قضايا وآراء

مُشغلو الإرهاب في سورية… تكامل المهام والأدوار؟

صياح عزام : 

 

التطورات الميدانية التي جرت في سورية مؤخراً تستدعي التوقف عندها ملياً، حيث كانت تتسم بسرعة لافتة على امتداد الجغرافيا السورية من الشمال إلى الجنوب.
ففي الشمال، شملت هذه التطورات محافظة إدلب، وريف حمص، وصولاً إلى تدمر، إلى جانب تطورات المعركة في القلمون على الحدود مع لبنان، وفي الجنوب هدد الإرهابيون محافظة السويداء، وهاجموا أطرافها مثل مطار الثعلة وغيره.
إذاً، تصعيد لافت من المجموعات المسلحة ومُشغليها في الأردن وإسرائيل وتركيا عبر هجمات ما يُسمى «جيش الفتح» و«داعش والنصرة» وغيرها من التنظيمات الإرهابية التي ترعاها الولايات المتحدة وعملاؤها في المنطقة، بهدف ابتلاع وقضم أكبر قدر من الأراضي السورية وإلحاق المزيد من الدمار بالبُنية التحتية في سورية، وذلك كله بالتوازي مع حملة إعلامية مسمومة لا مثيل لها، من حيث الكثافة والتلفيق وترويج الإشاعات والأخبار الكاذبة هنا وهناك.
المسألة واضحة وضوح الشمس، فتمدد تنظيم داعش الإرهابي من منطقة الأنبار العراقية إلى منطقة تدمر السورية والذي تحقق أمام أعين تحالف أميركا، تم بتحفيز من واشنطن وأكبر دليل على ذلك أن أجهزة رصدها تجاهلت هذا التحرك الداعشي في وضح النهار بآلياته الثقيلة، كذلك حاولت داعش التحرك في الجنوب السوري عن طريق وكلاء لها، مثل «لواء شهداء اليرموك» وغيره، وبالتوازي مع ذلك، ينتفض الكيان الصهيوني ويُطلق التهديدات دعماً لجبهة النصرة الإرهابية وجيش الفتح تحت ستار تأمين الاستقرار في الشريط المحاذي له في الجولان بعد أن مكَّن الإرهابيين من السيطرة عليه.
وهذا كله ما يشير إلى تقاسم وتكامل الأدوار بين وكلاء إرهابيين لمُشغلٍ واحد، حيث يتكفل جيش الفتح بقضم المزيد من الأراضي السورية وبعرقلة خطط الجيش العربي السوري لاستعادة الأرض وللتضييق على ما يُسمى جيش الفتح وداعميه «تركيا وإسرائيل» من جهة، في حين أن الوكيل الآخر «داعش» أُسندت له مهمة تيسير عمل الوكيل الأول أي جيش الفتح بطريقة غير مباشرة وأساليب متعددة، بما يؤكد أن كلاً من هذين الوكيلين يُكمل الآخر في عمله، وليس بينهما أي تناقض كما تحاول محطات الفتنة والقتل أن تُوحي للمشاهد والسامع بذلك!
إذاً في الشمال السوري وتحديداً من ريف حلب الشمالي أو من محافظة إدلب، فشلت محاولة استبدال الدولة الوطنية السورية عبر تجهيز المنطقة الجغرافية والسلطة السياسية والعسكرية اللازمة وضمان تأييد سكان تلك المنطقة لجيش الفتح، فشلت تلك المحاولة بفضل صمود الجيش العربي السوري، وعدم تقبل السكان للمجموعات الإرهابية على اختلاف مسمياتها، وتعثر مشروع استبدال الدولة السورية في الشمال، خاصة أن التمدد الداعشي باتجاه مدينة تدمر كان هدفه الوصول إلى القلمون لملاقاة الجيش السوري والمقاومة هناك، ومن ثم متابعة الاختراق نحو لبنان، وبالتالي، عزل حمص عن دمشق وهذا ما يُفيد جيش الفتح الذي يهدد الساحل السوري من ريف إدلب.
أما في الجنوب السوري فقد قام إرهابيو النصرة بإشهار العصا الغليظة على أبواب السويداء وهددوا باقتحامها، عندما هاجموا مطار الثعلة إلا أن ذلك الهجوم فشل فشلاً ذريعاً عبر التصدي له ودحره من المدافعين عن المطار جيشاً ومواطنين شرفاء رغم ما أطلقته إسرائيل من رسائل دعم لذلك الهجوم، تجسد بعضها في تصريح قائد سلاح الجو الإسرائيلي «بأن الطيارين الإسرائيليين يعرفون ما يفعلون عندما تُهدد السويداء»، علماً أنها رسالة تحمل في طياتها الكثير من الخبث والدهاء، فظاهرها طمأنة لسكان السويداء ومحاولة لاستمالتهم وتحريضهم على دولتهم، وباطنها، وهو الأهم، مساعدة الإرهابيين من خلال منع الجيش السوري والقوى الشعبية المؤازرة له من الإطباق عليهم في محافظة درعا وفق إستراتيجية تمتد على شكل قوس من دمشق باتجاه السويداء.. إنها رسالة صهيونية تأتي في إطار إستراتيجية وأد الأقواس المطبقة قبل احتمال تشكلها.
خلاصة القول: إن سورية تدرك تماماً أبعاد ومحاور المخطط المرسوم لإسقاط الدولة فيها، ولذلك فهي تحبط كل محاولات اللعب على التناقضات التي يتبعها أعداؤها وأدواتهم إمعاناً منهم في المراوغة والتضليل، وهي أيضاً تعرف كيف تتعامل مع الجبهات المفتوحة ضدها على مختلف الاتجاهات وفق إستراتيجية مدروسة.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن