سورية

واشنطن اعتذرت للرئيس الأسد عن «الضربة الجوية» في دير الزور … لافروف: إحياء «التهدئة» يتوقف على التزام الجميع ولن ننظر في طلب وقف الطيران الحربي من جهة واحدة .. مراقبون يستبعدون استئناف محادثات جنيف قبل قدوم الإدارة الأميركية الجديدة

| الوطن – وكالات

أعلنت روسيا أن إحياء «نظام التهدئة» في سورية يتوقف على التزام كل الأطراف المعنية به، وأكدت أنها لن تنظر بجدية في طلبات وقف أعمال الطيران الروسي والسوري بشكل أحادي الجانب.
يأتي ذلك وسط تحليلات استبعدت عقد جولة جديدة من محادثات جنيف السورية السورية حتى لو تم إحياء «نظام التهدئة» لأن انتهاكات الميليشيات المسلحة له ستتواصل كما حصل في الاتفاقات السابقة.
وبعد ثلاثة أيام من المباحثات على هامش الدورة الـ71 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك واجتماعين لـ«المجموعة الدولية لدعم سورية» التي تشترك في رئاستها روسيا والولايات المتحدة، أخفق وزيرا خارجية روسيا سيرغي لافروف وأميركا جون كيري في التوصل إلى اتفاق لإحياء اتفاق «التهدئة» الذي تم التوصل إليه في التاسع من الشهر الجاري، وانتهى مفعوله يوم الإثنين الماضي.
ويرجع مراقبون إخفاق جولات المحادثات في نيويورك إلى عدم تمكن لافروف وكيري من تجاوز عقدتين: واحدة تمثل مطلباً أميركياً وهو وقف حركة الطيران الحربي التابع للجيش العربي السوري في شمال سورية 7 أيام، والأخرى روسية تتمثل في فصل «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) عن باقي الميليشيات المسلحة.
ويوم أمس قال لافروف في حوار مع قناة «روسيا» بحسب الموقع الإلكتروني لقناة «روسيا اليوم»: «إذا كان الأمر سيتلخص مجدداً في الطلب من القوات الجوية الفضائية الروسية والقوات الجوية السورية القيام بخطوات أحادية الجانب للتوقف لمدة 3 – 4 أيام لإقناع المعارضة بالابتعاد عن «جبهة النصرة»، فلن نأخذ هذه الأحاديث على محمل الجد». واعتبر لافروف أنه «ليس هناك مجال لاستئناف العمل بنظام وقف إطلاق النار في سورية إلا على أساس جماعي». وقال: «لا مجال الآن للحديث عن إنعاش الهدنة إلا على أساس جماعي، عندما لا نحتاج إلى إثبات أي شيء لأحد على أساس أحادي الجانب».
وعبر لافروف عن استغرابه قائلاً: إن «الوضع غريب بعض الشيء. أبلغت وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، ثم في لقاء المجموعة الدولية لدعم سورية، بأن الوضع في دير الزور يختلف عنه في حلب حيث يتغير خط التماس بانتظام، بل هو ثابت (في دير الزور) منذ أكثر من عامين».
وأوضح أنه «يصعب أن نصدق أن مخابرات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لضرب «داعش» على كامل أراضي سورية، لا تعرف المواقع. إلا أنني لا أريد اتهام أحد بشيء».
وأشار وزير الخارجية الروسي، إلى أن الولايات المتحدة اعتذرت للرئيس بشار الأسد، عن شنها الضربة الجوية على الجيش العربي السوري في دير الزور.
وأضاف: «أبدينا خلال الأشهر الماضية بضع مرات تعاوناً وأعلنا عن هدن منسقة مع الأميركيين حول حلب لمدة 48 و72 ساعة، وكل مرة كنا نتأكد أن هذه الهدن استخدمت لإمداد المسلحين، بمن فيهم عناصر «النصرة»، بالأفراد والغذاء والسلاح».
وأعلنت وزارة الدفاع الروسية أن نظام وقف إطلاق النار لم يلتزم به إلا الجيش العربي السوري، وكانت هناك انتهاكات عديدة من المسلحين. كما أعلنت القيادة العامة للجيش والقوات المسلحة أن القوات السورية بذلت «جهوداً حثيثة» لتطبيق «نظام التهدئة»، وأبدت «أعلى درجات ضبط النفس». ورغم حدة الاتهامات بينهما في الجمعية العامة للأمم المتحدة، إلا أن وزيري الخارجية الأميركي والروسي تعهدا مواصلة المحادثات على أمل التوصل إلى حل للأزمة السورية المستمرة منذ أكثر من خمس سنوات.
وصرح لافروف في مؤتمر صحفي الجمعة أن الهدنة التي انهارت الإثنين بعد فرضها بصعوبة في مطلع أيلول بفضل جهوده ونظيره الأميركي «لا سبب لوجودها» ما لم تفك المعارضة السورية ارتباطها بالمجموعات الجهادية «الإرهابية».
وتابع لافروف: «غض النظر عن قيام (جبهة) النصرة بتمويه مواقعها من خلال التعاون مع فصائل معتدلة لتفادي التعرض للقصف، ليس ما اتفقنا عليه»، في إشارة إلى الاتفاق الموقع في التاسع من أيلول مع كيري في جنيف.
وطالب لافروف التحالف الدولي بقيادة واشنطن بـ«إثبات» أنه «يتمتع بالنفوذ لدى الجهات على الأرض» أي فصائل المعارضة.
وتابع لافروف: «لا أعتقد أن ذلك مطلباً كبيراً»، متعهداً في تلك الحالة بفرض «وقف إطلاق نار دائم».
الجمعة أكد وزير الخارجية الروسي إصرار موسكو على ضرورة إجراء تحقيق موضوعي في حادث قصف قافلة المساعدات الإنسانية قرب بلدة أورم الكبرى في محيط حلب.
وأضاف مع ذلك: إنه «من الصعب جداً تحديد نوع الأسلحة التي استخدمت لاستهداف (القافلة)»، مشيراً إلى أنه من الممكن أن تكون الضربة ناجمة عن قنبلة جوية أو قذائف مدفعية.
من جهته لا يزال كيري يحتفظ ببصيص أمل دبلوماسي حول سورية ويريد الحفاظ على الحوار مع لافروف بأي ثمن.
وشدد وزير الخارجية الروسي على أن روسيا لم تتحدث أبداً عن خطة «ب» حول التسوية السورية، لأنه «لا حل عسكرياً للأزمة» في البلاد. وأضاف: إن نظيره الأميركي أيضاً مقتنع بهذا الأمر.
كما أفاد لافروف، في الوقت ذاته، بأن «بعض أعضاء المجموعة الدولية لدعم سورية منعوا تعزيز هذا المبدأ بجملة واحدة» خلال الاجتماع الذي عقد في نيويورك الخميس.
من جهة أخرى، أكد وزير الخارجية الروسي أن المطالبة برحيل الرئيس بشار الأسد يعتبر انتهاكاً لقرار مجلس الأمن الدولي.
وفي كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال لافروف: إن قمع داعش وجبهة النصرة ومجموعات متطرفة منسجمة معها هو السبيل الوحيد لحل الأزمة السورية وما يرافقها من وضع إنساني مؤسف. وأكد: «إنه مفتاح لتعزيز نظام وقف الأعمال القتالية وتحقيق المصالحة الوطنية».
وأضاف: إنه لا يجوز «التباطؤ في بدء المفاوضات السورية السورية من دون شروط مسبقة»، وفقاً لقرار مجلس الأمن الدولي 2254.
وذكر الوزير الروسي بهذا الصدد أن «التقويض السافر للعملية السياسية من بعض ممثلي المعارضة في الخارج مع تساهل رعاتهم ينعكس سلبياً على سمعة الأمم المتحدة ويحمل على التفكير في أن يكون سبب ذلك في السعي إلى خلق ذريعة لمحاولة تغيير النظام (في سورية)».
من جهة أخرى، أكد لافروف أن «الاستجابة لمطالبة الأمم المتحدة حول الفصل بين ما يسمى بالمعارضة السورية المعتدلة والإرهابيين أمر بالغ الأهمية»، معيداً إلى الأذهان أن المسؤولية الخاصة تتحملها في هذا المجال الولايات المتحدة وأعضاء التحالف الذين ترعاهم واشنطن.
وتابع لافروف: «إن رفض القيام بذلك أو العجز عنه في الظروف الحالية يعززان الشبهات حول إرادة (بعض الأطراف) إنقاذ تنظيم جبهة النصرة».
كما أشار لافروف إلى أن هذا الأمر يدل على أن خطط تغيير النظام في سورية لا تزال قائمة.
الجمعة، لم يتحدث كيري صراحة عن إخفاق لكنه لم يخف تشاؤمه بشأن استئناف المفاوضات السياسية حول سورية، واكتفى بالإشارة إلى «تقدم محدود جداً» بعد لقائه لافروف.
وقال كيري «نجري تقييماً لبعض الأفكار المشتركة بطريقة بناءة».
على خط مواز قال متابعون للوضع في سورية لـ«الوطن»: «لا تغيير كبيراً سيحصل على المشهد الميداني حتى لو تم إحياء نظام التهدئة. المشهد سيظل يراوح مكانه حتى يعود الطرفان إلى طاولة المحادثات وهذا الأمر مستبعد حتى قدوم الإدارة الأميركية الجديدة».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن