قضايا وآراء

موغريني تفتح الأبواب المغلقة

| سامر ضاحي 

بعدما غطى انسحاب قوات روسية من سورية على انطلاقة الجولة الأولى من محادثات جنيف 3 حول الأزمة السورية جاءت اعتداءات تنظيم داعش على عاصمة الاتحاد الأوروبي أول أمس لتغطي على ختام الجولة لتفتح أبواباً كانت مغلقة قبل أن يفجر الدواعش أنفسهم في مطار بروكسل ومحطة المترو.
ولعل أبرز تداعيات اعتداءات بروكسل سجلتها وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فريدريكا موغريني بلقاء هو الأول من نوعه مع رئيس وفد الحكومة السورية إلى جنيف بشار الجعفري مساء أمس في إشارة إلى تلقف أوروبا دعوات روسية سابقة إلى التنسيق مع دمشق وموسكو حول مكافحة الإرهاب على اعتبار أن العاصمتين تمتلكان بنكاً معلوماتياً ممتازاً حول الإرهابيين بعد خمس سنوات من مكافحتهم على الأراضي السورية بينما كان الأوروبيون يختبئون خلف أصابعهم بتصوير الكثير من المجموعات الإرهابية على أنها معارضة معتدلة، الأمر الذي أكده الجعفري قبل لقائه موغريني عندما اعتبر أن الاعتداءات نتيجة حتمية للسياسات الخاطئة والتماهي مع الإرهاب لتحقيق أجندات معينة، ودعا إلى تضافر كل الجهود الدولية الصادقة للتصدي لخطر الإرهاب ولجم سلوك الدول الراعية له حفاظاً على السلم والاستقرار الإقليمي والدولي.
ولعل دهاء الدبلوماسية الأوروبية موغريني مكنها من تمرير كلمة «سورية» خلال ذرف دموعها في العاصمة الأردنية عمان بعد سماعها بنبأ الاعتداءات فحجزت أول طائرة إلى جنيف للقاء الجعفري وربما تقديم أوراق لاعتماد دمشق حليفاً أساسياً في مكافحة الإرهاب، بعدما أعرب وزير خارجية موسكو سيرغي لافروف عن أمل بلاده في أن تتخلى الدول الأوروبية عن الألاعيب الجيوسياسية وتوحد الجهود مع بلاده لمواجهة الإرهاب الدولي، تعليقاً على الاعتداءات.
ولعل مبادرة موغريني تعني بين ما تعنيه إقراراً أوروبياً بضرورة عدم تفويت الفرص وهي التي كان بإمكانها سابقاً الوقوف موقف المعتدل من الأزمة السورية قبل أن تفوت بعد اعتداءات داعش على عاصمة النور باريس بداية العام الجاري فرصة الالتفات إلى ما حذرت منه دمشق تكراراً ومراراً بأن نار الإرهاب ستكوي أوروبا ما لم يتم التصدي له بفعالية، لكن الأوروبيين اكتفوا بحشد قسم من طائراتهم ضمن تحالف تزعمته واشنطن لضرب داعش ثبت أنه لم يكن فعالاً بالقدر الكافي.
ومع انتهاء جولة المحادثات في جنيف اليوم بانتظار الجولة المقبلة عقب 15 يوماً فإن فترة الأسبوعين المقبلة لن تكون سوى أسخن بكثير مما حصل في جنيف وسيكون بإمكان أوروبا خلالها إجراء تعديل جوهري في سياستها، لا أن تنتظر فترة أخرى يكون الإرهاب فيها قد امتد إلى مساحات أوروبية، وغير أوروبية، أخرى.
الاتحاد الدولي في مواجهة الإرهاب لم يعد يحتمل أي تسويف، ولم يكن يحتمله أصلاً، وهي دعوة من كل الذين اكتتوا بناره وجرائمه، أو الذين يستشعرون خطره.
ونأمل أن يكون ما نقرؤه اليوم مؤشراً على هذه الإمكانية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن