سورية

أكدت أن العملية تستهدف «إزالة المخاطر الناجمة عن داعش وبيدا» … أنقرة تبدأ تنفيذ «المنطقة المطهرة» والاتحاد الديمقراطي يتعهد بإغراقها في «المستنقع»

| الوطن – وكالات

بدا أن تركيا شرعت أخيراً في تنفيذ المنطقة المطهرة من تنظيم داعش، لا بقصد إنهاء التنظيم المتطرف بل لإجهاض «فيدرالية الشمال» ومساعي «حزب الاتحاد الديمقراطي» الكردي لوصل مناطق سيطرته في الشمال السوري عبر ممر جرابلس إعزاز. وأدت سيطرة «وحدات حماية الشعب» الكردية التابعة لـ«الاتحاد الديمقراطي» على مدينة منبج إلى قرع الأجراس في أنقرة.
وتريد تركيا من عملية «درع الفرات» إلزام واشنطن تنفيذ وعودها بإقصاء الوحدات عن منبج والعودة من حيث أتت إلى غرب الفرات. وبعد إطلاق العملية، طلبت أنقرة خروج «حماية الشعب» العمود الفقري لـ«قوات سورية الديمقراطية» التي حررت المدينة بريف حلب الشمالي، من المناطق الواقعة غرب نهر الفرات في الريف الحلبي الشمالي.
وهددت باتخاذ «الإجراءات اللازمة» لتنفيذ ذلك، في إشارة دبلوماسية يعني استعداد تركيا للذهاب إلى الحرب ضد «الوحدات». ورفضت الوحدات التهديد محذرةً أنقرة في المقابل من الغرق في المستنقع السوري، مؤكدةً أن الأتراك اختاروا موعد دخولهم إلى سورية لكن تاريخ خروجهم لن يكون بأيديهم.
واللافت أن الرئيس رجب طيب أردوغان اختار لإطلاق عمليته أمس، تاريخ الرابع والعشرين من شهر أب، الذي يصادف الذكرى الخمسمئة واثنين لمعركة «مرج دابق» التي انتصر فيها العثمانيون على المماليك ومهدت لسيطرة الدولة العثمانية على بلاده الشام وما وراءها لاحقاً.
كما أن أردوغان مهد لعمليته بتحقيق تقارب مع كل من روسيا وإيران عنوانه الرئيس البحث عن حل إقليمي للأزمة السورية ومنع تقسيم سورية، مع تصاعد هذا الشبح عقب إعلان «مجلس سورية الديمقراطي» عن تأسيس «فيدرالية شمال سورية» قبل أشهر ومع تقدم «قوات سورية الديمقراطية» من منبج باتجاه جرابلس والباب ما يفتح الطريق على وصل مناطق الحسكة وتل أبيض وعين العرب وعفرين عبر ريف حلب الشمالي. وأكد أردوغان، أن الشعب السوري هو من يقرر مصيره بنفسه، من دون أن يتحدث عن رحيل الرئيس بشار الأسد. وترافق إطلاق العملية التركية مع زيارة نائب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن ورئيس إقليم شمال العراق مسعود البارازاني إلى أنقرة، وذلك بعد تصاعد التنسيق التركي الروسي الإيراني وتبادل الزيارات بين كبار المسؤولين في هذه الدول.
ووصول بارزاني إلى تركيا أظهر وجود نواياً تركية لاستقدام مسلحي بيشمركة للسيطرة على المناطق ذات الأغلبية الكردية في ريف حلب الشمالي، والتي سيتم إقصاء «وحدات الحماية» منها.
وخلال كلمة له أعلن فيها انطلاق عملية «درع الفرات»، أبدى أردوغان قدراً كبيراً من الصراحة عندما أوضح أن العملية تستهدف إزالة المخاطر الناجمة عن داعش و«الاتحاد الديمقراطي»، الذي يتلقى دعماً كبيراً من واشنطن. وبين أن العملية ستضع حداً للاعتداءات على أراضي تركيا انطلاقا من المناطق الحدودية، وتعهد «بإنهاء العملية فور إزالة الخطر».
ونفى أن يكون للعملية أي «نية أخرى»، وأكد أن تركيا لن ترضى بما وصفها المكيدة التي يُراد تنفيذها في سورية، ولن تقبل بفرض الأمر الواقع» (التقسيم أو الفيدرالية)، وأضاف «سنستخدم جميع إمكانياتنا لحماية وحدة الأراضي السورية، بما في ذلك تولي الأمر بشكل فعلي في حال الضرورة».
كما توجه أردوغان، الذي استقبل مساء نائب الرئيس الأميركي، إلى «الدول التي تدعم التنظيمات الإرهابية»، في تلميح واضح إلى الدعم الأميركي لـ«وحدات حماية الشعب»، وشبهها بمن يمسك رمانة سحب منها مسمارها.
وأضاف: إن تركيا مستعدة لاتخاذ خطوات مشتركة مع «التحالف الدولي» وروسيا بشأن سورية. وأعرب عن إصراره على أن تُدار هذه الدولة بإرادة شعبها، مؤكداً أن مصيرها سيقرره الشعب السوري فقط، في تبن كامل للموقفين الروسي والإيراني من مسألة تنحي الرئيس الأسد، والذي كانت أنقرة تصر عليها.
وبدوره، اعتبر وزير الداخلية التركي أفكان إلا أن العملية العسكرية التركية في شمال سورية ستستمر حتى إزالة الخطر الذي يمثله داعش على تركيا، متوقعاً إحراز هذا الهدف «سريعا».
وخلال استقباله بارزاني، أكد رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم، أن «الاتحاد الديمقراطي» (بيدا) يسعى لكسب الشرعية بذريعة محاربته داعش. وفي هذا السياق أكد نائب رئيس الوزراء التركي نعمان قورطولموش عشية انطلاق «درع الفرات» أن بلاده لا يمكن أن تقبل سيطرة (بيدا) على كامل الحدود السورية التركية، معتبراً أن التطورات حول جرابلس «مسألة أمن قومي بالنسبة لتركيا»، وأنها تعني المرحلة النهائية لإلغاء وحدة التراب وتشكيل دولتين وثلاث في سورية.
وتابع قورطولموش: «يوجد في شمال سورية عرب وأكراد وتركمان ومكونات أخرى، ونحن نؤيد أن يستمر الغنى العرقي والثقافي للشعب السوري».
وبعد أن طالبت على مدار شهر بخروج «حماية الشعب» من منبج والعودة إلى شرق الفرات، انتقلت تركيا مع «درع الفرات» إلى التهديد بقتالهم من أجل تنفيذ هذا المطلب. وقال وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو: «على المليشيات الكردية أن تنسحب من المناطق في الضفة الغربية للفرات والانتقال شرقاً. وفي حال عدم انسحابها، ستتخذ أنقرة جميع الخطوات اللازمة». وبين أن تركيا خططت لتطهير المنطقة من داعش مع الولايات المتحدة وأنها تنفذ العملية بالتعاون مع «التحالف الدولي» و«المعارضة السورية المعتدلة».
في المقابل، جاء رد (بيدا) على الإنذار التركي عنيفاً، حيث قال ممثل «الاتحاد الديمقراطي» في موسكو عبد السلام علي: إن القوات الكردية لا تنوي الانسحاب من المناطق التي حررتها من داعش.
وتابع علي في تصريحات لوكالة «نوفوستي»: «إنها مناطق كردية، حررها الأكراد من أيدي الإرهابيين خلال معارك دامية. لماذا يجب علينا أن ننسحب منها استجابة لمطالب تركيا؟ توغلت تركيا بشكل غير قانوني في شمال سورية وتحاول إملاء شروطها».
ولا يخفي (بيدا) قلقه من تنسيق إقليمي يستهدف إجهاض مشروعه الفيدرالي في الشمال. وتوعد الرئيس المشترك لـ«الاتحاد الديمقراطي» صالح مسلم تركيا بخسائر كبيرة في «مستنقع سورية (كما حصل) مع داعش». وأضاف «بيدهم (الأتراك) دخول هذه الحرب.. ولكن الخروج منها لن يكون بأيديهم»، مشدداً على أن «الشعب السوري عامةً، قوات سورية الديمقراطية ومجلس جرابلس العسكري المؤلف من أبناء جرابلس، يقفون ضد تركيا في هذه الخطوة». واعتبر أن تركيا كانت تحارب في سورية بالوكالة عبر بعض المجموعات مثل مرتزقة داعش وجبهة النصرة والسلطان مراد، وتابع «ولكن تدخلها المباشر في الحرب السورية سيجعلها تخسر الكثير».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن