سورية

دي ميتسورا يأمل انعقاد جولة المباحثات في أواخر آب.. كيري يضخ جرعة تفاؤل كبرى.. ولافروف يلتزم الحذر: الاتفاق يتضمن فصل المعتدلين عن المتطرفين

| الوطن – وكالات

ضخ وزير الخارجية الأميركي جون كيري جرعة كبيرة من التفاؤل عندما حدد مطلع آب موعداً لإعلان «خطة حاسمة ومهمة للحل في سورية»، في حين كان نظيره الروسي سيرغي لارفرف أشد حذراً، بإشارته إلى أن تطوير الاتفاقات الروسية الأميركية و«تنفيذها فعلاً» سيكون كفيلاً بفصل «المعتدلين» عن الإرهابيين، والذي سبق أن وعدت واشنطن منذ شهور بتحقيقه لكنها «فشلت».
وكشف لافروف أنه بحث مع نظيره الأميركي على هامش قمة «آسيان» «الخطوات العملية» التي يجب القيام بها لمحاربة الإرهابيين في سورية بفعالية، وعدم السماح بوجود «المعارضين المعتدلين» في الأراضي الخاضعة لسيطرة الإرهابيين، مبيناً أن العمل سيتم في «إطار عمليات القوات الجوية والفضائية الروسية وسلاح الجو الأميركي والتحالف الدولي الذي يقوده».
وسبق لدمشق أن رحبت بالاتفاق الروسي الأميركي وأعربت عن «استعدادها» للانخراط في التعاون الأميركي الروسي العسكري من خلال المشاركة في «تنسيق العمليات الجوية المضادة للإرهاب».
وواكب لقاء لافروف كيري في عاصمة لاوس المشاورات الروسية الأميركية الأممية التي استضافها قصر الأمم المتحدة في مدنية جنيف السويسرية، وتنتهي هذا اليوم. وأدلى الوزير الروسي بدلوه فيما يتعلق بهذه المشاورات مشدداً على ضرورة «العمل بأسرع ما يمكن على الحزمة السياسية لحل الأزمة في سورية»، مشترطاً أن تكون هذه الحزمة والدعوة إلى ما أسماها «الجولة الأولى» من محادثات جنيف، مستندةً «على المبادئ الموثقة في مجلس الأمن الدولي»، أي القرار (2254) من دون الإشارة إلى بيان جنيف. وأكد أن مواقف «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة المنبثقة عن مؤتمر الرياض للمعارضة، تقود المحادثات إلى «طريق مسدود».
وبعد الاجتماع مع المبعوث الأميركي لسورية مايكل راتني ونائب وزير الخارجية الروسي غينادي غاتيلوف، قال مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا: إنه يأمل في عقد جولة جديدة من محادثات السلام السورية قرب نهاية آب ملغياً جدولاً زمنياً سابقاً مع وضع موعد نهائي جديد لاتفاق أميركي روسي لدعم المحادثات. وتابع أن كلاً من الولايات المتحدة وروسيا تحتاج لبذل المزيد من الجهد في الأيام المقبلة.
ولفت دي ميستورا إلى أن اجتماع جنيف تركز على الحاجة الملحة لإحراز تقدم فيما يتعلق بوقف العمليات القتالية في سورية وتوصيل المزيد من المساعدات الإنسانية ومكافحة الإرهاب والتحول السياسي. وإثر لقاء جمعه مع كيري في فينتيان، قال لافروف: «في حال تطوير الاتفاقات التي تم التوصل إليها في أعقاب اللقاء مع وزير الخارجية الأميركي في موسكو، في سياق المشاورات المرتقبة بين الخبراء الروس والأميركيين، وفي حال تنفيذ هذه الاتفاقات فعلاً، فستضمن تلك الاتفاقات تنصل المعارضين المعتدلين من إرهابيي داعش وجبهة النصرة». وأردف قائلاً: «إننا بحثنا ما يجب علينا أن نقوم به لكي يبدأ تنفيذ هذه الاتفاقات في إطار عمليات القوات الجوية والفضائية الروسية وسلاح الجو الأميركي والتحالف الدولي الذي يقوده».
وأوضح أن الاتفاقات مع واشنطن تتعلق بخطوات عملية يجب اتخاذها من أجل محاربة الإرهابيين في سورية بفعالية، وعدم السماح بتواجد من يطلق عليهم «المعارضون المعتدلون» في الأراضي الخاضعة لسيطرة الإرهابيين. لكنه نبه من محاولة المعتدلين حماية النصرة وداعش، قائلاً: إن «هؤلاء يريدون المشاركة في نظام الهدنة (وقف العمليات القتالية)، ويسعون في الوقت نفسه للسماح لتنظيمي داعش والنصرة بالاستفادة من هذا النظام والحيلولة دون تكبد التنظيمين أي خسائر». ولفت إلى أن الجانب الأميركي ما زال يؤكد لموسكو أنه قادر على الفصل بين «المعارضة المعتدلة» والتنظيمات الإرهابية في سورية، على الرغم من إخفاق واشنطن في إحراز هذه المهمة منذ أشهر».
من جهة أخرى، تناول لافروف المحادثات السورية في جنيف، مشدداً على ضرورة استئنافها في أقرب وقت، لكنه نبه إلى مواقف «الهيئة العليا للمفاوضات» المعرقلة، مشيراً إلى أن الحكومة السورية مستعدة للعمل مع أطياف المعارضة والأمم المتحدة. وقال: إن «وفدي الحكومة والمعارضة، التي شكلت من خلال اللقاء في موسكو والقاهرة وأستانا، مستعدان للعمل واقترحا أفكاراً على الورق سلمت للأمم المتحدة». وأردف قائلاً: «ولكن ما يعرف بـ«الهيئة العليا للمفاوضات».. (تطرح) موقفاً غير بناء ولم تطرح أي أفكار فقط باستثناء الإنذارات المعروفة والتي لن تؤدي إلى أي نتيجة طيبة». وإذ لفت إلى أن الهيئة تصر على رحيل الرئيس بشار الأسد، أضاف «لنرى بعد ذلك ما نفعل مع العملية السياسية. إنه موقف لا يؤدي إلا إلى طريق مسدود».
وأكد أن مشاورات جنيف الثلاثية في جنيف مكرسة لتسريع العملية من أجل الشروع في العمل على صياغة حزمة اتفاقات سياسية لتسوية الأزمة السورية، وأعرب عن أمله في أن يتمكن المجتمعون من تنسيق مقاربة تجاه المفاوضات السورية، ليتم بعد ذلك تطبيقها على أساس القرار الدولي الخاص بالعملية السياسية في سورية (في إشارة إلى القرار 2254)، ومنع طرح أي شروط مسبقة وإنذارات في سياق الحوار.
وأعاد إلى الأذهان أن القرارات الدولية السابقة تطالب بعقد جولة جديدة للمفاوضات في أقرب وقت. واعتبر أن الجولة القادمة من عملية جنيف يمكن أن تصبح الجولة الأولى من المفاوضات الحقيقية، لأن المحاولات السابقة يصعب تسميتها جولات مفاوضات إذ يجب الدعوة إلى جولة مبنية على المبادئ الموثقة في مجلس الأمن الدولي». وشرح أن ذلك «يعني مشاركة الحكومة بشكل كامل وكل قوى المعارضة بلا استثناء». ولم تدع الأمم المتحدة إلى المحادثات السابقة سوى «الهيئة العليا للمفاوضات» كطرف مفاوض واكتفت بدعوة بقية أطراف المعارضة دعوات شخصية واستشارية وامتنعت عن دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي استجابة لضغوط أنقرة وتهديداتها.
وفي عتب على المبعوث الأممي إلى سورية، ذكر لافروف أن ستيفان دي ميستورا «لم يتمكن حتى الآن من جمع كل من يجب أن يحدد مستقبل سورية إلى طاولة المحادثات رغم حيازته على تفويض محدد بذلك». وشدد على ضرورة أن تجري المفاوضات الحقيقية على أساس المبادئ التي أقرها مجلس الأمن الدولي.
من جانبه، تحدث وزير الخارجية الأميركي عن «خطة حاسمة وهامة بشأن الحل في سورية تعلن مطلع آب المقبل».
وقال كيري للصحفيين إثر لقاء لافروف: «إننا نأمل في الإعلان عن إحراز تقدم للتوصل إلى حل دبلوماسي في سورية مطلع آب المقبل أو في الأسبوع الأول منه». وأضاف «ما يعرفه الجميع هو أننا نسعى إلى توطيد وقف الأعمال القتالية وإيجاد إطار يسمح لنا بالجلوس إلى طاولة.. وإجراء محادثات حقيقية لإحراز تقدم»، لافتاً إلى أنه «يتم إحراز تقدم» في هذا الصدد.
لكن وكالة «رويترز» ذكرت أن كيري أعرب عن أمله في أن يتم إعلان تفاصيل خطة أميركية بشأن تعاون عسكري أوثق ومشاركة معلومات استخباراتية مع روسيا بشأن سورية في مطلع آب المقبل، مشيراً إلى أنه «تم إحراز تقدم في الأيام القليلة الماضية بشأن المضي قدما في هذه الخطة». وقال «نقوم بواجبنا وتم إنجاز الكثير من العمل في الأيام القليلة الماضية، وأقول لكم أنه تم بنجاح»، من دون أن يكشف أي تفاصيل محددة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن