الأخبار البارزةشؤون محلية

الأسواق ترقص مع الدولار .. والتموين تتحدث عن كلمة سر بين التجار

| محمود الصالح

شهدت أسواق دمشق خلال الأيام الماضية ارتفاعا لا مثيل له في الأسعار في جميع المواد الاستهلاكية المحلية والمستوردة، والشماعة جاهزة للتحميل ارتفاع أسعار الصرف. هذه القضية أصبحت «فالج لا تعالج» الحكومة بكل إمكانياتها عجزت عن ضبط الاسواق لأسباب غير مفهومة وغير مقنعة للجميع. وهناك إجماع في الرأي العام أنه لا توجد إرادة رسمية لضبط الأسعار وكان بعضهم من المستفيدين من ارتفاع الأسعار وبيدهم خيوط الاستيراد وحتى نقل البضائع المحلية. جولة في أسواق دمشق نرسم من خلالها الصورة لواقع الأسعار ابتداء بالسكر الذي بلغ 325 ليرة سورية والزيت 550 ليرة سورية والرز 500 ليرة سورية بارتفاع أكثر من 30% عما كانت عليه قبل العشرين من آذار الماضي أي قبل قفزة «الأخضر» ذي الفعل الأسود. لكل سوق أسعاره وزبائنه. في باب سريجة تقل الأسعار عما هي عليه في أي منطقة أخرى من دمشق بحدود 25% حيث يصل سعر اللحوم إلى 3000 ليرة وفي الشيخ سعد 4000 ليرة وفي الشعلان 5000 ليرة أما الفروج فهناك تقارب بين أسعار جميع الأسواق بفارق بسيط، الفروج المنظف 850 ليرة والبطاطا بين 175 في باب سريجة و225 ليرة في باب توما وهناك تراجع في أسعار الكوسا حيث بلغت 300 ليرة سورية في أغلب الأسواق وبقي البصل محتفظا بسعره 350 ليرة. أسعار الفواكه لا يوجد عليها أي تغيير ولا يوجد إقبال عليها. عدد من المستهلكين نصحونا بعدم الحديث عن الأسعار لأن القضية أكبر من الإعلام، فما دام جميع المسؤولين يعرفون واقع الأسعار ولا يريدون إيجاد الحلول التي تخفف من ثقل جنون الأسعار عن كاهل المواطنين فإن الإعلام لن يأتي بجديد. الكثير من التجار وباعة المفرق رفضوا الحديث عن الأسعار وبعضهم الآخر قال: إن السبب هو ارتفاع الدولار. بعضهم اشتكى إلينا أنهم الحلقة الأضعف قائلين: لماذا لا تسألون الحكومة؟ نحن ليس بيدنا أسعار الصرف أو الاستيراد نحن نشتري بسعر مرتفع ونبيع بسعر مرتفع. هناك تجار أزمة يتحكمون بكل شيء لا أحد يستطيع الاستيراد غيرهم ويحددون السعر الذي يريدونه. جولتنا في أسواق دمشق خلال نهاية الأسبوع الماضي ويوم أمس كونت لدينا صورة مأساوية عن حال الأسواق. الكثير من أصحاب المحلات الكبيرة أغلقوا أبواب محلاتهم وباعة الرصيف أصابتهم العدوى من رفع الأسعار. أسواق الألبسة شهدت كساداً كبيراً والسبب كما يقول أبو محمد بائع ألبسة جاهزة في الصالحية: الناس مو قادرة تأكل وتشرب حتى تشتري القميص بـ7000 ليرة. سندويشة الشاورما 400 ليرة سورية. أسواق المواد الكهربائية بدت أكثر التهاباً وهذا هو حال جميع أسواق دمشق ونحن على يقين أن أسواق المحافظات الأخرى ليست أحسن حالا فهي تشهد جنونا غير مسبوق. وبعد انتهاء جولتنا في أسواق دمشق توجهنا إلى مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك والتقينا مدير التجارة الداخلية ومعاونه وعدداً من عناصر الرقابة التموينية، وكانت الجلسة ساخنة نتيجة الأسئلة الشفافة التي طرحنا والتي لم نجد الإجابة عن الكثير منها، لأن الإجابة في مستوى أعلى من الحضور ولأن «المجالس بالأمانات كما يقال» هناك جزء من الحديث ليس للنشر لأن عناصر التموين أباحوا لنا بشكواهم التي ربما نتحدث عنها في مرات قادمة. معاون مدير حماية المستهلك محمود الخطيب قال: بناء على توجيهات رئيس الحكومة بالعمل على ضبط الأسواق وتشديد الرقابة، تم اعتباراً من يوم الأربعاء الماضي القيام بحملة شاملة في جميع أسواق دمشق من خلال تشكيل أربع مجموعات يرأس كل مجموعة معاون مدير، المجموعة الأولى توجهت إلى سوق الهال في الزبلطاني والسوق المغطى لتنظيم الضبوط بحق التجار والثانية باتجاه حي الأمين والصناعة والثالثة في الميدان والربعة باتجاه الدقاقيين والبزورية وتم تنظيم 413 ضبطاً منذ بدء الحملة يوم الأربعاء الماضي وكانت 60% من الضبوط بحق التجار نتيجة عدم منح فواتير وعدم التقيد بالفواتير النظامية وشملت الضبوط تجار السكر والزيت والسمون والحبوب وهناك دوريات مسائية في منطقة دمر ووسط المدينة. وعن عملية ضبط الأفران قال الخطيب: لدينا 4 دوريات يومياً مخصصة للأفران يبدأ عملها في السادسة صباحا وينتهي في الواحدة وتقوم بضبط نوعية الخبز وعمليات البيع. ونفى الخطيب ما تم تداوله عن رفع أسعار المعجنات وخبز السمون والكعك حتى الآن، مؤكداً أن هناك طلباً من جمعية المطاعم لرفع الأسعار ولم يتخذ قرار بذلك. أما بيع الخبز أمام الأفران فكشف وللمرة الأولى أن هناك موافقات لذوي الشهداء والجرحى ببيع 35 ربطة خبز يومياً أمام الأفران ولمرة واحدة في اليوم وبسعر لا يتجاوز 55 ليرة سورية وكل من يضبط بأكثر من هذا السعر ينظم بحقه الضبط اللازم وقد يكون هناك تواطئ من باعة المخبز مع الأطفال أو أصحاب الموافقات لمنحهم كميات أكبر مقابل فائدة محددة. وفي حال علمنا بذلك نقوم بضبط كل مخالفة. وعن عدم الإعلان عن الأسعار بين معاون المدير أن مشكلة الإعلان هي أن الباعة يضعون الأسعار عند وصول الدوريات وبعد مغادرتها يزيلون التسعيرة وهناك كلمة سر بين الباعة في كل سوق يتداولونها بمجرد اقتراب الدورية من السوق. وسبب اختلاف الأسعار بين سوق وآخر أوضح الخطيب أن السبب يتعلق بجودة البضاعة فمثلا اللحوم في باب سريجة أقل من الأسواق الأخرى لأنه قد تكون تلك اللحوم إناث. أما أسعار الفروج فهي مرتبطة بالعرض والطلب وهناك خروج لعدد كبير من مربي الدواجن من العملية الإنتاجية. ورمى الخطيب الكرة في مرمى المواطن مطالباً الجميع بعدم السكوت عن المخالفات والاتصال فوراً بالشكاوي وعدم الخوف أو الخجل من تجار الأزمة أو من يقومون باستغلال المواطن.
عدنان دخاخني رئيس جمعية حماية المستهلك قال: لم تعد الأسواق تحتمل اليوم الارتفاع الجنوني في أسعار الصرف وعلى الحكومة أن تتدخل لمحاسبة كل من يتلاعب بأسعار الصرف وكل تاجر يمسك بيده «طبشور» ويغيير الأسعار كل ساعة وليس كل يوم. وإذا لم يستقر سعر الصرف فلن تستقر الأسعار، وحتى المنتجات المحلية ارتفعت لأن أساس هذه المنتجات مستورد مثل الأسمدة والبذور وغيرها. ويتساءل دخاخني أن كانت هذه العملية عبارة عن لعبة أم حرب اقتصادية. ونخشى من حالة إغلاق المحلات التجارية التي يخشى أصحابها من البيع بخسارة. وكان اللـه في عون المواطن وخصوصاً ذوي الدخل المحدود الذين لا يتجاوز دخلهم الشهري 50 دولاراً. وأقر دخاخني بانعدام أي دور لجمعية حماية المستهلك في هذه الفترة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن