قضايا وآراء

عندما انقلب ظهْر المجنّ

| بيروت – رفعت البدوي 

شهد العالم كما شهدت سورية في الأسبوع المنصرم حدثاً مهماً تجلى في تحرير كامل الجزء الشرقي من مدينة حلب الشهباء من قبضة الإرهاب بعد معارك ضارية خاضها الجيش العربي السوري وحلفاؤه استطاع بنتيجتها طرد الإرهابيين من المدينة إما باستسلامهم وإما بانسحابهم عبر الممرات الآمنة التي ضمنتها لهم الدولة السورية، وإما بقتالهم حتى آخر إرهابي لتدخل سورية والمنطقة منعطفاً جديداً ومفصلاً تاريخياً غيّر المعطيات السياسية والعسكرية لمصلحة تثبيت مشروع الدولة السورية في الحفاظ على وحدة الأرض والشعب ورفض كل أشكال التقسيم والتفتيت، ما أدى إلى تغيير مسار المؤامرة ليأخذ اتجاها نحو الخارج السوري مغايراً لما خُطِط له وبالتالي إفشال كل أهدافها.
إن حدثاً بحجم تحرير كامل مدينة حلب التي تعتبر العاصمة الثانية لسورية قلب ظهْر المجن مغيراً قواعد اللعبة ما أدى للإطاحة بأحلام الكثير من الدول المشاركة في تنفيذ أكبر مؤامرة عرفها التاريخ على بلد عربي اسمه سورية وجعلها مقبرة لمؤامرات الغرب وبعض دول الخليج العربي مثل السعودية وقطر إضافة إلى تركيا.
إن الهجمة الإعلامية الكاذبة واجتماعات مجلس الأمن المتكررة بناءً على دعوة من دول مشاركة بشكل فعال بالمؤامرة على سورية إضافة للقرارات الصادرة عن تلك الاجتماعات تحت عناوين زائفة مثل حماية حقوق الإنسان تارة وتحت حماية المدنيين من ارتكاب مجازر وهمية تارة أخرى، إضافة إلى تصريحات مسؤولي تلك البلدان المليئة بالكذب والافتراء، أضف إلى ذلك انبعاث الروح في ملف الاتهام باستعمال الأسلحة الكيميائية وفرض عقوبات جديدة على كل من روسيا وسورية بهدف النيل من الانتصار الذي تحقق. كلها أحداث تدل على أن الذي حدث في سورية وشهد له العالم هو النجاح في تحرير كامل مدينة حلب قد شكل نقطة تحول إستراتيجية في مسار الأزمة السورية ستؤدي حتماً إلى تصحيح مسار تاريخ مزوّر أرادوه لسورية ولأمتنا العربية وفي صياغة وكتابة التاريخ المجيد والصحيح لسورية ولأمتنا ولأجيالنا العربية بأحرف مذهبة، معلناً للعالم بأسره أن سورية قيادة وجيشاً وشعباً في طريقها للقضاء المبرم على رأس المؤامرة الدنيئة وأن سورية كانت وستبقى مقبرة مشاريع وأحلام المتآمرين عليها، ومن المؤشرات المهمة التي تؤكد ذلك اعترافات أدلى بها المسؤولون الصهاينة وبعض المسؤولين الغربيين من رتب عسكرية عالية وأصحاب مراكز سياسية مرموقة دلت بوضوح تام على مدى الإجرام والنفاق والادعاءات الكاذبة التي مورست على سورية العروبة والشعب السوري.
المسؤولون في كيان العدو الإسرائيلي أطلقوا صيحات استغاثة بسبب الخوف والهلع من الانتصار المدوي الذي حققه الجيش العربي السوري في تحرير حلب، حيث قال «أفغدور ليبرمان» إن نجاح الجيش العربي السوري في تطهير حلب من المسلحين الذين بنينا معهم أفضل العلاقات على مدى الأعوام الستة الماضية يصيبنا بالخوف وعدم الطمأنينة إضافة إلى هدم كل ما بنيناه في الأعوام الماضية.
وزير الخارجية الأميركي «جون كيري» وفور تبلغه نبأ تحرير مدينة حلب قال: لقد انتصر علينا بشار الأسد ونطلب منه الرحمة وعلينا الاعتراف بأننا هُزِمنا في سورية.
بعض دول الخليج أصابها الهيستيريا بسبب انتصار الجيش العربي السوري وإلحاق الهزيمة النكراء التي أصابت الجماعات الإرهابية في حلب، فقامت بالضغط على تركيا لإيواء الجماعات المتطرفة المدعومة من السعودية وقطر.
الرئيس الأسبق لهيئة الدفاع البريطانية، الجنرال «ديفيد ريتشاردز»، وفي حديث لهيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي قال: إن على الدول الغربية الاعتراف بهزيمتها في الحرب في سورية. وأعتقد أن الموقف الليبرالي للغرب، كان أحيانا شديد النفاق، ولا أخشى الاعتراف بذلك. وتابع الجنرال البريطاني نذرف دموع التماسيح عندما نتحدث عن قضية الوضع الإنساني في سورية، بينما لم نكن أبدا على استعداد لحل الأزمة، وأضاف الجنرال: إنني اعترف بأننا لم نترك وسيلة دنيئة إلا واستعملناها لتسعير الصراع في سورية لكن الآن وبعد تحرير حلب أستطيع القول إن كل شيء قد انهار وتلاشى بشكل نهائي.
واستطرد الجنرال: علينا أن نفكر في تأييد الأسد، لأن النتيجة… ستكون أسوأ من جميع السيناريوهات الممكنة.
أمام هذا الحدث التاريخي نستطيع القول: إننا في طريق الإعداد لمراسم دفن كل المؤامرات على سورية وإن سورية وشعبها وجيشها أمام انبلاج فجر جديد مكلل بنصر تاريخي لتصبح سورية قلب العروبة النابض محجة للعرب الأحرار واعتمادها كأساس ومرجع صالح وحيد في صياغة التاريخ المشرف لأمتنا العربية.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن