سورية

منتصف تشرين الأول المقبل موعد بدء هجوم التحالف على معقل داعش السوري … نبرة عالية من أنقرة حيال واشنطن على خلفية مشاركة «حماية الشعب» في عملية الرقة

| الوطن – وكالات

انتقلت تركيا من نصح الولايات المتحدة الأميركية إلى تحذيرها من مغبة الاستعانة بقوات «وحدات حماية الشعب» الكردية، للمشاركة في عملية «التحالف الدولي» المزمعة لطرد تنظيم داعش من مدينة الرقة. وتساءلت الدبلوماسية التركية عن إذا ما كانت واشنطن غير قادرة على إقناع «الوحدات» بالانسحاب الكامل من مدينة منبج، أم إنها غير راغبة. هذه الحدة في التصريحات الصادرة من أنقرة تجاه الحليف الأميركي، تشير إلى أن المشاورات الأميركية التركية بشأن عملية الرقة، التي سربت أوساط تركية أن موعدها سيكون أواسط شهر تشرين الأول المقبل، ربما لم تنجح بعد في تجاوز عقبة «حماية الشعب»، على حين ساعة الصفر للهجوم على معقل داعش السوري تضغط على الجميع. من جهة أخرى، ترافقت نبرة التصريحات التركية العالية تجاه واشنطن مع أنباء عن وصول جنود أميركيين إلى مدينتي مارع وإعزاز بريف حلب الشمالي، ضمن الاستعدادات لمعركة الباب. وجدد مسوؤلون أتراك الدعوة من أجل إقامة منطقة آمنة لحماية المدنيين من «وحشية» «النظام» وداعش.
ووصل أمس الأول إلى أنقرة وفد أميركي رفيع المستوى لمناقشة عمليات «التحالف الدولي» المتواصلة ضد تنظيم داعش المدرج على اللائحة الدولية للتنظيمات الإرهابية، حسبما ذكرت مصادر دبلوماسية تركية لوكالة «الأناضول» للأنباء، التي أوضحت بدورها أن الوفد الذي يرأسه نائب وزير الخارجية الأميركية أنطوني بلينكن، يضم كلاً من مبعوث الرئيس الأميركي الخاص لـ«التحالف الدولي» لضرب داعش بريت ماكغورك ووكيل نائب وزير الخارجية الأميركية للشؤون الأوروبية والآوراسية جونسون كوهين.
وقبيل لقائه الوفد الأميركي، هاجم وزير الخارجية التركي مولود شاووش أوغلو واشنطن والعواصم الأوروبية التي تتعامل مع «وحدات حماية الشعب» التي تعتبرها أنقرة امتداداً سورياً لحزب العمال الكردستاني المحظور في تركيا.
وقال خلال مؤتمر صحفي مع نظيره البريطاني بوريس جونسون في أنقرة: «التنظيمات الإرهابية تسعى إلى إنشاء كانتونات لها شمالي سورية وعلى دول العالم ألا تتسامح معها بحجة محاربة تنظيمات إرهابية أخرى».
وسبق أن أبدت أنقرة موافقة مبدئية ومشروطة حيال اقتراح الرئيس الأميركي مشاركة الجيش التركي في عملية الرقة، ورفضت إرسال جيشها إلى مسرح العمليات مؤكدةً أن دعمها سيكون «لوجستي فقط» واشترطت إبعاد «وحدات حماية الشعب» عن العملية برمتها.
وحذر تشاووش أوغلو واشنطن من دون أن يسميها، من أن التعاون مع «وحدات حماية الشعب» في عملية الرقة من شأنه أن يعرض مستقبل سورية للخطر. وأشار إلى ما جرى في منبج حيث لم توف واشنطن بوعودها بإخراج «وحدات حماية الشعب» من المدنية بعد تحريرها، وتحقيق انسحابهم إلى شرق نهر الفرات.
وتحدث عن بقاء 200 عنصر من «الوحدات» في منبج. وأشار إلى أن تركيا حذرت واشنطن من مشاركة «وحدات حماية الشعب» في عملية تحرير منبج منذ البداية، إلا أنها اضطرت لقبول ذلك مع إصرار واشنطن، شريطة أن تنسحب تلك القوات إلى شرقي الفرات عقب إتمام العملية. وأشار إلى أن العديد من المسؤولين الأميركيين في مقدمتهم الرئيس باراك أوباما ونائبه جوزيف بايدن ووزير الخارجية جون كيري قدموا تعهدات لتركيا حيال انسحاب قوات «وحدات حماية العشب» إلى شرق الفرات عقب تحرير منبج، مضيفاً: «إلا أنهم لم يتمكنوا من إرجاع تلك القوات حتى الآن».
واعتبر أن المسؤولين الأميركيين إما غير قادرين على إخضاع القوات الكردية لأوامرهم، أو أنهم لا يريدون لها الانسحاب من مدينة منبج.
وعرض على واشنطن تكرار تجربة بلاده ضمن ما يعرف بعملية «درع الفرات»، وأشار إلى أن العملية أظهرت أن إستراتيجية دعم الجماعات المحلية قد تكون ناجحة. وأضاف: إن أسلوبها يمكن تكراره في الرقة أو حتى في إطار تعاون مقرر لاستعادة السيطرة على مدينة الموصل العراقية.
بدوره، أكد وزير الخارجية البريطاني على «تقارب رؤية لندن وأنقرة بشأن القضية السورية وتحقيق الأمن والاستقرار في سورية». وأضاف: إن «ملف مكافحة الإرهاب هو من الملفات التي توحدنا وعلينا أن نكافح التنظيمات الإرهابية كافة وتركيا دولة مهمة بهذا السياق».
واعتبرت صحيفة «حرييت» التركية أن «موعد دخول الرقة والموصل أصبح معلومًا»، مبينة أن الولايات المتحدة أصرت على أردوغان أن تبدأ عملية التحرير في منتصف شهر تشرين الأول المقبل.
وبينت الصحيفة، أن أردوغان عرض على المسوؤلين الأميركيين في نيويورك رد بلاده على مقترح المشاركة في عملية التحرير وفقاً للمحاور التالية: تعاون تركي وأميركي جوي في مهاجمة قواعد داعش، إفساح المجال أمام ميليشيات «الجيش الحر» للتحرك برًا وفرض سيطرتها العسكرية والإدارية على المناطق المحررة ورفض أي مشاركة لقوات «وحدات حماية الشعب» مهما كانت الأعذار.
ويخالف المقترح التركي خطط الإدارة الأميركية، التي تريد إشراك 25 ألف جندي في المعركة، تراهن على أن يكونوا من «وحدات حماية الشعب»، حسبما أوضحت «حرييت»، حيث أشارت إلى أن تركيا تراهن في المقابل على ميليشيات «الحر»، التي تقدر أعدادها بـ65 ألف مسلح.
ولفتت الصحيفة إلى أن تركيا تضع إجلاء عناصر «وحدات حماية الشعب» عن منبج على رأس جدول عملياتها في شمالاً سورية، معتبرةً أن تخليص منبج من هذه العناصر أمر يسير، على حين إن عملية تحرير الباب فترى تركيا أنها ستكون أكثر تعقيدًا، وهو أمر دفع أنقرة إلى عدم التعجل في تحريرها لوحدها، تجنبًا للحرب التي قد تندلع بين قواتها ومقاتلي داعش. انطلاقاً من ذلك، بحسب «حرييت» سعت تركيا إلى تعزيز جنودها وإشراك القوات الأميركية في عملية الباب. وفي هذا الصدد، نقلت قناة «الميادين» عن مصادر خاصة: إن جنوداً أميركيين دخلوا مدينتي مارع وإعزاز برفقة لواء المهام الخاصة في فرقة الحمزة التابعة لميليشيا «الحر»، وذلك تمهيداً لشن هجوم على داعش في ريف حلب الشمالي.
وأضافت المصادر: إن دخول الجنود إلى إعزاز خلق حالة توتر شديدة بين «جبهة النصرة» وميليشيات «الجيش الحر» المدعومة أميركياً، وأنّ مسلحي جبهة النصرة جابوا شوارع المدينة ونادوا عبر مكبرات الصوت لقتال الأميركيين وأحرقوا أعلام «الجيش الحر».
على خط منفصل، دعا المتحدث باسم الرئاسة التركية إبراهيم قالن إلى إنشاء منطقة آمنة في سورية لحماية المدنيين من «الوحشين»، وهما «النظام» وداعش في نظره. وذكر أن العالم يتفرج على «احتراق مدينة حلب، على يد النظام وحلفائه»، معتبراً أن «النظام يرمي إلى القضاء على قسم كبير من مدينة حلب وسكانها في سبيل كسر شوكتهم في أحد قلاع المعارضة». وحذر من أن «النظام يستخدم مبادرات الحل السياسي ووقف إطلاق النار من أجل كسب الزمن وإطالة إستراتجيته المتمثلة في بث الرعب».

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن