الأولى

على ماذا تعزف أنجيلا ميركل؟

| تيري ميسان 

دعمت المستشارة الألمانية، منذ الوهلة الأولى، الحرب التركية على سورية، ومولت إغلاق حدودها مع الاتحاد الأوروبي. لكننا لم نفهم حتى الآن كيف ستدير نتائج عسكرة تركيا، ولاسيما من حيث التوسع في الإرهاب، وترحيل الأكراد والمسيحيين.
هل سيتم فعلا تطبيق الاتفاق الموقع في 18 آذار الماضي، بين الاتحاد الأوروبي، وتركيا؟
رسميا، ينبغي أن تستلم تركيا 6 مليارات يورو خلال سنتين، والاستفادة من إعفاء تأشيرة الدخول في مجال شنغن، مقابل إغلاق حدودها، وعودة جميع المهاجرين الذين وصلوا مع ذلك إلى بلدان الاتحاد.
هذا الاتفاق لا يشمل 1.8 مليون مهاجر دخلوا في السابق، عبر تركيا، إلى دول الاتحاد الأوروبي، كما لا يشمل أيضاً 2.7 مليون لاجئ سوري مقيمين حالياً في تركيا.
بعد شهر من توقيع الاتفاق، تمت إعادة 325 مهاجراً فقط إلى تركيا، وقبول 103 لاجئين سوريين بشكل نظامي في دول الاتحاد الأوروبي.
من الواضح أن بروكسل لم تعد تركيا بستة مليارات يورو فقط لهذا الغرض.
هناك تمويل مقنع للحرب السرية من الاتحاد الأوروبي، بناء على طلب عاجل تقدمت به كل من فرنسا، وألمانيا.
زيارة أنجيلا ميركل لتركيا في 23 نيسان الجاري كانت، وفقا لبرلين، لانجاز تطبيق الاتفاق.
زارت المستشارة الفدرالية الألمانية مخيم نصيبين2 النموذجي، وهو المخيم الوحيد المعتنى به بشكل صحيح، وهو لا يمثل إطلاقاً الظروف الحياتية المؤسفة لباقي اللاجئين السوريين.
هذه الزيارة الخارجية، التي استبعد منها الصحفيون، واستعيض عنهم بالعاملين في خدمات الاتصالات الرسمية، مكنت المستشارة من التقاط صور جذابة، مع أطفال تغذيتهم جيدة ومبتهجين، وهو أسلوب للقول، من دون التصريح، بأن تركيا ليست بحاجة لأموال الاتحاد الأوروبي لترعى اللاجئين لديها، بل لمواصلة الحرب.
لعبت ألمانيا أدواراً مهمة ضد سورية فهي التي نظمت عام 2012 اجتماع «أصدقاء سورية» في أبو ظبي، والذي جرى خلاله، تقاسم تركات الغاز السوري مستقبلا، بين القوى الاستعمارية الكبرى.
وهي أيضاً من سهلت عام 2012 كتابة خطة جيفري فيلتمان السرية للاستسلام التام وغير المشروط لسورية.
وهي دائماً وأيضا، من يواصل العمل بهذا المشروع في جنيف حاليا، من خلال فولكر بيرتس، معاون ستيفان دي ميستورا.
في زيارتها لغازي عنتاب، قالت المستشارة الفدرالية: «طالبت (…) مجدداً بمناطق يكون فيها وقف إطلاق النار معززا بشكل خاص، وتتمتع بقدر كاف من الأمن الذي يمكن أن يكون مضموناً».
وفقا لوكالات الأنباء الغربية، فقد منحت المستشارة الفدرالية الدعم اللازم للمشروع التركي في إقامة منطقة «حظر طيران» فوق الأراضي السورية.
في المحصلة، هذا الموقف الألماني شكلي محض، لأن تطبيقه ينطوي على تصويت في مجلس الأمن، وهذا ما تعترض عليه كل من روسيا، والصين، وحتى الولايات المتحدة.
من الصعب حقاً تفسير الموقف الألماني، فإذا كان واضحاً أن السيدة ميركل تسعى إلى مداراة حليفها التركي، لحمله على وقف الهجرة، ومساعدته على مواصلة الحرب ضد الشعب السوري، فمن المستحيل تصور أنها لا تشعر بالقلق من تمدد الأنشطة الإرهابية في أوروبا، ولا من رغبته المعلنة في حرمان ستة ملايين تركي من جنسيتهم، ما قد يطلق موجة مهاجرين جديدة نحو أوروبا.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن