اقتصادالأخبار البارزة

«مساء الحكومة الاقتصادي» مشروع مرسوم لتأسيس مجلس أعلى لشؤون الاستثمار قيد الدراسة … يوحد المرجعيات ويعيد مجلس التخطيط إلى دوره بالتخطيط للدولة وليس للقطاع العام فقط

يبدو أن أمسية الأحد في مجلس الوزراء تكون جلسة عصف فكري اقتصادي إذ تابعت «الوطن» ما تقوم به الحكومة التي تدرس مسودة لمشروع مرسوم تشريعي لإحداث مجلس أعلى لشؤون الاستثمار، بهدف توحيد مرجعيات الاستثمار في البلد بما يشجع المستثمرين على ضخ رؤوس أموالهم وخلق بيئة استثمارية جاذبة، وتسهيل إجراءات العملية الاستثمارية، إضافة إلى ضلوع الحكومة بشكل مباشر في رسم سياسات الاستثمار في البلد.
مشروع المرسوم الذي أعده رئيس هيئة تخطيط الدولة عماد الصابوني ورئيس المجلس الاستشاري في رئاسة مجلس الوزراء قيس خضر، يحل المجلس الأعلى للاستثمار ومجلس التشاركية، ويعتبر مجلساً منبثقاً عن مجلس الأعلى للتخطيط الاقتصادي والاجتماعي، ويضم في عضويته جميع الأعضاء في المجالس المنحلة، ويتولى المهام المنوطة بهم.
ويضم مشروع المرسوم (اطلعت عليه «الوطن») ثلاث مواد فقط، أهمها المادة الثانية التي أوضحت مهام المجلس الجديد باختصار شديد، مبينة أن المجلس يتولى مهام تخطيط ومتابعة سياسات الاستثمار على المستوى الوطني (العام- الخاص- المشترك).
وتم عرض هذا المشروع في جلسة اقتصادية للحكومة عقدت مساء أمس الأول (حضرتها «الوطن») وقد دافع الصابوني على المشروع لكونه يمثل مظلة مشتركة لجميع أشكال الاستثمار في البلد، خلافاً لما هو قائم حالياً، إذ يتولى المجلس الأعلى للتخطيط مسؤولية الاستثمار العام، ومجلس التشاركية مسؤولية الاستثمار المشترك، والمجلس الأعلى للاستثمار مسؤولية الاستثمار الخاص.
منوهاً خلال دفاعه عن المشروع أن الخيار بانبثاق المجلس الجديد (المجلس الأعلى لشؤون الاستثمار) عن مجلس التخطيط هو الأمثل، بدلاً من تأسيس مجلس جديد كلياً، لكونه يعيد دور مجلس التخطيط ليكون مخططاً للدولة وليس للقطاع العام فقط.
مشيراً إلى أن هذا المجلس المقترح لا يعني أبداً إلغاء دور هيئة الاستثمار التي تضم في مجلس الاستثمار في هيكليتها، لكونها ستكون ذراعاً تنفيذية للسياسات الاستثمارية التي يرسمها المجلس الأعلى لشؤون الاستثمار، لأنه جهة راسمة للسياسات وليست تنفيذية، الأمر الذي يبدو أنه أقلق مديرة هيئة الاستثمار إيناس الأموي، التي عبرت عن طموح أعلى مما خصّها به المشروع الجديد، ما دفع الصابوني للتأكيد بأن المجلس هو مجلس سياسات وليس مجلساً تنفيذياً، إذ تتولى مهمة التنفيذ كل من هيئة تخطيط الدولة وهيئة الاستثمار ومكتب التشاركية.. وهيئات أخرى كهيئة التطوير العقاري.
وهنا دخل الوزير النوري على الخط ليوضح لمديرة هيئة الاستثمار أن دورها مهمّ في المجلس الجديد وخاصة أنها ممثلة فيه، وبأن دورها تخطيطي تنفيذي للسياسات والإستراتيجيات الاستثمارية التي يرسمها المجلس، وهذا أفضل من خيار طموح بأن تتولى الهيئة مسؤولية الاستثمار عبر المطالبة الطموحة باستقلاليتها.
هذا ولاقى المشروع قبولاً لدى أغلب الوزراء والمسؤولين الحاضرين للجلسة، مع بعض الملاحظات، إذ لفت أمين عام مجلس الوزراء محمد العموري إلى ضرورة إلغاء المجلس الأعلى للسياحة، وتضمين مهامه للمجلس الجديد، وهو ما أكده أكثر من وزير خلال النقاشات، وكان رد الصابوني بأن مجلس السياحة يكون بحكم الملغى ووزير السياحة هو عضو في المجلس الجديد، فالاستثمار السياحي يعامل كأي استثمار آخر، والمجلس الجديد يرسم السياسات الاستثمارية لكل أشكال الاستثمار.
بدوره نوّه وزير التنمية الإدارية حسان النوري بضرورة تمثيل القطاع الاقتصادي الخاص في المجلس الجديد، وعدم تجاهله أبداً، الأمر الذي رد عليه الصابوني بإمكانية تعديل المشروع بما يخول ممثلي القطاع الخاص حضور جلسات المجلس ووجود خبراء فيه.
واعترض وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية أديب ميالة على المهمة التخطيطية للمجلس الجديد، لكون مهامه يجب أن تنحصر برسم السياسات الاستثمارية، دون أن يخرج عنه خطة. مطالباً بقانون عام للاستثمار، دون تقييد للمشترين، بحيث يشمل كل أشكال وأنواع الاستثمار، يستفيد منه المستثمرون القدامى والجدد، ويضم قواعد عامة.
وتشابهت مداخلات باقي المسؤولين وتلاقت فيما طرح في الجلسة، ولاقى المشروع قبولاً من حيث المبدأ، على أن يقوم رئيس هيئة تخطيط الدولة بإعداد الأسباب الموجبة للمرسوم وتضمينه التعديلات للمضي قدماً في إصداره. وطلب رئيس مجلس الوزراء الذي بدا متحمساً للفكرة بضرورة العمل حالياً ضمن الفريق الحكومي وكأن المجلس الجديد قائماً، والتفكير بسبل جدية لتسهيل الاستثمار وجذب رؤوس الأموال، وعلى ما يبدو هناك حديث جدي مع مستثمرين للاستثمار في البلد ما يتطلب وضع أسس جديدة متينة تشجع على الاستثمار.
وتضمنت الجلسة عرضاً لمشروع تطويري لهيئة الاستثمار قدمته المديرة العامة للهيئة إيناس الأموي، استعرضت فيه العديد من الأرقام والبيانات حول عمل الهيئة منذ تأسيسها في العام 2007 وحتى العام الجاري (2016)، ولعل أبرز ما أوردته الأموي أن نسبة تنفيذ المشاريع المشملة لا تتعدى 36% فقط، إذ شمّلت الهيئة منذ التأسيس 1516 مشروعاً، تم إلغاء 169 مشروعاً، وتنفيذ 36% من المشاريع المتبقية.
ونوهت الأموي إلى أن المشاريع المشملة بدأت تتحسن في العامين الماضيين، مقارنة مع أولى سنوات الحرب على سورية، إذ تم تشميل 35 مشروعاً منذ بداية العام الجاري منها 17 مشروعاً قيد التنفيذ. مشروع واحد تم تنفيذه، وإلغاء مشروع واحد.
وقدمت الأموي عرضاً تفصيلياً مطولاً، أشاد به الحضور، مع بعض التعليقات حول موضوع دخول الهيئة في عالم الاستثمار، إذ تساءل وزير الصناعة أحمد الحمو إن كانت الهيئة تنوي ضخ أموال في السوق؟ ليدخل أمين عام المجلس على الخط، مبيناً إمكانية ذلك في حال أسست الهيئة شركات تابعة لها.. يبقى السؤال الذي يثير نوازع الهيئة إن كنا بحاجة إلى هيئة للاستثمار أم لا؟

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن