سورية

«أستنة» ينطلق والراعي الروسي على المحك

| أستنة – الوطن – وكالات

وسط مدينة «أستنة» أحدث عواصم الأرض، تجددت أمس المحاولات لحل الأزمة السورية حلاً يفضي إلى قتال التنظيمات الإرهابية والنضال ضد كل من لا يوافق على اتفاق «وقف إطلاق النار» المعلن منذ أواخر الشهر الماضي. الراعي الروسي، الذي وضع كل ثقله من أجل إنجاح الاجتماع واستثمر موارد ضخمة لذلك، لن يقبل بالفشل بأي ثمن، وخصوصاً بعد أن نجح في جمع الأطراف السورية تحت مظلة الضامنين الثلاثة (روسيا – إيران – تركيا)، واستبعاد الطرف الأميركي الذي انحصر دوره في المراقبة.
وكما أن الطريق إلى الاجتماع لم تكن ممهدة بالورد، فإن مجريات الاجتماع والاجتماعات الثنائية والثلاثية لم تكن كذلك. هكذا بدا من عدم نجاح الضامنين في الاتفاق على النص النهائي للوثيقة الختامية للاجتماع.
وتواجد الوفدان السوريان في القاعة التي استضافت الجلسة الافتتاحية حول طاولة مستديرة كبرى، لكن عدة مؤشرات أظهرت أن وفد المجموعات الإرهابية المسلحة جاء ليضع العصي في دواليب الاجتماع، ومنها رفضه أن تكون جلسة الافتتاح باستثناء كلمة وزير الخارجية الكازاخي خيرت عبد الرحمنوف، علنية. لكن جهودهم ذهبت سدى.
وتلك المؤشرات أيضاً تمثلت في البيان الذي ألقاه رئيس وفد تلك المجموعات خلال الجلسة الافتتاحية والذي أصاب الحاضرين بالصدمة، ودفع رئيس الوفد الحكومي الرسمي لوصفهم بـ«الهواة والمستفزين».
الضامنون لم ينجحوا أيضاً في تحقيق وعودهم الخاصة بأن تكون المحادثات خلال الاجتماع مباشرة بين الوفدين، نتيجة تعنت وفد المجموعات الإرهابية المسلحة ورفضه للفكرة برمتها، حيث قال يحيى العريضي وهو ناطق باسم وفد تلك المجموعات: إن «أول جلسة تفاوضية لن تكون مباشرة بسبب عدم التزام الحكومة حتى الآن بما وقع في اتفاق 30 كانون الأول» حول وقف لإطلاق النار في سورية، على حد زعمه.
لذلك، جاءت صيغة «أستنة» شبيهة بمفاوضات جنيف، غير المباشرة، القائمة على تواجد كل وفد في غرفة منفصلة عن غرفة الوفد الآخر، وذلك خلال محادثات اليوم الأول على الأقل. لكن ظهر فارق بين صيغتي «أستنة» و«جنيف»، حيث غدا الوسيطان الروسي والتركي منخرطين، إلى جانب الأمم المتحدة، في المحادثات، الأول مع الوفد الحكومي الرسمي والثاني مع وفد المجموعات الإرهابية المسلحة.
وفد تلك المجموعات واصل لغة التهديد والوعيد، معلناً أن المجموعات المسلحة ستواصل القتال في حال إخفاق اجتماع أستنة.
والخلافات بين الوفدين، عميقة على الرغم من اتفاقهما على هدف الاجتماع وهو تثبيت وقف إطلاق النار. فالوفد الحكومي الرسمي ذهب من أجل تثبيت وقف إطلاق النار وفصل المسلحين عن التنظيمات الإرهابية والمجموعات المسلحة التي لم توقع على اتفاق وقف إطلاق النار، تمهيداً لمصالحة تنتهي بإلقاء سلاح المسلحين. أما الوفد الآخر فلا يريد «وقف إطلاق النار فقط»، بل أيضاً «وضع آليات مراقبة، آليات محاسبة وتحقيق»، ووضع قضية المجموعات التي تقاتل إلى جانب الجيش السوري على قدم المساواة مع «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً)، رافضاً البحث في ملف الأخيرة قبل التوصل إلى اتفاق بشأن «سحب الميليشيات الأجنبية من سورية».
مع كل هذا التعقيد في المشهد سيكون الراعي الروسي حاضراً من أجل تذليل العقبات أمام عملية أعلن عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً وانخرط بنفسه لإطلاقها.
وحسب وكالة «أ ف ب» انتهى اليوم الأول من الاجتماع بين الوفد الحكومي الرسمي  ووفد المجموعات الإرهابية في أستنة من دون إحراز تقدم واضح. ونقلت الوكالة عن مصدر مقرب من الوفد الحكومي «انتهت اجتماعات وفدنا». كما قال  العريضي أيضاً: إن «المحادثات انتهت بالنسبة لليوم الأول».
ويفترض أن يرسي اجتماع أستنة أسس تسوية يمكن تعزيزها في محادثات التسوية المقبلة التي ستجري برعاية الأمم المتحدة في جنيف في الثامن من شباط المقبل.
ويأتي هذا الاجتماع الذي يفترض أن يستمر يومين على الأقل، في حين يبدو الرئيس بشار الأسد في موقع قوة بعد الانتصار الذي حققه الجيش السوري في حلب التي استعادها بالكامل من التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة بمساعدة القوى الحليفة والرديفة، في حين تسيطر على التنظيمات الإرهابية والميليشيات المسلحة والمعارضة السياسية حالة من التشرذم والانقسام.

زر الذهاب إلى الأعلى
صحيفة الوطن