قضايا وآراء

خسارة كلينتون هزيمة لآلة أوباما الإعلامية في كل مكان

| تحسين الحلبي 

يجب ألا يتجاهل أحد أن فوز دونالد ترامب بانتخابات الرئاسة على منافسته هيلاري كلينتون يعني أنه تمكن مع رجال حملته من التغلب على أضخم آلة إعلامية سخرتها كلينتون والحزب الديمقراطي والإدارة الحاكمة برئاسة أوباما لمنع فوز ترامب ولتحقيق فوزها. وفي هذا المشهد قام الدور الإعلامي ودور استطلاعات الرأي المسخرين للترويج لحتمية فوز كلينتون بنشاط غير مسبوق لفرض إرادة الديمقراطيين وإدارة أوباما على الرأي العام الأميركي، وفي النهاية وجدت كلينتون وأوباما وإدارته والحزب الديمقراطي أن خطتهم لم تنجح.. ورغم أن ترامب وكلينتون يمثلان بالمجمل العام المصالح الأميركية من وجهة نظر القوى المالية والصناعية التي تتحكم بمصادر الثروة الأميركية إلا أن هذه المعركة الانتخابية الداخلية الإعلامية الضخمة بشكل غير مسبوق فشلت في تحقيق هدفها ومن هنا يستخلص المحللون في الولايات المتحدة أن تسخير حرب (السوفت بور) (القوة الناعمة) ووسائلها من إعلام أميركي ضد هدف ما أصبحت بعد هذه التجربة قابلة للهزيمة والفشل. فقد كشفت صحيفة (أوبزيرفر) أن صحفاً كثيرة وفي مقدمها (نيويورك تايمز) شجعت عشرات الكتاب والصحفيين للكتابة ضد ترامب والثناء على كلينتون وأن شركات التواصل الاجتماعي والإنترنت شنت أكبر الحملات في الاتجاه نفسه ورغم أن كل منافس من الاثنين جند كل قدراته لشيطنة الآخر إلا أن عدد واتساع حملة شيطنة (ترامب) بلغ نسبة 80% في الإعلام الداخلي الأميركي تعززه نسبة إعلام عالمية تدافع عن كلينتون وتهاجم (ترامب) وخصوصاً من وسائل إعلام دول النظام الرسمي العربي التي تبرعت لهيلاري بالمال وسخرت علاقاتها داخل الساحة الأميركية ضد (ترامب).
وإضافة إلى ذلك بلغ حد الهجوم الإعلامي على ترامب إلى درجة اتهامه بالعمالة لروسيا وبوتين رغم أن حملته الانتخابية وبرنامجه السياسي الانتخابي الانتقادي لسياسة أوباما لا يعني أنه سيلتزم به بعد فوزه.. فسجل برامج وشعارات الحملات الانتخابية قبل الفوز وعدم الالتزام بمعظمها من الرئيس الجديد يشكل علامة بارزة في لعبة الديمقراطية الأميركية منذ حرب فيتنام التي كان كل مرشح للرئاسة يقدم الوعود بإيجاد حل غير عسكري لها، والمعروف أن جميع المرشحين لانتخابات الرئاسة من الحزبين كانوا وما زالوا يقدمون الوعد لإسرائيل بنقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة التي ضمتها إسرائيل وأعلنت أنها جزء من عاصمتها لكي يكسب كل مرشح الدعم من وسائل الإعلام الأميركية التي يسيطر على معظمها اليهود الأميركيون وضغوط الحركة الصهيونية.
وفي النهاية لا يستطيع أي رئيس أميركي في هذه الظروف تحقيق هذا الوعد لأسباب تعرفها الإدارات الأميركية.
وربما يكون أهم ما يمكن استخلاصه من هزيمة كلينتون وحشدها الإعلامي الضخم ضد منافسها على الرئاسة هو أن قدرة هذه القوة قابلة للهزيمة داخل الولايات المتحدة وخارجها، وخير مثال آخر على هذه الحقيقة هو أن الآلة الإعلامية الإسرائيلية الخارجية والمدعومة بكل حشود وسائل الإعلام الغربية والأميركية وعدد من وسائل الإعلام العربية لم تستطع حتى الآن تحقيق أهدافها في شيطنة كل من يتمسك بالدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني ويقاوم الاحتلال الصهيوني وحلفاءه.
ورغم ما تشكله الجبهات الإعلامية المعادية لسورية وقيادتها وجيشها ومحاولاتها شيطنة المقاومة إلا أنها لم تتمكن رغم ضخامة انتشارها والأموال التي تنفق عليها من النجاح في تحقيق أهدافها النهائية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن