ثقافة وفن

دور واسط في المشرق (82-132 هـ/700-749 م)

| سوسن صيداوي

أصدر الدكتور رحيم هادي الشَمخي كتاباً حمل عنوان «دور واسط العسكري والإداري في المشرق»، بواقع 216 صفحة، موزعاً الكتاب بين مقدمة وخاتمة وستة فصول، واعتبر المؤلف كتابه جزءاً علمياً متواضعاً قام بإعداده بطريقة غنية جداً، معتمداً على العديد من المصادر التاريخية والروايات، التي وثّقت المعلومات بدقة وبطريقة قد لا تستوعب التاريخ العربي الإسلامي كلّه، ولكنها تسّلط الضوء على دور واسط سواء العسكري أم الإداري حتى العصر الأموي من خلال إظهار الجوانب المشرقة من تاريخ الأمة العربية والإسلامية في ذلك العصر، متناولاً في الفصل الأول «بناء مدينة واسط» سواء بالتسمية أم الموقع، مستشهداً بالمصادر اللغوية للوصول إلى اشتقاق اسم المدينة، إضافة إلى صلتها الجغرافيّة بمدينة البصرة والكوفة، مع تبيان الهدف السياسي والعسكري والإداري من بنائها، مستنداً إلى ما ذكرته الروايات التاريخية والمصادر عنها، أما في الفصل الثاني الذي جاء بعنوان «دور المدن العسكرية التي أنشئت قبل واسط» فتحدث المؤلف عن أسباب حركات التحرر العربية في ظل الدولة العربية الإسلامية منذ عهد الرسالة وحتى العهد الأموي، كما تناول الفصل دور البصرة العسكري في حركات التحرير في المشرق، مع ما حققته الخلافة الراشدة من انتصارات حاسمة على الفرس في بلاد فارس، على حين خصص المؤلف «رحيم هادي الشَمخي» الفصل الثالث، للحديث عن دور واسط العسكري في جبهة المشرق بعد اتساع خريطة الدولة العربية الإسلامية في جهادها الإسلامي، مبيناً أثر والي العراق الحجّاج بن يوسف الثقفي في تنظيم الجيش وتعيين القادة الأكفاء أمثال: قتيبة بن مسلم الباهلي، ومحمد بن القاسم الثقفي، وحتى عند وفاة الحجّاج، كيف جاء دور يزيد بن المهلب بن أبي صفرة في عمليات التحرير، أما الفصل الرابع فقد خُصص لدور واسط العسكري في جبهة السند، موضحاً المؤلف علاقة السند بالدولة الساسانية ووقوفهم إلى جانب الفرس أثناء عمليات التحرير، وكيف تمكّن العرب المسلمون من إنهاء الوثنيّة والبوذية والهندوسية في تلك المنطقة، مبرزاً دور منطقة البصرة في عمليات تحرير السند التي كانت لها أبعاد إستراتيجية وسياسية واقتصادية لأنها ملتقى المسالك والطرق والالتحام ببلاد الصين، أما الفصل الخامس فقد خُصص لدور واسط العسكري أثناء الدعوة العباسية مع التركيز على الأبعاد الإستراتيجية للدعوة العباسية وأسباب اختيار خراسان مركزاً رئيسياً لنشر الدعوة، وكيف أن انتصارات الجيش العباسي في مرو وخراسان جعل العراق مفتوحاً أمامه، ولا سيما مدينة واسط. وجعل المؤلف الفصل السادس، لدراسة دور واسط الإداري التي استعرضت الأسس التي قسّمت ولاية العراق والمشرق ولا سيما منذ عهد أميرها الحجّاج بن يوسف الثقفي، والأسس التي نُظمت بموجبها الأقاليم والمقاطعات التابعة لنفوذها الإداري والمبادئ التي اعتمدتها الدولة العربية والإسلامية في العصر الأموي في اختيار الولاة وسياستهم تجاه الرعية، وبيّنت أهمية اعتماد مبدأ اللامركزية الإدارية في تصريف الأمور العامة وغيرها من الأمور المهمة في تنظيم الحياة الاجتماعية والاقتصادية والعسكرية، وفي النهاية أوضحت الخاتمة ما توصل إليه المؤلف من نتائج فرضتها طريقة البحث وكيف استخلص من المصادر الأولية والمصادر الثانوية الجوانب المهمة فيه.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن