه للرجل أخطاء مغتفرة، لكن هناك انقلاب على الكثير من المفاهيم أو ربما يصلح لأن يسمى تمرداً للمرأة نتيجة الضغوط الاجتماعية الممارسة عليها.

سيدة ثرية
وتظهر سوسن ميخائيل بدور سيدة ثرية متزوجة من رجل أعمال فاسد، وتسوء علاقتهما بعد اكتشاف خيانته لها.

حب ومعاناة
أما إمارات رزق فتؤدي شخصية سكرتيرة تعمل في شركة ضخمة يترأسها رجل أعمال ثري «رافع» تقع لاحقاً في غرامه وتبدأ معاناتها معه حينما يورطها بإحدى صفقاته المشبوهة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن