ثقافة وفن

فؤاد ماهر وجرعة عالية من الطرب في دار الأوبرا … عودة للأصالة وحضور للأغنية الوطنيّة احتفاءً بالانتصار

| عامر فؤاد عامر

يطرح من الألحان ما لذّ وطاب، ويبدع من أصعب الكلمات نسيجاً طربيّاً، يهزّ من خلاله مسرح دار الأوبرا في دمشق، وبكلّ ثقة يتنقل بين أكثرها إتقاناً، ليقدّم بصمته الخاصّة فيها، على الرغم من أدائه أغاني قديمة وتراثيّات أبدعها من ملكوا أصواتاً عظيمةً قبله بعشرات السنين. الفنان «فؤاد ماهر» وبكلّ ثقة وأريحيّة كان نجم حفلة دار الأسد للثقافة والفنون في أمسية غنائيّة في الطرب مع باقة من أجمل الأغاني السوريّة والحلبيّة والمصريّة.

سلام لحلب
يتنقل الفنان «فؤاد ماهر» بكلّ رشاقة، بين أصعب ألوان الغناء، وبهدوءٍ تصدح حنجرته تغريداتها، لينال إعجاب كلّ من يرهف السمع إليه، وفي دار الأوبرا كان هذا المشهد الذي يتكرر في الحفلة الثالثة له على مسرحها. ومع نهاية العام 2016 جاءت هذه الحفلة كوداعٍ لأيام هذه السنة، واستقبالاً لانتصار حلب على وجعها، الذي دام لوقتٍ ليس بالقليل. فأهدى صاحب الصوت الرخيم مكان ولادته العديد من المقاطع الغنائيّة، التي تنادي حلب للقاء، والشوق لجمالها، والعشق الذي جمعه فيها، مضمّناً حلب بصورة صريحة في كثير من الأغاني، ومهدياً وطنه سورية أجمل التحيّات، ومطلقاً بصوته سلاماً لها من الشمال إلى الجنوب، ومن شرقها إلى غربها، إيماناً بوحدة الوطن وتماسكه.

رغبة في التعافي
بدأت الحفلة بأغنية «اسقني هذه الصبابة» والتي دخل فيها الفنان «ماهر» بكلّ ثقة أدائه، ليقود جميع الحاضرين إلى جوٍ من الطرب، وجرعة عالية من الترنّم والانسجام، وكانت كذلك كلّ الأغنيات المختارة بقيادة رشيقة من قائد الفرقة الفنان «معاذ قرقناوي». وبرخامة صوته كانت هناك وصلات غنائيّة متعددة جاءت منسجمة ومتسقة مع بعضها. فقصيدة «ومليحة في وجهها ألق الضحى»، وما بين الموال والأغنية آهاتٌ كثيرة شدا بها الصوت، فيشتدّ التصفيق بين كبيرٍ وصغير مع تلك الآهات. وهذا ما يمكن ملاحظته بأن الكثير من العائلات جاءت بصغاره الذين كانوا يرددون الأغنيات معه بكلّ براعة، وهو إن دلّ على شيء فإنما يدل على الرغبة في التعافي والانطلاق نحو مرحلة جديدة بعيدة عن الآلام والتعب.

من أجمل الأغنيات
نذكر من الأغنيات أيضاً الفولكلوريات مثل»أنا السبب في اللي جرى يا عيني» و«القراصية منين منين»، و«ليمونة عالليمونة»، و«زمان زمان القمر ما بان» والتي قدمها صاحب أغنية «عجب صمودك يا حلب» بانتقالٍ جميلٍ بين كلّ واحدة وأخرى، وبإتقانٍ طربي واضح، يشير إلى تمكنه من أدواته كفنانٍ يصقل أدواته ويمنحها طريقها السليم. وبعدها جاءت أغنية «مُضناك جفاه مرقده» للفنان «محمد عبد الوهاب» وعلى مقام الحجاز وأنغام العود الشجيّة كانت البداية وأغنية «ليه يا بنفسج» للفنان «رياض السنباطي»، ومقام الرصد والطرب الذي أحيا الأجواء بروحٍ جميلةٍ من جديد، ثم بأنغام القانون كانت أغنية «عزّني ولا تذلني» للمطربة «حنان» ومقام البيات. وقد امتدت الحفلة على مدى ساعتين من الزمن، ظهر فيها تميّز جديد لصاحب الحفلة، وهو ثبات صوته، وراحته في الانتقال بين كلّ لون غنائي وآخر.

زادك اللـه
حضرت القدود الحلبيّة التي انتظرها الجمهور بفارغ الصبر، فكان وقعها الأجمل والأقوى، من حيث انسجام الجمهور معها، وتعالي التصفيق، ومشاركة الكُثر لها في الرقصات. وفي ختام هذا المشهد كانت الأغنية الوطنيّة، المسك الأنسب لها، في أغنيتي «زادك اللـه» للراحل مصطفى نصري، و«لالي لالي» للفنان الراحل عبد الرحمن آل رشي، فقد أدى الفنان «فؤاد ماهر» هاتين الأغنيتين برفقة الجمهور، الذي وقف خلالهما بكل فرح يصفق وينشد معه كلمات الختام لتلك الأمسية الطربيّة، الحاملة لمشاعر ممزوجة بالفرح والشوق والطرب واستقبال الانتصار.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن