ثقافة وفن

المسلسلات الطويلة دراما أقل تكلفة وأكثر ربحاً!

| وائل العدس

يبدو أن نجاح عدد من المسلسلات الطويلة قد أغرى بعض منتجي الدراما السورية والعربية ونجومها للسير على النهج نفسه وصنع عدد منها ليتم عرضها خارج الموسم الرمضاني، في محاولة ربما لفتح سوق درامية جديدة بعيداً عن موسم الدراما الأبرز.
وعلى ما يبدو أن عدوى الدراما الطويلة انتقلت من الدراما التركية والهندية إلى العربية حيث شهدت الفترة الأخيرة تصوير وعرض عدد من الأعمال منها «سمرا» تأليف كلوديا مارشيليان وإخراج رشا شربتجي.
وقبل ذلك «الإخوة»، و«علاقات خاصة»، وقبل ذلك بسنوات «مطلوب رجال» تأليف لبنى حداد وجيهان الجندي وإخراج حاتم علي وهو أول مسلسل سوري طويل تم إنتاجه عام 2010.

بالخط العريض نجد أن هذه المسلسلات تحولت إلى نوع فني وثقافي قائم بذاته، وخاصة أن مكانة المسلسلات التلفزيونية أصبحت مؤخراً مادة مرجعية وموضع نقاش، في وقت اعتبرها كثيرون تقليداً أعمى للمسلسلات الأجنبية، لافتين إلى أن القائمين على هذه الأعمال اهتموا بالصورة على حساب النص، وأرجعوا سبب إخفاق معظم هذه الأعمال، إلى بحث المنتجين عن المكسب المادي بغض النظر عن أي شيء آخر، لتتحول أعمالهم إلى مادة تقدم لملء المساحات الإعلانية.
ويتم اللجوء إلى تلك الأعمال بسبب سعيها لشغل بعض الساعات ووجود محتوى تستطيع من خلاله جذب المشاهد هذا بجانب أنه من الناحية الإنتاجية مربح للمنتج أكثر من إنتاج لـ30 حلقة وذلك بسبب تصويره عدد ساعات طويلة في موقع واحد، ما يعني تكلفة أقل عكس مسلسلات الـ30 حلقة التي تتطلب الوجود في أكثر من مكان وذلك لتتابع الأحداث.

الكارثة
اعتبر البعض أن هذا الإقبال على ما يسمى «السوب أوبرا» أصبح كالكارثة، حيث من الواضح أن المنتجين «أحبوا اللعبة»، لكن هل تتحمل المحطات الفضائية هذا الكم، وهل يتمكن المنتجون من الحصول على قيمة عملهم وخاصة أن المعلنين محدودون؟، حيث إنه في ظل زيادة المعروض ستفرض الفضائيات نفسها عليهم وتبيع وتشتري كما تريد.
كما أن انتشار هذه الأعمال طوال العام سيكبد المنتج خسائر باهظة من جانب آخر مع غياب العرض الثاني والثالث للمسلسلات التي ينتجها في رمضان، لذا تبدو هذه الظاهرة محفوفة بالمخاطر واحتمالات فشلها تكون دائماً أكثر من نجاحها.

الاستسهال
ويرى كثيرون أنه من الخطأ أن يحدد الكاتب عدد الحلقات مسبقاً، والصحيح أن يترك العمل الفني ليحدد عدد حلقاته، خشية عليهم من الاستسهال والغوص في هذه الظاهرة، فالذي يحدد عدد حلقات المسلسل هو الموضوع وأهميته لتجنب التطويل والمط، وهو أمر يعود في النهاية إلى المؤلف وقدرته على ربط الأحداث بعضها ببعضٍ، وإيجاد نوع من التناغم بين كل شخصيات العمل وأن يجعل من كل ممثل في العمل بطلاً منفرداً.
مثلاً، لا يوجد مبرر لمطمطة مسلسل «سرايا عابدين» (بطولة قصي خولي ويسرا ونيللي كريم)، لأنه لا يستحق أكثر مما قدمه، بينما يبدو أن هدف منتجي هذه الأعمال هو توصيل رسالة بأن الحلقات الأولى حققت نجاحاً كبيراً، عكس الحقيقة.
ومن المرجح أن هذه النوعية كما تقول المدرسة المكسيكية والإسبانية تعتمد على أن أول 5 حلقات وآخر 5 يجب أن تجتمع فيها عناصر الإبهار والتشويق حتى تستطيع جذب الجمهور وتثبيته لمتابعتها.
كما أن أغلب هذه المسلسلات تعتمد على جودة الصورة فقط ولا يوجد فيها هدف ووجهة نظر أو قيمة فنية عالية وهذا من الصعب وجوده في المسلسلات الطويلة، إن لم يكن مستحيلاً، لذا تعتمد هذه الأعمال على عدد من الوجوه الجميلة من النجوم، والديكورات الفاقعة، والصورة الجميلة، ولكن هدفها ومضمونها «صفر».
ويرى البعض أن هذه الأعمال الطويلة قد تكون في صالح المنتجين وهم المستفيدون الأساسيون منها حيث إن معظم التكاليف ثابتة من فنانين وديكورات فما يصلح للـ15 حلقة يصلح لتسعين، أي إنها وفي كل الأحوال تصب في مصلحة المنتج وليس المشاهد لأنه لا يشاهد دراما مثلها مثل الدراما التركية.
سر النجاح

على الجانب الآخر فإن الإقبال عليها سوف يتزايد لأنها مفيدة على جميع الصعد، فالمؤلف يحصل على أجر أعلى، وهي تساهم في تقديم عدد أكبر من الوجوه الجديدة، وتستحوذ على قدر كبير من الفنيين، ورغم ذلك فإنه يمكن توقع عدم تصدرها للشاشة لفترة طويلة.
إن سر نجاحها (إن نجحت) يكمن في حرص كاتبها على الابتعاد عن الملل، وأن يعتمد على خطوط درامية وأحداث متوازية وعلى العلاقة العكسية بين الحدث والشخصية وهي تركيبة قوية لمثل هذه الأعمال حتى تستطيع جذب الجمهور.
إضافة إلى أن شرط قبولها بالنسبة للجمهور ألا تعتمد على الاستخفاف بعقلية المشاهد، وأن تحتمل قصتها تقديمها في هذا الكم من الحلقات، بعيداً عن نظرية المط، وأن تحتوى على عناصر جذب من النجوم والدراما والتشويق والإثارة، وأن تدخل المشاهد في مود معين يعيش فيه ويتأثر به.
ولا ننسى أن كتابة هذه الأعمال تتطلب مجهوداً وتركيزاً ومعرفة ومهارات خاصة، حتى لا يتنقل الكاتب إلى سراب، لكن انتشار دراما «السوب أوبرا» مؤخراً لا يعنى الإفلاس أو التقليد الأعمى لأننا بالنهاية ملوك صناعة الدراما، في حين يقلد الأتراك الأميركان عكس السوريين الذين يقومون بوضع لمساتهم الخاصة على الأعمال حتى التي يتم اقتباسها من الغرب.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن