من دفتر الوطن

بنات كونداليزا؟!

| عبد الفتاح العوض 

تذكرون كونداليزا رايس..
هذه السيدة وقفت عام 2006 لتقول: «ما نراه هو آلام مخاض لولادة شرق أوسط جديد، ومهما فعلنا يجب أن نضمن أننا ندفع باتجاه شرق أوسط جديد».
في ذلك الوقت وكما هي العادة تعاملنا مع الموضوع على أنه إحدى شطحات «السياسيين»!!
لكن.. في ذلك العام 2006 بدأت قصة الحديث عن محور مقاوم ومحور سمي وقتها «الاعتدال».. وخلال السنوات العشر الماضية فإننا في الوطن العربي نعيش على تقاسيم هذا التقسيم!!
لكن القصة ليست هنا..
القصة أن موضوع التقسيم أصبح يتوسع بشكل أفقي وعمودي.
فنحن نختلف.. في السياسة، ونختلف في الدين، ونختلف بالطائفة ونختلف بالقومية، ونختلف بالمرجعية، ونختلف بالدول الداعمة.. ونختلف بمن نتبع.. وبمن يتبع لنا.
ونختلف بالغنى والفقر..
هذه الاختلافات بدل أن تكون فرصة إثراء وتنوع أصبحت أبواب تقسيم!!
اللغة التي تستخدم الآن توحي بأننا في الكارثة وسنبقى وسطها ما لم نتفق على «التقسيم».
كنوع من تخفيف الألم يمكن اختيار أسماء لطيفة للتقسيم..
ممكن أن تكون حكماً ذاتياً، فدرالية.. كونفدرالية إدارة ذاتية أو أي اسم آخر يمكن التعامل معه كما لو كان ملطف جو!!
عندما يصبح الحديث عن التقسيم على أنه هو الحل يصبح من المفجع أن نتعامل معه على أنه شطحات سياسية.
بل أن يصل بنا الأمر إلى طرح الموضوع التقسيمي على أنه هو الملجأ من هذا الخراب فإن ذلك يعني أننا تجاوزنا كل الحدود الممكنة للعقل!!
قبل مئة عام رسم الأوروبيون خطوطاً جديدة للدول وأصبحنا أمام شرق أوسط ملون بالصراعات، غالباً ما كانت صراعات سلطة فيها حديث أحياناً عن الحدود والثروات.
الآن.. الصراعات التي ترسم لهذه المنطقة تأخذ الشكل الطائفي المتطرف.
إنها دويلات كونداليزا!!
لم يعد الحديث عن أنظمة ثورية وأخرى رجعية، ولا عن الخلاف بين دول المواجهة، ودول الاعتدال.. ولا بين دول الصمود والتصدي، ودول التطبيع.
الآن الخلاف بين الطوائف.. ولحسن حظ إسرائيل ليست واحدة من طوائفنا حتى نختلف معها!!
لو أن إسرائيل سنية أو شيعية لكان من المؤكد أننا سنجد لها أعداء كثراً من العرب!!
أمام كل هذا..
هل يمكن أن تنجح طروحات التقسيم؟!
رغم ما يتبدى أن قطار التقسيم يسير على السكة من دون عوائق إلا أنه بشيء من الأمل نتوقع أن التقسيم غير قابل للنجاح لأنه ببساطة غير قابل للحياة.
بمعنى آخر الدول الحالية هي أصغر من أن تقسم ولا يمكن لدول أولاد كونداليزا أن تعيش لأنها أقل حجماً وقدرة على الحياة لا اعتماداً على رغبات الشعوب ولا اعتماداً على طموحات الإمبراطوريات حولنا ولا حتى على وقع موسيقا التقسيم التي تعزف في شرقنا… بل اعتمادٌ على عدم قدرة كيانات صغيرة على العيش وحدها في عالم مفترس.

المسؤول مسيلمة:
ثمة نماذج كثيرة من مسيلمة الكذاب في طبقة المسؤولين.. وأستطيع أن أتفهم بعض الكذب الاضطراري لأسباب قلة منها وجيهة أو فيها وجهة نظر لكن الذي يحدث أن الكثير من المسؤولين يكذبون بالصغيرة والكبيرة…… حتى من دون داع.. يكذبون كنوع من التمرين لمباريات الكذب الكبرى…
في الإعلام مدرسة تشجع على تسمية الأسماء بمسمياتها… ومدرسة أخرى ترى التلميح يغني عن التصريح، أنا من أنصار المدرسة الأولى.. لكن القائمة طويلة واللسان قصير.

آخر الكلام:
•• قال حكيم: ستة يمتن القلب: إتباع الذنب بالذنب، وكثرة مجادلة السفهاء، وملاحاة الأحمق، ومجالسة موتى القلوب، والسلطان الجائر، والعالم المفتون بالدنيا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن