من دفتر الوطن

وردة… ورغيف!

| عصام داري

طرق عيد الحب على بابي فلم أفتح، فذهب إلى آخرين كانت أبوابهم مشرعة، فدخل مع وروده الحمراء، ودببه الصغيرة، فبدأت أفراح الحب.
من عاش عمره في قلعة الحب الساحرة والبديعة، لا يحتج لمن يذكره بالحب مرة في العام، فالحب حاضر عنده مع كل ثانية تمر من عمره، لا فرق إذا كان الجو ممطراً أو عاصفاً، أم ربيعياً، ولا يهم الحالة النفسية التي يمر فيها المرء، فالمهم أن تفرد عصافير الحب أجنحتها حتى يحلق العشاق في سموات من خيال لا حدود لها، وأن تعزف موسيقا الحب ألحانها على أوتار القلوب.
لا يحتاج إلى عيد للحب إلا من نسي أن الحب مقيم بيننا مهما كانت الظروف والأنواء، قلتها أكثر من مرة، ومنذ سنوات طويلة، إن الحب لا يحتاج إلى عيد سنوي وكأننا نعلن كل أيام السنة أياماً يغيب فيها الحب ويحضر البديل، قد لا يكون الكراهية والبغضاء، بل قد يكون أي شيء باستثناء الحب.
كتبت قبل ثلاثة أيام على صفحتي، وعشية عيد الحب فقلت: لست من أنصار عيد الحب، مع أن الحب يعشش في كل خلية من خلاياي، فأنا أنتصر للحب وأدافع عنه بكل جوارحي، لكنني أعترض على «هوس» عيد الحب، لأنني ببساطة لا أؤمن بأن يوماً واحداً في العام هو عيد للحب، فعيد الحب في كل أيام السنة.
لا أصادر رأي أحد في العالم، وإنما أسجل موقفي من عيد الحب، وفي حالتنا الراهنة، أعلن رفضي للطقوس التي يقوم بها البعض لمجاراة يوم الحب أو عيد الحب أو عيد العشاق أو «يوم القديس فالنتين»، وأرى أنه من غير المعقول أو المقبول أن نصرف الآلاف المؤلفة على شراء الورود الحمراء، وألعاب الدببة وغيرها، في وقت يعاني الكثيرون من الجوع والفقر بفعل الحرب المفروضة على سورية والحصار الذي تتعرض له منذ سنوات خمس مضت!.
يمكننا بثمن وردة واحدة هذه الأيام أن نوفر وجبة طعام متواضعة لأسرة فقيرة تكابد وتعاني بحثاً عن رغيف خبز، أو لقمة تسد رمقها ليوم، أو بعض يوم، وبدلاً من إهدار الآلاف على الورود والألعاب والشموع والحفلات والبذخ، بإمكان الموسرين الإسهام في التخفيف على الأسر المهجرة التي تركت بيوتها وقراها وكل ما تملك وراءها.
أظن أن الرغيف في حالنا أهم من الوردة ولنتذكر محمود درويش الذي قال: «إنا نحب الورد لكنا نحب الخبز أكثر
ونحب عطر الورد لكن السنابل منه أطهر»
ومع ذلك أنا من «جماعة» نزار قباني الذي كان شاعر الحب والوطن كذلك، وهو الذي قال:
الحب في الأرض بعض من تخيلنا لو لم نجده عليها لاخترعناه
عيشوا الحب والورد بكل جوارحكم، لكن لا تنسوا رغيف الخبز.
لكنني في الوقت نفسه لا أريد مصادرة آراء الآخرين ووجهات نظرهم وخياراتهم.. فليحتفلوا بعيد الحب في هذا اليوم.. أما أنا ومن يقف معي فسأحتفل بعيد الحب مع كل إشراقة شمس ومغيبها.
وكل يوم.. والمحبون والعشاق بألف خير وحب بلا نهايات.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن