من دفتر الوطن

شخصيات كارثية 2

| عبد الفتاح العوض 

المهنة… شيخ!!

ما صورة رجال الدين أو علماء الدين في المجتمع؟
خلال السنوات الماضية حظي رجال الدين بمكان خاص وبموقع مميز على المستوى الاجتماعي. يظهر واضحاً أن للشيخ في المجتمع موقعاً متقدماً في قائمة الوجهاء فهو موجود في أفراحه وأحزانه، فعندما نقيم الفرح لا بد من وجود الشيخ وخاصة في الأعراس حيث لا يكتمل الزواج إلا من خلاله.. وفي المآتم فليس ثمة فرصة لاستكمال جنازة وتعازيها إلا بوجود الشيخ حتى لو كان المتوفى ملحداً. وفي الحياة الأسرية الشيخ موجود إما لإصلاح ذات البين وإما لإنجاز الطلاق أو تشريعه.
أما عن علاقة السلطة برجال الدين فهي ذات العلاقة بين الدين والسياسة … رغم ما قيل إن اقتراب رجل الدين من السياسي يفسد الدين… بينما يدعو الجميع أن يكون رجال السياسة أكثر قرباً من الله.
قبل أيام تابعت لقاء مع شيخ سوري يعتبر من علماء دمشق المعروفين الذين حظوا بمكانة خاصة مما قاله في اللقاء: إنه لم يتعرض لأي مضايقة من «النظام» ما قبل «الثورة» وإنه مارس نشاطاته الدعوية بلا تدخل من الأجهزة الأمنية ولا من غيرها وإنه مع بداية الأحداث زاره عالم دين وسأله إن كان موقفه لأنه يتعرض لمضايقات من أحد لكنه قال: لا موقفه هو من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. وفي اللقاء ذكر أن الرئيس بشار الأسد حضر في المسجد الذي يخطب فيه مرتين وكان يقضي وقت ما بعد صلاة الجمعة إلى ما قبل العصر في الاستماع إليهم والتحاور معهم.
لا أريد أن أدخل في تفاصيل أخرى من اللقاء الذي يجري في تركيا.
لكن ما أود أن أصل إليه أن علاقة المجتمع وكذلك علاقة السلطة مع علماء الدين كانت علاقة جيدة.
السؤال هنا ما دام رجال الدين على هذه المكانة الخاصة فكيف كان دورهم سواء في بدايات الأزمة أم في القدرة على صنع نهاياتها.
هذا سؤال مفتوح لا أدعي الإجابة عنه.
لكن أجد نماذج الشخصيات الكارثية التي أفرزتها الأزمة هم الشيوخ الجدد… ربما التسمية المناسبة للأمراء الجدد..!!
وهؤلاء شبان وجدوا أن أسهل مهنة يمكن القيام بها هي «لبس لحية» والتحول إلى أمير كتيبة أو مفتٍ فيها.
في الأماكن الساخنة وتلك التي يسيطر عليها هذه النماذج يلمس الناس حجم بشاعة الصورة التي وصل إليها ممارسو لعبة التدين.
في سورية لم يكن لرجال الدين وعلماء الدين دور إلا في حل النزاعات بينما أصبح الشيخ الأمير «الشيوخ الجدد» في حالة مواجهة مع المجتمع قبل أن يكون في حالة مواجهة مع السلطة.

أقوال
تمنَّ أن يصل الدين إلى أهل السياسة.. ولا أن يصل أهل الدين إلى السياسة.
الشغف بالتطرف سواء في الفن أو في السياسة رغبة مقنّعة في الموت.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن