قضايا وآراء

تصريحات أوباما «عابرة للولايات»

| عبد المنعم علي عيسى

من الجائز القول إن التصريحات التي أطلقها الرئيس الأميركي مؤخراً والتي نشرتها صحيفة ذي ايتلانتيك 10/3/2016 هي من النوع «العابر للولايات» بمعنى أن تأثيراتها لن تزول بزوال مطلقها أو خروجه من البيت الأبيض أوائل العام القادم.
في مروره غير السريع على الأزمات التي تعيشها المنطقة أراد بادئ ذي بدء الإعلان عن انتصار ساحق حققته الدبلوماسية الأميركية خلال العقد المنصرم فقد قال: «إن استقرار الشرق الأوسط مرهون بتوافق سعودي- إيراني» في الوقت الذي كان يقال فيه عما قريب بأن الاستقرار في المنطقة لا يكون إلا بحل أزمة الصراع العربي- الإسرائيلي.
لا ندري كيف قرأ السعوديون والخليج تلك المقابلة المطولة (36 صفحة) ولا حجم المنعكسات التي ستتركها على السياسات التي يمكن أن يتبناها هؤلاء وخصوصاً في ظل وجود «حمق سياسي» بالمعنى الحرفي للكلمة فالرئيس الأميركي لم يحاول أن يتوارى وراء «الأكمة» التي كان يتوارى وراءها أسلافه في البيت الأبيض إذا ما كان الأمر يتعلق بحلفاء لهم على هذه الدرجة من الأهمية، وإنما ذهب نحو مراده عبر أقصر الطرق فقد أشار بأصابع الاتهام إلى الرياض التي «تنشر التطرف والإرهاب في المنطقة والعالم» عبر محاولاتها لنشر المذهب الوهابي أو عبر شراء الذمم ممن لا يريدون اتباع ذلك المذهب من دون أن ينسى تبرئة ساحة طهران التي قال عنها: «بالتأكيد أن من نفذ» 11 أيلول 2001 لم يكونوا من الإيرانيين».
من حق دول الخليج أن تقلق بل ترتعد فرائص حكامها أيضاً فالرئيس الأميركي كان واضحاً في إنهاء حالة التبني التي عاشت في ظلها تلك الأنظمة على امتداد ما يزيد على سبعة عقود كاملة وهذا ليس استنتاجاً أو تحليلاً فهو قد قال: «إن بلاده سوف تنسحب من الشرق الأوسط وتركز على آسيا (يقصد دول شرق آسيا ممن يسمون النمور) وأفريقيا وأميركا اللاتينية حيث ينتظرنا المستقبل هناك».
في ردود السعوديين (والخليج) يمكن تلمس الخيارات التي قد يذهب باتجاهها هؤلاء وهو ما تبدّت تباشيره في أعقاب اتفاق فيينا 14/7/2015 الذي أنهى أزمة البرنامج النووي الإيراني، منذ ذلك الوقت والرياض تحاول استبدال الحليف الأمريكي بآخر يمكن أن يحلّ محله ولوهلة بدا أنها تراه في باريس إلا أن ذلك لم يدم طويلاً بعدما تأكد أن هذه الأخيرة هي الأخرى تعيش في ظلال القبة الأمريكية أما الحليف الذي اهتدت إليه الرياض مؤخراً فهو تل أبيب على الرغم من أن المظلة الجديدة لا تملك من المواصفات ما يمكنها بأن تسد الفراغ الذي ستخلفه المظلة القديمة ناهيك عن أنها (تل أبيب) وعلى مدار المراحل والحروب التي قامت بها كانت تعتمد بالدرجة الأولى على ما يمكن تسميته «الضوء الأخضر الأمريكي» هذا إضافة إلى أنها إذ تفعل فهي ستكون كمن يقامر بتحالفات تمس أمنها القومي بالدرجة الأولى وهو ما يستلزم- فيما إذا حسمت أمورها بذلك الاتجاه أن تكون الأتاوة التي ستتقاضاها أضعاف تلك التي كانت تقبضها واشنطن.
بات الخليج على صفيح أكثر من ساخن بينما الخارج يسعى الآن إلى العمل على حصر نيرانه عندما تنفجر باتجاه الداخل ومنع خروجها إلى المحيط.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن