قضايا وآراء

هرولة للحاق بالقطار

| مازن جبور 

يوماً بعد يوم يسير الجيش العربي السوري نحو هدفه بتحرير الأرض السورية من جميع الأشكال المسلحة التي عاثت في البلاد على مدى ما يقارب الست سنوات دماراً وتهجيراً وإرهاباً، استمرت خلالها الدولة السورية في القيام بدورها وتحمل مسؤوليتها على امتداد البلاد، معتمدة قاعدة القضاء على الإرهاب أولاً إلى جانب خيار الحل السياسي الذي رفضه رعاة الإرهاب، ليصطدموا مراراً وتكراراً بصمود الجيش العربي السوري ومصداقية حلفائه، التي جعلت أحلامهم بتدمير الدولة السورية، تتهاوى.
من جولة محادثات جنيف الأولى إلى الجولة الثالثة لم تتوقف الحكومة السورية عن البحث عن حل سياسي، على حين استمرت الأطراف الأخرى المدعومة خليجياً وغربياً بتعنتها، الذي كان يزداد طرداً مع ازدياد الإجرام والإرهاب الذي تمارسه التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة، وليستمر مسلسل التهديد والوعيد لسورية بمد تلك التنظيمات بالمزيد والمزيد من المال والسلاح، ظناً من رعاة الإرهاب بأنه سيشكل ضغطاً على سورية يرغمها على الخضوع لإرادتهم.
إلا أن سورية وحلفاءها لم يتوقفوا عن هدفهم الأول والرئيسي بمكافحة الإرهاب، بل اتخذوا خطوات متسارعة في هذا الإطار محققين الإنجاز تلو الآخر ومتقدمين في تطهير الأراضي السورية وبشكل يومي، فقطار التقدمات التي يحرزها الجيش لم يتوقف منذ مطلع هذا العام ليحقق خطوات إستراتيجية، من تحرير ريف اللاذقية الشمالي إلى مدينة تدمر الأثرية ومن ثم مسلسل المصالحات والتسويات في حمص وبشكل خاص في دمشق وريفها، وصولاً إلى خنق مسلحي حلب الذين يبدو أن مصيرهم بات محتوماً بين الاستسلام أو الهلاك، ليحقق بذلك الجيش وحلفاؤه انتصاراً على أزلام القوى الإقليمية والدولية التي ناصبته العداء.
هذه الخطوات المتسارعة من التقدم تأتي بالترافق مع توجيهات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بضرب التنظيمات الإرهابية على امتداد جغرافي واسع بمحافظات إدلب وحمص وحماة وحلب الأمر الذي يعد خطوة إستراتيجية لا رجعة عنها حتى إسقاط آخر الإرهابيين المتواجدين في تلك المناطق، مع ما رافق ذلك من تبدل في التوجه الدولي تجاه سورية مع مجيء الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب الذي سيشكل ضربة قاصمة لتلك التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة وداعميها إن صدقت وعوده بقطع التمويل والتسليح عنها.
المعطيات السابقة يبدو أنها قرأت من رعاة التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة في سورية، ومن تلك التنظيمات والميليشيات نفسها، ومن ممثليها السياسيين في الخارج، بحتمية حسم الصراع في سورية لمصلحة الجيش العربي السوري وحلفائه، فراحوا يسرعون في التراجع والبحث لأنفسهم عن مكان في القطار السوري المتقدم.
وفي هذا الإطار تجري التحركات التي تقوم بها ممثلة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي فيدريكا موغيريني، فبعد زيارتها لطهران والرياض بهذا الغرض، التقت الجمعة بعدد من شخصيات المعارضة، بالترافق مع سعي حثيث من المعارضة لعقد مؤتمر للمعارضة في دمشق، لبحث الحل السياسي للأزمة السورية.
كذلك تأتي زيارة المبعوث الأممي الخاص إلى سورية ستيفان دي ميستورا، في مساعٍ لإنقاذ تلك التنظيمات من الدهس تحت عجلات القطار السوري المتقدم نحو القضاء على الإرهابيين في جميع أرجاء البلاد.
يبدو أن الشهر الأخير من هذا العام سيشهد تراجعاً في صفوف معارضة الخارج بحثاً عن عودة إلى طروحات سورية وحلفائها بخصوص الحل السياسي للأزمة السورية، وسعياً دولياً حثيثاً للعودة إلى محادثات جنيف التي ربما تخرجهم من مأزق الهزيمة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن