اقتصاد

بحجة الدولار وارتفاع الأسعار.. وغض النظر عن تعظيم الإيرادات … الاتحاد السوري لشركات التأمين يدرس مضاعفة بدلات التأمين الإلزامي على السيارات مقابل زيادة التعويضات بين 33 و50% فقط!

شيء ما يطبخ في أروقة الاتحاد السوري لشركات التأمين، أصبحت وزارة المالية على علم به، شعاره البرّاق؛ الحرص على مصلحة القطاع التأميني والمواطنين المؤمنين، لكن يبدو أن هدفه الرئيسي زيادة إيرادات شركات التأمين من خلال رفع قيمة البدلات من التأمين الإلزامي، بنسب أعلى بكثير من رفع قيمة التعويضات.
وبحسب ما علمت به «الوطن» تعكف إدارة الاتحاد السوري لشركات التأمين على دراسة رفع بدلات التأمين الإلزامي على السيارات بنسبة 100%، مقابل رفع قيمة التعويضات بين 33% في حالتي الوفاة والعجز الكلي، وبنسبة 50% في حالة العلاج.
المسوغات التي يسوقها الاتحاد والتي أصبح وزير المالية على علم بها منذ أيام (أحالها للدراسة في اجتماع مجلس إدارة هيئة الإشراف على التأمين) تتركز حول ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الليرة السورية (انخفاض قيمة الليرة السورية) وما يرتبط بذلك من غلاء في تكاليف الإصلاح والعلاج عند التعويض.
للوهلة الأولى تبرز منطقية الطرح من واقعية تلك المسوغات، لكن التدقيق بالأمر يكشف لنا غير ذلك، إلى حدّ ما، ويقودنا إلى تعزيز إيرادات شركات التأمين من فرع إلزامي السيارات، الذي هو مصدر مضمون للدخل، وهو رابح بكل المقاييس الحالية، على اعتبار أن شركات التأمين تعمل وفق ما يسمى المحفظة التأمينية، وتخضع لشروط اقتصادات الحجم، وهذا ما يدلل عليه نسبة التعويضات من البدلات خلال أي فترة محددة، التي هي لمصلحة الشركات. وهذا يقودنا بحكم السياق والمنطق للتفكير، إلى الاستنتاج بانحسار دور شركات التأمين لتصبح مكاتب للتأمين الإلزامي للسيارات فقط، والذي تعدت نسبته 60% من عمل بعض الشركات، وهذا أمر غير طبيعي، ولا يعزز أكثر من الكسل التأميني والعجز في التفكير الإبداعي لاكتشاف مصادر أخرى للدخل خارج فرع الإلزامي، الذي تبحث فيه بعض الشركات، وهم قلة للأسف.
كما أن شركات التأمين لا تزال رابحة بنسب جيدة حتى الآن من فرع التأمين الإلزامي، وهذا ما تكشف بيانات وأرقام هيئة الإشراف على التأمين.
من جانب آخر، ربما نتفق مع العاملين في قطاع التأمين على أن بدلات التأمين الإلزامي هي الخدمة الوحيدة التي لم ترتفع أثمانها خلال الأزمة، وأن التعويضات التي يقرها نظام التأمين الإلزامي هي تعويضات منخفضة جداً بالقياس إلى التضخم الحاصل، حيث ما يزال تعويض الوفاة مثلاً الناتجة عن حادث سير هو 750 ألف ليرة سورية. كما نتفق مع النظرية القائلة بضرورة زيادة أسعار الخدمات في إحدى حالتين، أولاهما ضرورة تغطية نفقات تأدية الخدمة، وثانيتهما تحسين هذه الخدمة.
إلا أن ما تسعى إليه شركات التأمين في مقترحها لرفع البدلات، لا ينسجم مع كلتا الحالتين، فهو أقرب إلى زيادة أسعار دون تحسين خدمة، فالمقترح المطروح حالياً ينص على زيادة البدلات بنسبة 100% على حين تزداد التعويضات بنسب تراوح بين 33 و50% فقط.
علماً بأن المختصين في التأمين يوضحون أن رفع بدلات التأمين الإلزامي للسيارات يجب أن يكون منسجماً مع نسبة زيادة التعويضات المقررة إلى حد بعيد، فبدل التأمين أو ما يسمى قسط التأمين بشكل بسيط هو انعكاس لمبلغ التأمين (أو التعويض في حالتنا هذه) وبالشكل الفني الدقيق هو انعكاس لنتائج عمل المحفظة التأمينية كلها.
ومن ثم فإن التصرف الصحيح والدقيق في حال الرغبة في زيادة تعرفة تأمين السيارات الإلزامي، يتطلب دراسة معدل الربحية لكل نوع من أنواع السيارات، فقد يكون تأمين أحد أنواع السيارات تأميناً رابحاً ومن ثم لا يوجد ما يستدعي رفع بدلاته، والعكس صحيح. من جانبه المدير العام لهيئة الإشراف على التأمين عمار ناصر آغا أكد لـ«الوطن» وجود دراسة في اتحاد شركات التأمين حول الموضوع، وهذا ما سيتم نقاشه خلال اجتماع مجلس إدارة الهيئة قريباً، منوهاً بأن كما للاتحاد مقترحاته في تعديل البدلات والتعويضات ونسبها، كذلك للهيئة مقترحاتها، وهي المسؤولة في النهاية عن التسعير في هذه الحالة، لذا توصف النسب المطروحة في دارسة الاتحاد بالأولية، التي سوف تدرس في اجتماع مجلس الإدارة للوصول إلى صيغة نهائية تراعي مصالح شركات التأمين والمواطنين المؤمنين.
وأظهر ناصر آغا تأييداً لفكرة زيادة التعويضات لمسوغات كثيرة أهمها الانسجام مع التضخم الحاصل، وهو ما يستلزم معه زيادة البدلات ولكن بطريقة عادلة وفنية ومدروسة. الأمر الذي نضعه في عهدة الهيئة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن