سورية

في رسالة قوية «إلى الجميع» أوباما يؤكد رفض المناطق الآمنة في سورية … واشنطن تجدّد التأكيد على أهمية «تدمير داعش» والجامعة تلتقي في ظروف «الأمر الواقع الأميركي الروسي»

| أنس وهيب الكردي

وسط إصرار أميركي على رفض المناطق الآمنة وبروز ملامح اتفاق أميركي روسي حول تثبيت وتوسيع وقف العمليات القتالية ومراقبته ثنائياً تمهيداً لاستئناف محادثات جنيف، ظهر توتر لدى داعمي المسلحين، الذين واصلوا محاولاتهم التشويش على الجهود الدائرة مستخدمين ورقة مجلس الأمن الدولي، وملوحين بورقة «تقوية» المسلحين عبر إرسال صواريخ مضادة للطائرات محمولة على الكتف. إلا أن ألمانيا التي تواصل توسيع حضورها في الأزمة السورية رتبت لاجتماع رباعي في برلين يهدف إلى إقناع «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة بالعودة إلى المحادثات السورية السورية في جنيف.
وعقب تمنع القاهرة، اضطرت لندن وباريس إلى دعوة مجلس الأمن للانعقاد بشكل «عاجل» من أجل بحث الوضع في حلب. وعلى ما يبدو، أن الدعوة الفرنسية البريطانية أتت متأخرة، خصوصاً أن الروس والأميركيين سحبوا الجزء الأكبر من فتيل التوتر في المدينة وما حولها. كذلك، ينعقد اليوم مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين ليجد نفسه أمام الأمر الواقع الأميركي الروسي.
وفي رسالة قوية للحلفاء وبالأخص الأوروبيون والأتراك، وأيضاً للروس، جدد البيت الأبيض التأكيد على رفض الرئيس الأميركي باراك أوباما إقامة المناطق الآمنة في سورية، مبيناً أن أوباما يراها «فكرة غير عملية». وقال المتحدث باسم البيت الأبيض جوش أرنست إن «الرئيس يقف ضد فكرة وجود مناطق آمنة، ولقد عبر عن ذلك منذ البداية، لأنه لا يريد أن يضع الولايات المتحدة في حالة فرض تطبيقها»، في تعبير عن مخاوف واشنطن من التورط في سورية. وأضاف أرنست، بحسب ما نقلت وكالة أنباء «الشرق الأوسط» المصرية للأنباء: «ينبغي أن يكون تركيز قواتنا المسلحة على الهيمنة وتدمير تنظيم داعش». ولفت إلى أن واشنطن وفيما يتعلق بالوضع في سورية، «تعول» على الدور الروسي. وقال: «نعول على موسكو للضغط على السلطات السورية، كي تلتزم الأخيرة بنظام وقف إطلاق النار في البلاد».
وفي برلين، أعلنت وزارة الخارجية الألمانية أن وزير الخارجية فرانك فالتر شتاينماير سيستضيف نظيره الفرنسي جان مارك إيرولت والمنسق العام لـ«الهيئة العليا للمفاوضات» رياض حجاب ومبعوث الأمم المتحدة الخاص بسورية ستيفان دي ميستورا اليوم. وعلقت الهيئة المنبثقة عن مؤتمر الرياض مشاركتها في الجولة الثالثة من محادثات جنيف بحجة «استمرار القصف من الجيش السوري وحلفائه على المدنيين». وشرحت الوزارة في بيان، نقلته وكالة الأنباء «رويترز»، أن «النقطة الأساسية» في محادثات برلين هي «كيفية تهيئة الأوضاع لمواصلة محادثات السلام السورية وخفض العنف وتحسين الأوضاع الإنسانية في سورية».
وفي نيويورك، دعت فرنسا وبريطانيا إلى عقد اجتماع عاجل لمجلس الأمن لبحث الوضع في مدينة حلب، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن سفيري البلدين.
ووصف مندوب فرنسا الدائم لدى الأمم المتحدة فرنسوا دولاتر حلب بأنها «مركز مقاومة» الرئيس بشار الأسد مؤكداً أن المدينة «تتعرض لقصف مستمر منذ 2012».
وسبق لمندوب مصر الدائم لدى الأمم المتحدة عمرو عبد اللطيف أن ذكر أن بلاده لن تدعو إلى عقد جلسة طارئة لمجلس الأمن لبحث الأوضاع في حلب. ويترأس هذا الدبلوماسي مجلس الأمن لهذه الشهر. وأوضح عبد اللطيف في تصريح نقلته وكالة «الأناضول» التركية للأنباء، أن المجلس سيكتفي بالاستماع إلى إحاطة من دي ميستورا حول الوضع في سورية، معرباً عن ثقته بأن أعضاء «المجلس سيصدرون منتجاً عقب انتهاء (المبعوث الأممي) من إفادته».
في القاهرة، تلتئم الجامعة العربية اليوم على مستوى المندوبين لبحث الوضع في حلب وذلك بناء على طلب قطر. ولن يكون أمام المندوبين سوى التصديق على نتائج الجهود الأميركية الروسية المشتركة التي سحبت فتيل أزمة حلب ولو إلى حين.
وتقدم الفرنسيون بالخطوة الأولى لإعادة النظر في مجمل الاتفاقات بشأن حل الأزمة السورية وذلك من خلال دعوتهم إلى عقد اجتماع جديد لمجموعة العمل الدولية بشأن سورية، وتلا ذلك توحيد الجهود الفرنسية والبريطانية في مجلس الأمن في أعقاب الموقف الواضح الذي صدر قبل يومين عن وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند. ومن العاصمة المكسيكية نيو مكسيكو، أعرب هاموند عن قلقه الشديد من تدهور الوضع في سورية، وأشار إلى وجود حاجة لـ«مبادرة جديدة» كي يظل الحوار السوري قائماً بعد التصعيد في مدينة حلب. ونقلت وكالة «رويترز» للأنباء عن هاموند «ثمة حاجة لمبادرة جديدة في الحوار السوري لإبقائه حياً… المعارضة المعتدلة تواجه صعوبات متزايدة في تبرير مشاركتها في العملية السياسية». وقال إنه يأمل في إحراز تقدم في الأيام المقبلة، متوقعاً «المزيد من الاجتماعات الدولية الأسبوع المقبل أو نحو ذلك».
المواقف البريطانية الفرنسية الساعية إلى تعديل جدول العمل الدولي بشأن سورية، وسحب البساط من تحت أقدام الروس والأميركيين وكشف الموقف الروسي، جاءت بعد الضغط الذي مارسه وزير الخارجية السعودي عادل الجبير لتزويد «المعارضة المسلحة» بجميع الأسلحة التي تحتاجها بما فيها أنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف، لكنه أوضح أن الجهة التي يجب أن تقوم بذلك هي «التحالف الدولي ضد داعش» الذي تقوده واشنطن و«ليس دول بعينها».
ورداً على تخوف البعض من أن تقع مثل هذه الأسلحة المضادة للطائرات في أيدي الإرهابيين، قال الجبير إن الجميع يتقاسمون هذا التخوف، مؤكداً أن لمثل هذه الحالات إجراءات أمنية يمكن تطبيقها للحد من هذا التخوف.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن