من دفتر الوطن

جواكر أم بهلوانات؟!

| عبد الفتاح العوض

سؤالي يخص نموذجاً يضم عدداً لا يستهان به من السوريين.. عملوا مع الحكومة وكانوا جزءاً منها وربما ما هو أعلى منها.. ثم هؤلاء أنفسهم تحولوا إلى جزء من المعارضة بمسمياتها المختلفة والمتنوعة.
السؤال هنا.. هل هؤلاء شخصيات مبدعة أجمع عليها السلطة والمعارضة، شخصيات مميزة وورقة رابحة «جواكر» تصلح في السلطة والمعارضة؟! أم إن هؤلاء منافقون يميلون حيث تميل الريح ويقدمون «للسادة» ما يريدونه.. بهلوانات ترقص على النغم الرائج؟! في الحالة الأولى إذا اعتبرنا أن هؤلاء مبدعون فإن اختيار السلطة لهم كان أمراً حكيماً.. وأن الجهة التي اختارت شخصيات كهذه كانت تسير بالاتجاه الصحيح وإلا فما اختارت هؤلاء الناس، ولا جعلتهم جزءاً منها ولا قدمت لهم الفرصة لتنفيذ أفكارهم.
بكل المعاني التي يمكن أن تندرج تحت تفسير أن هؤلاء الأشخاص لديهم شيء يستحق الانتباه فإن خيار السلطة لهم يحسب لها لا عليها، وأن المعارضة عندما اختارتهم أيضاً ليكونوا جزءاً منها إنما هي تقلد السلطة وتسير على خطاها.. وخياركم في الجاهلية.. خياركم في الإسلام..!! وخياركم في السلطة.. خياركم في المعارضة.؟! لن أحكم على هذه الاحتمالية «احتمالية الجواكر» الآن وسأقدم الاحتمال الثاني.. الذي يتلخص بأن المنافقين والدجالين يستطيعون أن يقدموا أنفسهم بشكل يرضي «الزبون».
فهم إسلاميون مع الإسلاميين.. وبعثيون مع البعثيين… وماركسيون مع الشيوعيين.. و.. و.. واملأ الفراغ بما يناسب صاحب القرار!! هذه النماذج تتابع ما يجري وتحاول أن «تشم» رائحة ما يريده أولو الشأن ثم تفعل ما يلزم للتقرب منهم والمزايدة عليهم والجلوس خلفهم.. وإذا استطاعت الجلوس مكانهم.
احتمالية «البهلوانات» القادرين على الرقص على الحبال تفسر انقلاب الكثير من العاملين مع السلطة ليتحولوا فيما بعد وبلا كثير من جهد إلى عاملين لدى المعارضة.
لن أدخل في لعبة التسميات بل سأستعيض عنها بالنماذج الأكثر صراخاً.. نموذج الضابط الذي «انشق» بعد أن كانت كل أفعاله وتصرفاته «تمجيداً» بالسلطة واقتراباً منها وتزلفاً لها.
ضابط كان يعمل «شبه مهرج» إن لم نقل كلمة أخرى في البلاط ثم يتحول إلى رجل صاحب مبادئ يتحدث عن حقوق الإنسان.
نموذج الرجل الذي اشتغل في الحكومة.. أو حتى على رأسها وكان قبلاً من أجود المنشدين في جوقة «البعث» ثم ينتقل إلى الضفة الأخرى، ويغير النشيد واللحن.
المسؤول الذي سرق ونهب وكان جزءاً من الفساد الوقح ثم يجد في المعارضة فرصة لتبييض السمعة قبل تبييض المال الوسخ.
ثم «الإعلامي»، وليعذرني السادة الزملاء.. «المحترمون»، الذي كان بوقاً هنا.. ثم انتقل ليصبح بوقاً هناك؟! هذا الذي كان يكتب معلقات في منجزات الحركة التصحيحية، ويحاضر في منطلقات البعث.. يصبح مع الزمن «محاضراً» في مساوئ الحركة التصحيحية، كان يعلمنا معاني الثامن من آذار.. ثم أصبح يعلمنا معاني الثامن عشر من آذار!! ثمة نموذج ثالث.. لا هم جواكر ولا بهلوانات بل شخصيات تاهت في الأزمة، هذا النموذج أخذته العواطف حيناً وأخطاء من حوله حيناً إلى النزول من الحافلة لكنه لم يركب الحافلة الأخرى وما زال يتابع الأخطاء من هنا وهناك… إنهم الفئة التي اعتزلت ما اعتبرته «فتنة».
بقي سؤال صعب جداً.. أيهما أكثر خطأ الحكومة التي كانت قد اختارت هذه النماذج أم المعارضة التي اشترت شخصيات «بالة» مستعملة؟

القول الفصل
ولا خير في ودّ امرئ متلوّن
يميل مع النعماء حيث تميل

 

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن