ثقافة وفن

لا أهتمّ للشهرة بل لاستمراريّة مصنع الآلات الموسيقيّة … محمد السبسبي لـ«لوطن»: العزف على العود وصناعته جعلاني أكثر تمسكاً بإرادة الحياة

| عامر فؤاد عامر

يروي حكايته بين آلة العود وعشق الوطن، فقد اكتسب محبّته الخاصّة في صناعة الأعواد عن عمّه وأبيه، فتغلغلت رائحة الخشب في ذاكرته، ليصبح صانعاً وعازفاً يقدّم نفسه لنا بثقة وقوّة عبر عشرته الأصيلة للموسيقا الشرقيّة، وعلى الرغم من تعرضه لإصابة في جسده أثناء رمي القذائف على دمشق 2013 إلا أنه بصبره وحبّه للحياة نراه أكثر رغبة في النهوض والمقاومة، ومؤخراً كنا على موعدٍ معه في حفلة على مسرح دار الأوبرا في دمشق برفقة الفنانة التونسيّة «محرزيّة الطويل» والفنان «طارق صالحيّة»، وأخرى في طرطوس وبرفقة «صالحيّة» أيضاً. الفنان «محمد السبسبي» يحدّثنا عن مشاريعه أكثر وعن حفلاته القادمة من خلال هذا الحوار.
عازفاً وصانعاً

يمتلك مصنعاً للآلات الموسيقيّة في دمشق، في منطقة ركن الدين، وهو مختصٌّ بالتحديد في صناعة آلة العود، ويقول بثقة كبيرة بأنّه اليوم وبعد مرور أكثر من 20 سنة على عمر المصنع أصبح هذا المصنع الأهمّ في الوطن العربي في صناعة الآلات الموسيقيّة. وعن ذكرياته الأولى يتحدّث الفنان «محمد السبسبي»: «عندما كنت في عمر 10 سنوات؛ وبعد العودة من المدرسة، كنت أرتاد معمل عمي في صناعة الأعواد، ولأشتمّ رائحة الخشب التي تنطلق من ذلك المكان، والتي أحببتها كثيراً، ومع مرور الوقت أصبح هذا الطقس عادة لي، كما أن والدي دائم العزف على هذه الآلة في البيت، فاعتدت سماع هذه النغمات منذ الصغر، وبين تشجيع والدي وعمي، وجدت نفسي صانعاً للأعواد وعازفاً على هذه الآلة. واليوم أصنع الآلات الموسيقيّة وأصدرها بطلباتٍ تأتيني من أوروبا، وأميركا، وأستراليا، ومن دول عربيّة كثيرة، ومعظم عازفي العود في العالم صُنّعت آلاتهم من معملي».

الدراسة
تلقى «محمد السبسبي» دراسته على هذه الآلة لدى أكثر من مدرس فيها فقد درست في المعهد العربي في محافظة حماة، وبقي فيه مدّة 3 سنوات، وكذلك درس في حلب على يدّ الأساتذة «بشار حسن»، و«قدري دلال»، إضافة لإشراف والده الذي جعله أكثر مواظبةً على العزف.

الابتعاد عن الشهرة
يمتلك نظرته الخاصّة فيما يتعلق بالعمل مع الآخرين، فيشرح لنا: «لم أشتغل مع مطرب ضمن فرقته من قبل، على الرغم من العروض المتعددة التي أتتني وإلى اليوم، لكني قدّمت حفلات منفردة في مصر، ولبنان، وتركيا، وهي حفلات خاصّة كعزف صولو على آلة العود، وقد ابتعدت عن أجواء الشهرة كثيراً، لأنّني استلمت المعمل عن عمي في حماة، ثمّ نقلته إلى دمشق، وبقيت على اهتمامي بهذه الصناعة منذ 10 سنوات».

مع طارق صالحيّة
وُلدت علاقة طيبة مع الفنان «طارق صالحيّة» الذي تحدّثنا بلمحة موجزة عنه في مقالٍ سابق في «الوطن» وعن هذه العلاقة يقول «السبسبي»: «منذ كان عمري 15 سنة كنت أرى «طارق صالحيّة» يعزف مع والدي- حسين السبسبي- الذي كان يزورنا في البيت كثيراً، وقد أُعجبت بطريقة عزفه على آلة الغيتار، واعتدت وجوده معنا في البيت، وفي عزفه مع والدي، فارتحت له كشخص وكعازف، وهو صاحب خبرة في تقديم الحفلات، والتدريس، والعزف، ويبدو أنني تشربت فكرة الاشتراك معه في العزف بسبب تلك الظروف».

مع محرزيّة الطويل
قدّم «محمد السبسبي» و«طارق صالحيّة» حفلة موسيقيّة غنائيّة على مسرح دار الأوبرا في دمشق بالاشتراك مع الفنانة التونسيّة «محرزيّة الطويل» وعن العلاقة معها، وحول فكرة هذه الحفلة التي عمل على اقتراحها يقول: «محرزيّة الطويل» عرفتها منذ 6 سنوات مضت، وجاءت المعرفة من خلال والدي، وأحببت صوتها كثيراً، وقررت دعوتها في زيارة إلى دمشق؛ ولبّت الدعوة في عام 2011 وعزفنا وغنينا معاً في ذلك الوقت، وتكرّرت دعوتي لها في هذا العام 2016، وجاءتني فكرة تقديم حفلة بمشاركة الأستاذ «طارق صالحيّة» وهكذا عملنا ثلاثتنا على إنجاح هذا المُقترح لتكون الحفلة التي تابعها جمهور دار الأوبرا في دمشق منذ فترة قصيرة، وقد شعرت بأنّنا سنكون منسجمين في هذا العمل، وهذا ما حصدناه فعلاً، وبالنسبة للبرنامج لاحظت أن آلة العود الشرقيّة مع آلة الغيتار الغربيّة ستشكلان حالة فريدة من الانسجام على الرغم من خصوصيّة وانفراد كلّ واحدة منهما، وحرصت أن أختار أغنيات بعيدة عن الجو الشرقي البحت، وبصورة تتناسب مع الآلتين».

قريباً
أمّا عن نشاطه القادم فيحدثنا الفنان «محمد السبسبي»: « سنعيد هذه التجربة في إسبانيا، والمغرب خلال الأشهر القادمة، وهناك حفلة قدّمتها مع الأستاذ «طارق صالحيّة» في طرطوس منذ أيام».

إرادة الحياة
في ختام حوارنا كان هناك حديث عن إصابته في رجله بقذيفة هاون أثناء رمي دمشق بها، والضرر الذي سببته له، وعن ذلك نذكر من حديثه: «أُصبت في الحرب على دمشق نتيجة قذيفة هاون، وكان ذلك في 28 آذار 2013 وما زلت إلى اليوم تحت العلاج، وفي البداية لم أتمكن من المشي، لكنني تمسكت بإرادة النصر، وبالموسيقا، وبعملي، وكلّ ذلك ساعدني في المقدرة على متابعة نشاطي، والعودة إلى الحياة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن