سورية

موسكو تحذر من بديل الاتفاق الروسي الأميركي ومن أضرار التصريحات الغربية على التسوية السياسية للأزمة السورية

| وكالات

حذرت روسيا أمس من استمرار الحرب في سورية إذا ما انهار الاتفاق الروسي الأميركي، الذي رفضت وصفه بـ«الميت» وتحدثت عن وجود أمل لتطبيقه، مؤكدةً في الوقت نفسه تمسكها بالحل السياسي، ومشددةً على أن مكافحة الإرهاب في سورية «مستمرة ولا يمكن وقفها». كما حذرت موسكو واشنطن من «الأضرار البالغة» التي تلحقها تصريحات دبلوماسييها بشأن العملية الروسية في سورية، سواء على التسوية السياسية لأزمة هذا البلد، أم على علاقات الدولتين الكبيرتين الثنائية.
ورفضت الدبلوماسية الروسية بشكل مطلق الرضوخ لرغبة واشنطن في طرح شروط إضافية للبدء في تنفيذ الاتفاق الروسي – الأميركي، مؤكدةً أن أولوية الاتفاق تتمثل في فصل المسلحين «المعتدلين» عن جبهة النصرة. وألمحت إلى رفض العسكريين الأميركيين الاستماع إلى الرئيس باراك أوباما قائدهم الأعلى، وتفضيل بعض المسؤولين الأميركيين المماطلة في المفاوضات مع الروس من أجل العودة إلى الحل العسكري للأزمة السورية بعد خروج أوباما من البيت الأبيض.
هذه المواقف التي أطلقها المسؤولون الروس جاءت بعد ساعات من اجتماع طارئ لمجلس الأمن الدولي دعت إليه الدول الغربية، وانتقدت خلاله العملية الروسية في سورية واصفةً إياه بـ«الهمجية والوحشية»، على حد ما ذهبت إليه مندوبة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة سامانتا باور.
وانتقد المتحدث باسم الرئيس الروسي دميتري بيسكوف تصريحات باور وزميلها البريطاني، واصفاً إياها بأنها «غير مقبولة إطلاقاً، وقد تلحق أضراراً بالغة بالعملية السياسية في سورية والعلاقات الثنائية لهاتين الدولتين مع موسكو». وأكد أن الفصل بين «المعارضة المعتدلة» والإرهابيين في سورية لم يتم بعد، واصفاً الأوضاع في هذه البلاد بـ«الصعبة للغاية». واعتبر أن نظام وقف إطلاق النار في سورية «قليل الفعالية»، معرباً عن قلق الكرملين البالغ من أن الجماعات الإرهابية تستغل الهدنة في سورية لإعادة انتشار عناصرها وتعزيز ترساناتها، استعداداً، كما يبدو، لشن هجمات جديدة. مع ذلك أكد بيسكوف أن روسيا لم تفقد الأمل والإرادة السياسية لبذل قصارى الجهد بغية التوصل إلى حل مستدام في سورية. وأضاف: «أتحدث الآن عن الأمر الواقع. لا تزال مكافحة الإرهاب مستمرة ولا يمكن وقفها».
وأكد أنه لا تجري حالياً تحضيرات لعقد اجتماع على أعلى مستوى لبحث الأزمة السورية، موضحاً أن هذا الأمر لا يمكن تحقيقه إلا بعد تحديد المسؤولين عما يجري حالياً في البلاد.
بدوره اعتبر وزير الخارجية سيرغي لافروف أنه من السابق لأوانه اعتبار الاتفاق الروسي الأميركي ميتاً. وفي مقابلة مع قناة «إن تي في» الروسية، شدد على تمسك موسكو بما اتفق عليه الجانبان الروسي والأميركي، لكنه رأى أن خطوات واشنطن الأخيرة تدل على رغبتها في طرح شروط إضافية للبدء في تنفيذ الاتفاق حول سورية، وهو ما أعرب عن رفضه، مشدداً على أن الاتفاق بشكله النهائي يعطي الأولوية للفصل بين «المعارضة المعتدلة» والإرهابيين. وقال لافروف: «على الأقل، نحن مازلنا متمسكين بالاتفاقات التي تم التوصل إليها خلال الأشهر الماضية»، منبهاً إلى أن الولايات المتحدة لم تعد تلعب دورها غير المنحاز كأحد الرئيسين المناوبين للمجموعة الدولية لدعم سورية، بل تلعب «في مرماها» فقط.
وتساءل: «لماذا عقدوا (الدول الغربية) اجتماعاً طارئاً لمجلس الأمن؟»، وعزا ذلك إلى إخفاق الغرب بقيادة واشنطن في تطبيق التزاماته فيما يتعلق بالوضع في سورية. وشدد على أن الهدف الحقيقي للاجتماع يكمن في صرف الانتباه عن غارة التحالف الذي تقوده واشنطن على مواقع الجيش العربي السوري في دير الزور قبل نحو عشرة أيام. ومن جهة أخرى، أكد لافروف أن روسيا تصر على إجراء «تحقيق دقيق» في ملابسات استهداف قافلة المساعدات الإنسانية في بلدة أورم الكبرى بريف حلب الشمالي الأسبوع الماضي.
وبشأن التعاون مع الأميركيين، أشار إلى تلقيه تأكيدات كثيرة حول دعم الرئيس أوباما للتنسيق العسكري مع روسيا، مشيراً إلى أن اوباما أكد هذا الأمر بنفسه لنظيره الروسي على هامش قمة العشرين مطلع الشهر الجاري. وأردف مستنتجاً: «يبدو أن العسكريين الأميركيين لا يصغون للقائد الأعلى (أوباما) بشكل مطلق»، في إشارة إلى رفضهم إطلاق هذا التنسيق.
كما شكك لافروف في استعداد أميركا لضرب جبهة النصرة في سورية. وقال إنه «لم يعد واثقاً مئة بالمئة بذلك». وكشف أن كيري كرر له خلال كل لقاء بينهما أن «النصرة» تمثل تهديداً لا يقل عن خطر داعش، وأضاف «لكن رغم تلك التأكيدات، الجيش الأميركي لا يستهدف النصرة».
وأوضح أن مسلحي «النصرة» استغلوا فترات الهدنة للحصول على تعزيزات وأموال إضافية من الخارج، كما انتقد المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، معتبراً أن الأخير يصغي لمطالب «الهيئة العليا للمفاوضات» المعارضة، ووصف هذا النهج من قبل الموفد الأممي بـ«غير المسؤول».
وفي ذات السياق، أشار نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف إلى وجود مسؤولين أميركيين يتحدثون عن وجود خطة بديلة فيما يتعلق بسورية. واعتبر أن أولئك المسؤولين لا يرون في الاتفاقات الروسية الأميركية، التي تم التوصل إليها مؤخراً إلا «مجرد لعبة» متوقعين في الواقع أن تتخذ الإدارة الأميركية الجديدة المواقف الأكثر شدة، ما سيتيح لهم التعويل على حل عسكري. أثناء اجتماع للجنة الشؤون الدولية في المجلس الفدرالي الروسي، أكد بوغدانوف موقف بلاده المعارض لمواصلة الحرب في سورية كبديل عن الاتفاقات المبرمة بين موسكو وواشنطن. وقال: «ليس أمامنا إلا بديلان: إما مواصلة الحرب، أو بذل المزيد من الجهود في مسعى لوضع حد لهذه الحرب». ومع ذلك أشار إلى أن فرص تطبيق الاتفاقات الروسية الأميركية لم تفت بأكملها بعد، موضحاً: «لا يزال هناك أمل.. وعلى أي حال تنتهي كل حرب بإحلال السلام». وأضاف: إن موسكو ترغب في الالتزام الأكثر دقة بنظام وقف الأعمال القتالية في سورية، وخاصة بموجب ما تم بلوغه بين روسيا والولايات المتحدة في جنيف، بالتزامن مع إطلاق عملية سياسية.
كما شدد على أن الحملة العسكرية، التي يشنها التحالف الدولي بقيادة واشنطن في سورية، لا أساس قانونياً لها.
وأشار بوغدانوف إلى أن تصريحات بعض المسؤولين بأن الحكومة السورية فقدت شرعيتها عاطفية، وانتقد تصرفات الغرب من وجه نظر القانون الدولي قائلا:» علاوة على ذلك، سلمت عدة دول غربية، بما فيها فرنسا على سبيل المثال، السفارات السورية إلى أيدي المعارضة، محددة بنفسها من يحق له تمثيل سورية على الصعيد الدولي».
من جانبها، أكدت المتحدثة باسم الخارجية ماريا زاخاروفا، عدم وجود أي جدوى من عقد اجتماع جديد بشأن سورية في مجلس الأمن.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن